Strong>عوائق تقنيّة كثيرة... لكن المشكة في النظام2% فقط من الشركات اللبنانيّة استثمرت في منتجات جديدة خلال السنوات الثلاث الماضية، هذه النسبة المنخفضة جداً، تعكس حالة الركود التي يولّدها ضعف الدعم داخلياً، وعراقيل التصريف في الأسواق الخارجيّة. عراقيل طابعها تقني بحسب دراسة جديدة رعتها الأمم المتّحدة، وهي خلصت إلى إنّ المصنّعين يمكن أن يتخطّوها عبر مجموعة إجراءات. ولكنْ للصناعيّين رأي آخر

حسن شقراني
تبرز عراقيل كثيرة على سكّة تطوير القطاع الصناعي في لبنان. فهو أساساً ضعيف بسبب الضربة التي تلقّاها بعد الحرب الأهليّة، وتتراكم المعوقات عليه بسبب فقدان الاهتمام به رسمياً، وضياعه في متاهات الصراعات الداخليّة. النتيجة: قطاع مهمّش ضعيف في التصدير، لمصلحة قطاعات جذّابة طابعها خدماتي أو ريعي.
تحاول وكالة الأمم المتّحدة للتنمية الصناعيّة (UNIDO) تغيير الواقع. ففوّضت، في إطار برنامج «MACLE»، مؤسّسة «InfoPro»، إجراء دراسة تبحث «العراقيل الفنيّة للتجارة» وتحديداً تأثيراتها في صناعة الموادّ الغذائيّة في لبنان.
تعدّ منتجات الصناعات الغذائيّة أساسيّة في بنية الصادرات، حيث مثّلت 9.1% من مجمل الصادرات عام 2008، وبلغت قيمتها 408 ملايين دولار.
وبحسب الدراسة ركّزت الشركات المصدّرة على الأسواق والمناطق التي تضمّ النسب الأكبر من الجالية اللبنانيّة. فـ71% من الشركات استهدفت منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، فيما 56% و52% منها استهدفت منطقتي الاتحاد الأوروبي وأميركا الشماليّة (الولايات المتّحدة وكندا).
فما هي العوائق التي تمثل أمام الشركات على سكّة المضي قدماً ورفع نسبة الصادرات؟

أين الأرباح؟

ترى الدراسة أنّ العائق التقني التجاري الأساسي الذي يمثّل مشكلة هو هامش الأرباح، يليه مباشرةً سعر السوق العالميّة.
وهذان العاملان يشكو منهما دائماً الصناعيّون اللبنانيّون تحديداً بسبب ضعف القطاع في لبنان وإهماله. وإذا كان لا بدّ من ذكر معايير لتحديد التقدّم، فإنّ رئيس جمعيّة الصناعيّين، وزير السياحة فادي عبّود، يتحدّث عن ضرورة رفع الصادرات الصناعيّة بمعدّل 20% سنوياً للتأكّد من أنّ الصناعيّين يصمدون وينافسون في السوق العالميّة على جميع الأصعدة، وعلى رأسها النوعيّة.
أمّا بالنسبة إلى خلاصة الدراسة التي شملت 133 شركة (30 شركة بينها غير مصدّرة)، فهي أنّ المصنّعين اللبنانيّين بدأوا يُنعمون النظر أكثر في «ممارسات التصدير»، وأضحوا «واعين أكثر» للقوانين الإداريّة والتكنولوجيّة التي عليهم احترامها لكي يرفعوا حجم صادراتهم، ويدخلوا أسواقاً جديدة. وهم «يلجأون أكثر فأكثر إلى الخبراء التقنيّين في لبنان» لمساعدتهم على تطبيق معايير الأسواق الخارجيّة.
ليست هذه الخلاصة جديدة، كما هي الحال بالنسبة إلى التوصيات، فهي تتوجّه إلى القطاعين العام والخاص: للأوّل تقول إنّ عليه الإسراع في عمليّة تعديل المعايير وتطبيع أسس الإنتاج مع الأسس العالميّة، إضافةً إلى تفعيل مؤسّسة منح التصديق الوطنيّة (Colibac) التي «ستسهّل التصديق على عمل المختبرات وهيئات الكفالة».
أمّا القطاع الخاص، فمسؤوليّته، بحسب الدراسة، تكمن في تحديد وجهات تصدير بضائعه، كما عليه الاستعداد لازدياد صعوبة المتطلّبات التي تفرضها الأسواق الخارجيّة، إضافةً إلى ضرورة اللجوء إلى برامج المساعدة التي يمكن أن تقدّم خبرات قيّمة.
وفي إطار مؤتمر تقديم الدراسة، الذي رعاه وزير الاقتصاد محمّد الصفدي (من دون أن يشارك الحضور بكلمة تقويميّة)، ساد جوّ بين المنظّمين مفاده أنّه لدى البحث عن حلول لمشكلة الصناعة هناك دائماً تساؤلات وتذمّرات عن فقدان الأرقام، وعدم وجود الدراسات المرشدة.
ولكن هل دراسة تحديد العوائق كافية لتخطّيها؟ يتضح أنّه يجب زيادة الوعي إلى الإحداثيّات الأساسيّة المتعلّقة بالتنافس والنوعيّة، بحسب أحد الموجودين، إضافةً إلى دراسة وتحليل الإحصاءات بدقّة. كما يجب احترام القوانين المتعلّقة بحقوق الصناعيّين. وهنا تُطرح أفكار كثيرة، أبرزها تعكس هواجس الصناعيّين مباشرةً.
«ليس هناك دعم من الدولة لتعريفنا على المستوردين في الخارج، أي البلاد التي تستورد زيت الزيتون»، يحتجّ أحد الصناعيّين في صناعة زيت الزيتون.
يقول إنّ «تحديد العوائق وجميع المسائل الأخرى جيّد، ولكن هناك مسائل أخطر... ماذا عن عدم حماية المنتج الوطني من المنافسة الخارجيّة وتحديداً خلال مواسم الإنتاج؟».
يعترف هذا الصناعي الآتي من الشمال بأنّ «صناعتنا تزدهر حالياً مقارنةً بالسنوات السابقة بسبب جهودنا الخاصّة، وبسبب مساعدة الـ«UNIDO». فبفضلهم نصدّر للخارج»، غير أنّه يعود ويؤكّد أنّ هذه المعطيات الإيجابيّة لا دخل للدولة فيها!
«سأعطيك مثلاً عن معاناتنا» يقول، «لقد مضى 6 أشهر على تقدّمي بطلب إمداد مصنعي بالكهرباء، وحتّى الآن لم يتحقّق شيء. وللمقارنة، كنت أعيش في دبي وعندما طلبت كهرباء حصلت عليها مباشرةً».

ضباب في كلّ اتجاه

صناعي آخر تطرّق إلى المسألة من باب الانتقاد الكلّي. انتقد «غياب تطبيق القوانين، وفي الوقت نفسه ممارساتنا نحن الصناعيّين عبر اختصار الطرق بين الحين والآخر».
أمّا عن واقع المصدّرين وجهودهم «فهم يقومون بجهد شخصي يتمثّل بدراسات السوق الخارجيّة ومعطيات الإنتاج»، وهذه المسألة ليست خاطئة غير أنّها يجب أن تترافق مع حماية ودعم رسميّين.
«مشكلتنا أنّنا نريد كلّ شيء بسرعة، كما أنّ كلّ شيء سينتهي غداً»، يتابع هذا الصناعي. يحذّر من أنّه يجب ألّا يُعوّل كثيراً على الجهود المبذولة حالياً «فنحن يجب أن نراقب كيف تُصرف في السياسة... لا أحد يدري».
هذه الصورة الضبابيّة سيطرت على تصريحات الصناعيّين لـ«الأخبار»، ولكن هناك صناعيّ كان حديثه تهكّمياً لدرجة اليأس حتّى. قال في معرض إجابته عن سؤال بشأن توقّعاته: «أسئلتك التي توجّهها إلي تذكّرني باللحم المصاب بجرثومة السالمونيلا، التي دخلت البلاد من دون أيّ رقابة! هذا ما يجب النظر إليه: فقدان الرقابة».
أضاف: «يجب فعل الكثير من الأشياء، التعاون بين الصناعة والزراعة... ولكن لحظة هل تعتقد بأنّ كلّ الجهود والتعاون ستُثمر في بلد لا توجد فيه كهرباء؟».
كلامه كان الأكثر منطقيّة في الحدث ربّما. فعندما كانت الدراسة تطرح المعايير العالميّة والعوائق التقنيّة أمام التصدير، كان بعض الصناعيّين حائرين. هل يصفّقون في ظلّ عدم وجود كهرباء أو دعم أو أيّ شيء يدفعهم إلى الأمام للحفاظ على إرثهم؟


65 %

نسبة الشركات المستطلَعة آراؤها التي تختبر تغليف منتجاتها. وحوالى 50% من الشركات تستورد مواد التغليف من أوروبا.

33 %

نسبة الشركات التي تنوي التصدير إلى بلدان الاتحاد الأوروبي في المستقبل. تليها نسبة 31% إلى آسيا فـ26% إلى أميركا الشماليّة.



9% مرفوض!