علي حيدرقررت الحكومة الإسرائيلية، أمس، بعد مرحلة من التجاذب بين أقطابها، تخصيص المزيد من الأموال للمستوطنات في الضفة الغربية عبر التصديق على إعادة تحديد مناطق الأولوية الوطنية، بتأييد 21 وزيراً ومعارضة خمسة وزراء ينتمون إلى حزب «العمل»، بسبب عدم الاتفاق على ضمّ مدينة عسقلان ومستوطنات أخرى إلى الخريطة الجديدة. وشدد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي استجاب لضغوط حزب «شاس» بضم المناطق التي يسكنها المستوطنون الذين أُخلوا من قطاع غزة إلى خريطة الأولوية القومية، على أنه أُخذ «الاعتبار الأمني» في الحسبان، واصفاً قرار الحكومة بأنه تعبير عن عزمها على «حسم مستقبل المستوطنات» في الضفة الغربية خلال التسوية الدائمة مع الفلسطينيين.
وأضاف نتنياهو، خلال النقاش في الحكومة، أن «هذه الجلسة نعقدها مرة كل ثلاث سنوات ونصف سنة، وأن لها أهمية كبيرة لكونها تمنح الأفضلية للشمال والجنوب»، في إشارة إلى التجمعات السكنية في الجليل والنقب. ولفت إلى أن عدد السكان الذين شملتهم الخريطة، مليونان، من أصل نحو سبعة ملايين يمثّلون عدد سكان إسرائيل.
وكان وزير الدفاع إيهود باراك قد طلب من نتنياهو تأجيل التصويت على الخريطة، مشيراً إلى أن حزبه يسعى إلى منح الأولوية لمناطق بعيدة عن وسط إسرائيل، ولا سيما في الجليل والنقب. وأشار إلى أن بعض المستوطنات الصغيرة في الضفة الغربية تعدّ مصدراً لنشاطات متطرفة، ويجب عدم مكافأتها على ذلك من خلال ضمّها إلى الخريطة.
أما بخصوص أخذ الاعتبار الأمني معياراً لضم المستوطنات إلى الخريطة، فقد أكد باراك أن «الجيش يتعهّد أمن الإسرائيليين في أيّ مكان، وسيواصل القيام بذلك في كل وضع، وفي المستقبل أيضاً». وتابع أن «الوضع الأمني في المناطق أفضل بما لا يقاس عمّا كان عليه في الماضي».
وفي الإطار نفسه، أوضح الوزير بنيامين بن أليعازر أن «الاعتبار الأمني لا ينبغي أن يكون عاملاً حاسماً للانضمام إلى مناطق الأولوية الوطنية، بسبب أن المدن في وسط البلاد ستكون أكثر عرضة للتهديد في أيّ حرب مستقبلية، أكثر من المستوطنات المعزولة».
في المقابل، خاطب وزير المال عن حزب الليكود، يوفال شطاينتس، المستوطنين بالقول «إننا نريد بهذا إفهامهم بأننا نتفهّم مصاعبهم ونريد مساندتهم بعدما قررنا منذ أسبوعين تجميداً (مؤقتاً) للبناء» في الضفة الغربية.
ولفتت الإذاعة الإسرائيلية إلى أن من بين المعايير التي قُدّمت في جلسة الحكومة لضمّ تجمّعات سكنية إلى الخريطة كان الوضع الأمني في المستوطنة والمناعة الاقتصادية والمكانة الجغرافية وعبء الاستيعاب الملقى على عاتقها، وأن من بين المزايا التي ستمنح للمدن والقرى المشمولة ضمن الخريطة الجديدة زيادة ساعات التدريس في المؤسسات التعليمية وتقديم إعفاءات لجزء من رسوم الدراسة في رياض الأطفال. ونقل موقع «يديعوت أحرونوت» الإلكتروني عن مسؤول إسرائيلي في وزارة الخارجية قوله إن رسائل احتجاج وصلت إلى إسرائيل من جهات دولية مختلفة تنتقد الازدواجية في سياسة نتنياهو، لكونه أعلن قبل أسبوعين تجميد الاستيطان لفسح المجال أمام المفاوضات مع الفلسطينيين، ومن جانب آخر يسعى إلى تعزيز المستوطنات. لكنّه أضاف أن مكتب رئيس الوزراء ردّ على هذه الانتقادات بأنّ ضمّ المستوطنات إلى خريطة الأولوية الوطنية لا يشمل إقامة مبان جديدة فيها.
يُشار إلى أن القيمة الإجماليّة للخطة تبلغ نحو 4 مليارات شيكل، موزعة على أربع سنوات، وتضمّ مليوناً و900 ألف مواطن، إلا أنها تضم عدداً كبيراً من مستوطنات الضفة الغربية، ويبلغ عدد المستوطنين المستفيدين من هذا القرار نحو 110 آلاف مستوطن، يقطن معظمهم خارج التكتلات الاستيطانية الكبرى التي تسعى إسرائيل لضمّها إلى إسرائيل في أيّ تسوية دائمة مع الفلسطينيين.