Strong>مبارك جاهد لتغييب الدور القطري... وسليمان ربط التبادل بالمصالحةإغلاق معبر رفح. جدار فولاذي على الحدود مع قطاع غزّة. منع قوافل المساعدات من الدخول إلى الأراضي الفلسطينية المحاصرة... قائمة طويلة من الممارسات المصرية بحق الفلسطينيين عموماً، والغزيين خصوصاً، تضاف إليها مفاوضات صفقة الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط، التي تؤدي القاهرة دوراً في عرقلتها

حسام كنفاني
قبل أيام، حطّ رئيس الاستخبارات المصرية عمر سليمان في القدس المحتلة. زيارة غير معتادة من المسؤول المصري الرفيع المستوى، ما أطلق التكهنات حول هدف ما يسعى إليه «الضيف» في إسرائيل. التقارير المصرية واكبت الزيارة بالكشف عن أن سليمان يروّج لمقترحات لإتمام صفقة تبادل الأسرى بين «حماس» وسلطات الاحتلال. غير أن الواقع كان مغايراً، بعدما كشف عن أن سليمان كان يسعى إلى عكس ذلك تماماً.
القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي أشارت إلى أن سليمان طلب من محدثيه الإسرائيليين تأجيل توقيع صفقة تبادل الأسرى، لا تسريعه. مصادر مطّلعة على ملف مفاوضات التبادل، أكدت لـ«الأخبار» ورود مثل هذه المعلومات عن غايات الزيارة، مشيرة إلى أن القاهرة ترغب في ربط ملف تبادل الأسرى باتفاق المصالحة الفلسطينية، واستخدامه لدفع الحركة الإسلامية إلى توقيع الورقة المصرية.
غاية، ربما كان قد نجح فيها سليمان مع اندثار الحديث عن قرب إتمام صفقة شاليط، بعدما كانت التقارير تشير إلى «ساعات حاسمة». الغاية قد لا تكون فقط الضغط على «حماس»، بل تتعداه إلى «الدور المصري» في الملف الفلسطيني عموماً، وبـ«ورقة غزّة» خصوصاً. على هذا الأساس، فإن القاهرة غير راغبة في تسجيل الصفقة باسم الوسيط الألماني، الذي استبعدها من المفاوضات.
استبعاد حرصت إسرائيل، وحتى «حماس»، على التغطية عليه بتصريحات علنية تحفظ للدور المصري قيمته «الاسمية»، وهو ما حاولت تل أبيب تسريبه عبر تقسيم صفقة التبادل إلى مرحلتين، الأولى مع نقل شاليط إلى مصر، والثانية بادرة حسن نية «تجاه الرئيس المصري حسني مبارك ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس».
أما «حماس»، فهي تحرص على الثناء على الدور المصري في كل مرحلة من مفاوضات التبادل، رغم غياب هذا الدور. وتؤكد المصادر نفسها أنه على سبيل المثال، القاهرة لم يكن لها أي يد في «صفقة الشريط» الذي خرج بموجبه 21 أسيراً من السجون الإسرائيلية. مع ذلك، أبقت الحركة الإسلامية الدور الافتراضي المصري قائماً.
العرقلة المصرية لملف شاليط لم تبدأ من اليوم، بل قائمة منذ بدء المفاوضات على الصفقة، إذ تسعى القاهرة إلى إبعاد أي طرف يحاول الدخول على الخط. وتشير المصادر إلى أنه في 25 كانون الثاني 2008 عُقد اتفاق بين الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والدوحة على إتمام صفقة التبادل، وبموافقة «حماس»، على أن يُنقل جلعاد شاليط إلى قطر. وما إن علم المصريون بهذا الاتفاق حتى طار مبارك إلى باريس للقاء نظيره الفرنسي، ووضع العصي في دواليب الاتفاق وإخراج الدوحة من الصورة.
ولا تستبعد المصادر وجود صراع داخل النظام المصري على «الورقة الفلسطينية»، مشيرة إلى وصول اقتراحات مختلفة من أطراف في النظام إلى حركة «حماس» لإغرائها بتوقيع اتفاقية المصالحة مع حركة «فتح»، والقبول بصيغة تبادل الأسرى حين كانت القاهرة راعية لها.
أما عن الدور المصري في عرقلة قوافل الإغاثة ومنعها من الدخول إلى القطاع، فالأمر لا يقف عند حدود «شريان الحياة 3» أو غيرها، ولا سيما أن للقاهرة سوابق لم تُعلن في هذا الشأن. إذ لم تكتف باحتجاز البواخر وعرقلة خروجها من المرافئ، بل وصل الأمر إلى حد تغريمها.
على سبيل المثال، فإن قافلة «أميال من الابتسامات»، التي دخلت إلى القطاع في تشرين الثاني الماضي، غرمتها القاهرة 600 ألف دولار نظير بقاء سفينتيها في المرفأ لعشرة أيام، وهي فترة احتجاز الأمن المصري للباخرتين.


أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أول من أمس، أن إسرائيل لم تتوصل بعد إلى اتفاق مع حركة «حماس» على صفقة تبادل الأسرى. وقال، لدى افتتاحه اجتماع الحكومة الإسرائيلية: «ليس هناك في الوقت الحاضر اتفاق، ومن غير الواضح إطلاقاً في نظري أنه سيجري التوصل إلى اتفاق». وربط نتنياهو بين صفقة تبادل الأسرى واغتيال قوات الاحتلال ثلاثة فلسطينيين في مدينة نابلس بقوله إن «الخوف من أن يعود إرهابيون إلى نشاطات إرهابية من الاعتبارات الأساسية في المفاوضات».
وفي السياق، توجه أمس وفد حركة «حماس» برئاسة محمود الزهار من القاهرة إلى دمشق لإجراء مباحثات مع قادة الحركة في سوريا في موضوع العرض الإسرائيلي بشأن صفقة التبادل.
(أ ف ب، رويترز)