هل تنجح الأبقار حيث فشلت الموسيقى والشاورما؟حسام كنفاني
في مثل هذه الأيام قبل أربع سنوات، أعلن عن دخول رئيس الوزراء الإسرائيلي، أرييل شارون، في غيبوبة طويلة، ليتولّى إيهود أولمرت مهامه. طوال السنوات الأربع، لم يرشح إلا القليل من المعلومات عن الوضع الصحي لـ«البلدوزر»، اللقب الذي يعرّف به.
في الذكرى الرابعة للغيبوبة ظهرت بعض الأخبار. أخبار قد تكون مفاجئة: «شارون يفتح عينيه ويشاهد التلفزيون». المعلومة التي بثها التلفزيون الإسرائيلي، نقلاً عن أطباء، حسمت أن رئيس الوزراء السابق يستفيق، لكنه لم يجزم ما إذا كان واعياً لما يدور حوله.
شارون لا يزال راقداً في مستشفى شيبا في بئر السبع، في غرفة خصّص الأمن الإسرائيلي لها حراسة مشددة. الزيارة ممنوعة، ولا يتم إخراجه من غرفته إلا في ساعات الليل، حيث لا أحد سوى الأطباء والممرضات، ولا يزوره عادة غير مدير مكتبه السابق، صديقه المحامي دوف فايسغلاس، فيما يتناوب أولاده على مرافقته منذ 4 سنوات.
هذه هي المعلومات التي كانت ولا تزال متداولة عن شارون في الفترة الماضية، غير أن جديدها هو ما أعلنه أطباء في المستشفى، وبينهم الطبيب شلومو سيغيف. يقولون «إنهم يفتحون التلفزيون أمام شارون، وأحياناً هو يفتح التلفزيون وينظر إليه، لكننا لا نملك أي برهان على أنه يفهم أو يعي ما يشاهد، وعائلته تعتقد ذلك، ونحن لا نمانع في أن يعتقدوا ذلك».
وذكرت صحيفة «إسرائيل اليوم» أن «عيني شارون مفتوحتان... وأحياناً يوضع أمام جهاز تلفزيون يبث صوراًَ لمناظر طبيعية وحيوانات، وخصوصاً صور أبقار. كذلك، فإن أفراد أسرته يحدثونه في كل يوم عن الأخبار والتطورات الحاصلة، وعن مزرعته التي يحبها. ويقرأون له كتابين بالتوازي، كما كان يفعل هو، ويسمعونه موسيقى كلاسيكية، ويقصّون له شعره عندما يطول، ومن فترة إلى أخرى يحرّك إبهامه عندما يطلب أحدهم منه ذلك».
ونقلت الصحيفة عن الطبيب سيغيف قوله «ليس من الدقة القول إن شارون في حالة غيبوبة، أو على الأقل ليس في حالة غيبوبة عميقة. نحن نشعر بأنه يفهم ويتواصل معنا». وأضاف «إن دقات قلب شارون تسير بانتظام وعلى نحو عادي، وكذلك ضغط الدم عادي»، لكنه لم يفصح عن توقعاته حول طول الفترة التي يمكن شارون أن يصمد خلالها في هذا الوضع الصحي. هذه هي المعلومات الجديدة المتسربة عن الوضع الصحي لشارون. معلومات نادرة لم يسبق أن خرجت معطيات مثلها إلى العلن منذ دخوله في الغيبوبة العميقة في السادس من كانون الثاني 2006، بعد أيام من إدخاله إلى المستشفى إثر عارض صحي.
المعلومات أثارت بعض الصحافيين الإسرائيليين، الذين بدأوا يتحسّرون على «الفراغ الكبير» الذي تركه شارون، مبقين أمل الاستفاقة من الغيبوبة، ومستبعدين في الوقت نفسه عودته إلى الميدان السياسي.
عن الاستفاقة الممكنة، يقول الطبيب سيغيف إن «شارون شخص غير عادي. هناك أشخاص استيقظوا بعد سنوات، لكن للحقيقة أقول إنهم كانوا أكثر شباباً منه».
وإذا كان الطبيب لم يجزم بعدم استفاقة شارون من الغيبوية، إلا أن معطيات وضعه الصحي والعمليات التي خضع لها، تحسم بأنه لن يكون الشخص نفسه الذي دخل إلى المستشفى قبل أربع سنوات. فشارون (82 عاماً) الذي أصيب بنزف دماغي حاد وفقد وعيه قبل أربع سنوات، خضع لعمليات عدة في الرأس لوقف النزف، أدت إلى إصابته بالشلل في نصف جسمه.
وحينها تكهّن أطباء بأن عقاقير منع تجلط الدم التي أعطيت لشارون على مدى الأسبوعين السابقين لدخوله في الغيبوية قد تكون أسهمت في النزف الدماغي. عقاقير جاءت نتيجة لجلطة تعرّض لها شارون في منتصف كانون الأول 2005. غير أن الأطباء لم يتمكنوا من اكتشاف إصابة شارون بمرض الأوعية الدموية في الرأس، الذي لا يسمح معه بتناول أدوية تمنع تخثر الدم.
منذ ذلك الحين، لم تترك عائلة شارون وسيلة إلا جرّبتها لإيقاظه، ومنها قيامهم بتعليق «سيخ شاورما عربية»، وهي الطعام المفضّل لدى شارون، إلى جانب رأسه في محاولة منهم لإيقاظ حاسة الشم لديه، وبالتالي إيقاظه تدريجاً من غيبوبته، إلا أنه لم يستجب لذلك. كما قام نجلا شارون، عمري وجلعاد، بإسماعه مقطوعات موسيقية كلاسيكية كان يحبها.
وإذا كانت الشاورما والموسيقى لم تفلحا في إيقاظه، لا يبدو أن الأبقار، التي تعرض أمام شارون حالياً، ستنجح. ربما عليه العودة إلى الكابوس الذي كان يلاحقه قبل الغيبوبة، والذي كشفت عنه «يديعوت أحرونوت» في ملحق بذكرى عامين على الغيبوبة. إذ ذكرت أنه كان عُرضة يومياً في الأسبوع الأخير قبل دخوله إلى المستشفى لكابوس، فقد كان يرى نفسه قد وقع بأيدي الفلسطينيين الذين اقتادوه عارياً ومقيداً بسلاسل نحاسية، على ظهر مركبة مشرّعة مكشوفة تجوب شوارع غزة.