خاص بالموقع- تسير شاحناتهم المحملة بجميع أنواع البضائع على الطريق المؤدية الى قطاع غزة.. إنهم المهربون المصريون، الذين لا يعبأون بالمعلومات عن تشييد سور فولاذي تحت الأرض على طول الحدود بين مصر والقطاع، لمنع بناء الأنفاق ووقف عمليات التهريب.
ويشير أبو خالد الى شاحنته الصغيرة، التي غطّاها بالطين للتمويه، والواقفة إلى جانب الطريق قائلاً «إنها تحمل إسمنتاً». وتخصص هذا البدوى الملتحي في تهريب هذا النوع من مواد البناء إلى غزة عن طريق نفق يديره بنفسه.

ويستبعد الرجل المطلوب من الشرطة، احتمال أن يؤدي بناء سور فولاذي تحت الأرض الى منعه من العمل. ويقول «لن يشكل هذا (السور) مشكلة»، لأن بإمكاننا دوماً أن نحفر الأنفاق على عمق أكبر من عمق هذا السور الجوفي».

ومنذ وقت طويل، تعلّم المهربون الذين انتعشت أعمالهم على الجانب المصري من الحدود، كيف يفلتون من كمائن رجال حرس الحدود. وهم ينظرون بنوع من الاستخفاف الى المعدات الثقيلة، التي يمكن رؤيتها عن بعد، والتي تقوم بدفن ألواح معدنية في الأرض.

ويسخر أحد المهربين، الذي يرفض ذكر اسمه، من المشهد قائلاً «إنهم يأخذون الأموال الاميركية ويلقون بها في هذه الحفر». في إشارة الى المساعدات التي قدمتها الولايات المتحدة لمصر «لمكافحة التهريب» على الحدود مع غزة.

ويعتقد المهرّبون، أنه لا مصر ولا إسرائيل، التي أغلقت حدودها مع قطاع غزة وفرضت عليها حصاراً وتطالب مصر بأن تحذو حذوها، يستطيعان أو يريدان وقف التهريب تماماً الى قطاع غزة، الذي تسيطر عليه حركة حماس منذ عام 2007.

ويؤكد المهربون، أنه حتى لو كانت الأنفاق تستخدم لنقل أسلحة الى غزة، إلا أنها تستخدم كذلك لإدخال سلع أساسية تتيح لمليون ونصف مليون شخص البقاء على قيد الحياة في القطاع.

ويؤكد أبو أحمد، وهو تاجر أسلحة، أن «هناك أسباباً عديدة لكي لا ينجح هذا السور» في منع التهريب، مشيراً الى أن لدى المهربين وسائلهم للاستمرار في ادخال السلع الى غزة.

ويتابع «من قبل كانوا يريدون الاسلحة، أما اليوم فلديهم ما يحتاجون من الأسلحة الخفيفة حتى لو كانت حماس تريد أسلحة من عيار أكبر. وباتت مطالبهم الاساسية اليوم (في قطاع غزة) السلع الغذائية والوقود».

وخلال الأيام الأخيرة، قال سكان في المنطقة الحدودية وشهود ومصادر أمنية مصرية، طلبت عدم ذكر أسمائها، إن أعمالاً لإنشاء سور فولاذي تحت الأرض بدأت بهدف منع حفر أنفاق.

والتزمت الحكومة المصرية الصمت إزاء المعلومات المتعلقة ببناء السور، فيما كانت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أول من يتحدث عن ذلك.

وقال مسؤول أمني مصري في رفح، طلب عدم ذكر اسمه «إذا قلتم إننا نبني سوراً تحت الأرض فلن أمنعكم، هذا يبدو جيداً لنا ويظهر أننا نفعل شيئاً».

ويقول المهربون إنه حتى لو تم بناء هذا السور فلن يمنع الأنفاق التي يقدر عددها بعدة مئات. بل يرى بعضهم أن مثل هذا السور قد يفيدهم لأنه سيؤدي الى رفع أسعار السلع، التي يمكن إدخالها عن طريق الأنفاق القليلة التي ستبقى بعد ذلك.

ويؤكد أبو احمد،الذي كان مدرّساً في السابق، ويعمل بالتهريب، أن البدو سيواصلون العمل في التهريب لكسب عيشهم، طالما أنه يدرّ عليهم دخلاً أكبر من أي عمل آخر.

(أ ف ب)