عام مضى على عدوان غزة، مع ما حمله من محطّات عسكرية وإنسانية لطرفي المعارك. عام يمثّل فترة كافية لإنجاز الكثير بالنسبة إلى إسرائيل وحركة «حماس»، على حد سواء. تقويم للأداء واستخلاص للعبر أمران لا بد منهما تحسّباً للمستقبل القريب واستعداداً لحرب مقبلة تتردد أصداء قرع طبولها بين الحين والآخر على ألسنة قادة الحركة والمسؤولين الإسرائيليين
أعد الملف: جمانة فرحات
يلقي تقرير لمصلحة «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى» بعنوان «حماس في المعركة: الأداء العسكري لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية»، الضوء على استعدادات طرفي الصراع قبل الحرب، وأدائهما خلالها وما بعدها، في ضوء النتائج السياسية والعسكرية التي أدّت إليها. فكيف استعدّت «حماس» للقتال وكيف أبلت وأين نجحت وأين أخفقت؟

«افتراضات خاطئة»

يشير التقرير، الذي أعدّه النائب السابق لمدير جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) يورام كوهين، والمتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية لبلاد المشرق العربي والعراق وإيران جيفري واين، ونشر في 10 تشرين الثاني الماضي، إلى أنه «في الفترة التي سبقت (عدوان) الرصاص المصهور، يبدو أن القادة السياسيين والعسكريين في حماس صاغوا عدداً من الافتراضات الخاطئة المتعلقة بالصراع مع إسرائيل وكان لها أثرها في الاستعدادات للقتال ضد الدولة العبرية»، وفي مقدّمها:
عدم توقّع «حماس» أن تذهب إسرائيل إلى الحرب وتشنّ عملية برّية كبيرة في أواخر كانون الأول 2008إ إذ توقعت أنه إذا قامت إسرائيل بالهجوم، فسيقتصر ذلك على توجيه ضربات جوية، بسبب العدد الكبير من الإصابات التي قد يتكبّدها جيش الدفاع الإسرائيلي في عملية برية، وخطر أسر جنود إسرائيليين، والانتقادات الدولية التي ستنجم عن سقوط ضحايا من المدنيين في عملية عسكرية برية.
وافترضت «حماس» أن أي عملية ستكون قصيرة الأمد، تدوم لأيام لا أسابيع، بسبب الانتخابات الوشيكة في إسرائيل، ووصول إدارة جديدة إلى البيت الأبيض. كذلك اعتقدت أن السكان الإسرائيليين سيضغطون على حكومتهم لوقف الصراع لأن دولتهم لا تمتلك حلاً للهجمات الصاروخية على الأهداف المدنية، مقلّلةً بذلك من مرونة الجبهة الداخلية الإسرائيلية.
وتوقعت «حماس» أن إسرائيل لن تحصل على دعم دولي وستكون معزولة دبلوماسياً إلى حدّ كبير، فضلاً عن توقع الحركة أنها لن تحارب إسرائيل بمفردها، لاعتقادها أنه بمجرد بدء القتال سينظم سكان الضفة الغربية تظاهرات ضدّ العملية العسكرية. وتوقعوا أيضاً وقوع هجمات مساندة انطلاقاً من جنوب لبنان ـــــ إما من قبل حزب الله أو منظمات فلسطينية أخرى ـــــ فضلاً عن وقوع أعمال شغب واحتجاجات يقوم بها فلسطينيو الـ48.

القوات العسكرية

بعد سرد الافتراضات، ينتقل التقرير إلى تعداد القوة العسكرية للحركة الإسلامية، فيشير إلى أنها تتألف من عنصرين رئيسيَّين؛ قوات المدفعية والقوات البرية.
كانت «كتائب القسام» تقليداً ضعيفاً لحزب الله وليست ندّاً يتطور
القوة المدفعية تقوم على أربعة مكونات رئيسية: إنتاج صواريخ «القسام» في غزة والتي تراوح مداها بين 6 و20 كيلومتراً، إضافة إلى تطوير نوعية الصواريخ، وتطوير رؤوس حربية أكبر ومواد تفجيرية ذات فاعلية أكبر وبمحركات متطورة لزيادة مدى الصواريخ، وزيادة عمرها التخزيني، فضلاً عن استيراد صواريخ إيرانية الصنع من نوع غراد وكاتيوشا يتراوح مداها بين 20 و40 كليومتراً بتهريب مكوّناتها عبر الأنفاق إلى غزة ثم تجميعها، وأخيراً قذائف الهاون من عيار 81 و120 مليمتراً.
وعند بدء الصراع، تركّزت مواقع إطلاق الصواريخ في القطاع الشمالي من غزة. وتحسّباً لمحاولة جيش الدفاع الإسرائيلي تقسيم القطاع إلى مناطق منفصلة، زوّدت «حماس» ألويتها بالذخائر والإمدادات الأخرى قبل اندلاع القتال للسماح لها بالقتال مستقلة، وهو ما ساعد «كتائبَ القسام» على مواصلة العمليات أثناء الحرب. ويُقدَّر أنه كان في حوزة الحركة قبل اندلاع الصراع نحو 1500 صاروخ من كل الأنواع. ويُعتقد أنه كان لدى الوحدات الصاروخية مجموعات من الأهداف معدَّة سلفاً.
أما في ما يتعلق بالقوات البرية، فكان يتوافر للحركة بحدود 15000 إلى 16000 مقاتل، في حال إحصاء كل القوات العسكرية وشبه العسكرية وقوات الشرطة الخاضعة لسيطرتها. وتضم «كتائب القسام»، دائماً بحسب التقرير، نحو 2000 من القوات المقاتلة فعلياً موزعين على ستة ألوية، يضم كلّ منها عدة وحدات على مستوى كتيبة مع عناصر خاضعين لها بمستوى سرية أو فصيلة. وكان كل لواء يضم القوات المقاتلة الآتية: وحدات مدفعية (صواريخ ومدفعية هاون)، وحدات مضادّة للدبابات (صواريخ، وقنابل ذات دفع صاروخي «آر بي جي»، ألغام)، وحدات مضادّة للطائرات (مدافع ميكانيكية ثقيلة)، وقنّاصة، ومهندسين، وجنود مشاة.

خطوط القتال

أثناء القتال، انتشرت ثلاثة ألوية من أصل ستة في الجزء الشمالي من القطاع، عاكسةً أهمية مدينة غزة، حيث تتركز القيادة والمنشآت الحكومية والسكان، ما يجعلها المفتاح للسيطرة على القطاع. انتشر أحد هذه الألوية شمال مدينة غزة، وانتشر الثاني إلى الشرق والثالث إلى الجنوب من المدينة. في المقابل، تمركز لواء آخر في وسط غزة، فيما انتشر لواءان آخران في الجنوب مغطّيان خان يونس ورفح.
وكانت «حماس»، في إطار تخطيطها لصدّ أي اجتياح إسرائيلي واسع النطاق، وبمساعدة من خبرائها الذين يقول التقرير إنهم تدربوا على يد حزب الله، أقامت ثلاثة خطوط دفاعية؛ الأول بني على مسافة 1ـــــ2 كيلومتر من السياج الأمني، حيث خططت «حماس» لاستدراج الجيش الإسرائيلي إلى «مناطق قتل» تتضمن مراكز المراقبة وعبوات ناسفة وألغاماً ومواقع الكمائن ونيران الهاون المضبوطة مسبقاً. وكان الهدف تكبيد الجيش الإسرائيلي إصابات، وعرقلة تقدمه وتأخيره، وربما تحديد نطاق عملياته وتحديد محاور تقدمه سلفاً.
الحركة اعترفت بالأداء المثير للإشكاليات وقد استبدلت بعض قادة الألوية والكتائب
وخلف هذا الخط أقيم الخط الدفاعي الثاني، ويقع عند ضواحي مدينة غزة وخان يونس ورفح ومدينة غزة، أكثر المناطق المحصنة. تمثلت الفكرة في منع الجيش الإسرائيلي من دخول المدن ومن إلحاق إصابات بقيادة «حماس» وببنيتها التحتية. ونُشرت مدافع الهاون الثقيلة (من عيار 120 ملم)، والمدافع الرشاشة، والأسلحة المضادّة للدبابات، والقناصة، ومنفذي العمليات الاستشهادية في كمائن على امتداد محاور التقدم المتوقعة. أما خط الدفاع الثالث فيقع داخل المناطق السكنية، حيث أعدّت «حماس» شبكة معقدة من الأنفاق لنقل المقاتلين والأسلحة وأسر جنود إسرائيليين، وموضعة القناصة، فضلاً عن نظام مدروس من المنازل المفخَّخة. كذلك أُنشئت «مناطق متفجرة» بزرع العشرات من الألغام للإيقاع بالجنود ورجال الإنقاذ الإسرائيليين. ومثّل هذا الخط الخطَّ الدفاعي الرئيسي بهدف وقف أي تهديد لقادة «حماس».

كتائب القسام ومستوى التحدي

يرى التقرير أن «كتائب القسام» أثبتت أنها غير قادرة على هذه المهمة، ولم تقاتل بفاعلية عند الخطين الدفاعيَّين الأول والثاني. وفشلت في الاستخدام المكثف لمدافع الهاون. كذلك فشلت قدرات «حماس» المضادة للدبابات، والتي يُفترض أنها تتضمن نظماً متطورة مثل «أي تي -4 فاغوت». وصحيح أن نظام الألغام والعبوات الناسفة المكثّف أبطأ حركة الجيش الإسرائيلي، لكنه فشل في وقفها أو التسبّب في إصابات.
ويقول التقرير إنه «في وقت مبكر نسبياً من القتال، بدأت الوحدات في الميدان بالانهيار بعد أيام قليلة، ثم تفككت بعد ذلك. وتحت ثقل النيران الإسرائيلية، انسحب مقاتلو كتائب القسام بسرعة نحو المدينة للاحتماء والتخفي».

تقليد حزب الله واستخلاص العبر

يرى التقرير أن «حماس» فعلت كل ما تستطيع لمحاكاة قدرات حزب الله في تموز 2006، فيما عمل الجيش الإسرائيلي جاهداً لتجنّب الوصول إلى النتيجة ذاتها، وأدى في عملية «الرصاص المصهور» أفضل بكثير مما فعل في لبنان، بينما كان أداء «حماس» أسوأ بكثير من أداء حزب الله. ويضيف «كانت كتائب القسام تقليداً ضعيفاً لحزب الله، وليست نداً يتطور».
ويشير التقرير إلى أن الحرب أبرزت بالنسبة إلى «حماس» تحديات عديدة وأثارت أسئلة كثيرة بشأن قدراتها القتالية. ويرجّح أن تحذو «حماس» حذو حزب الله في حيازة مزيد من الصواريخ الأبعد مدى والأكثر دقة والمزوّدة برؤوس حربية أشدّ قوة لتطوير قدرات قوتها الصاروخية. كذلك فإنها على الأرجح ستبحث عن طرق أفضل لحماية قواتها الصاروخية من الهجمات الإسرائيلية.
ويرى التقرير أنه «على الصعيد الدفاعي، ليس لدى حماس ردّ على القدرات الجوية والبرّية للجيش الإسرائيلي. وبما أن خططها للدفاع عن غزة فشلت فشلاً ذريعاً، يمكننا توقع تغييرات في المعدات وفي العقيدة».
ويشير التقرير إلى أن الحركة اعترفت بالأداء المثير للإشكاليات لقادتها ومقاتليها، وقد استبدلت بعض قادة الألوية والكتائب أصلاً. ومن المرجّح أن يُشرع في تدابير أخرى لتطوير «كتائب القسام».


الأرض أدت دوراً

كان لأرض غزة حسنات وسيّئات بالنسبة إلى «حماس». الميزة الرئيسية تمثّلت في الكثافة السكانية في القطاع، ما وفّر الغطاء لعمليات الحركة. ومع ذلك، فإن القطاع يعاني من مساوئ عديدة خطيرة، منها ضيق مساحته، وهو ما حرم الحركة من أي قدرة حقيقية للدفاع في العمق أو مقايضة الأرض بالوقت. إضافة إلى ذلك، فإن سلاح الجو والمدفعية الإسرائيليين غطّيا المنطقة بأكملها من داخل إسرائيل. كذلك فإن مراكز القوة، ومنها مدينة غزة، قريبة من الحدود، ما يجعل المسافة التي يجب على القوات البرّية الإسرائيلية اختراقها تنحصر في بضعة كيلومترات فقط. كذلك وفّرت مسافة 51 كيلومتراً من الأراضي الحدودية و40 كيلومتراً من الشواطئ، مواقع عديدة للقوات الغازية للاقتحام.



هكذا حكمت «عِبر تموز» أداء جيش الاحتلال



خصّص تقرير «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى» حيّزاً كبيراً لتقويم أداء الجيش الإسرائيلي خلال عدوان «الرصاص المصهور»، وكيفية مجاراته للتطورات الميدانية، وأيضاً مسألة استخلاصه للعبر الناتجة عمّا بعد العدوان، استعداداً لأيّ حرب مقبلة
يرى تقرير «حماس في المعركة: الأداء العسكري لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية» أن الجيش الإسرائيلي أعدّ بعناية لعدوان «الرصاص المصهور»، وطور أساليب جديدة لخوض حرب غير متكافئة، بما في ذلك معدات مطوَّرة وتكتيكات وتشكيلات لحرب المدن. كما عزّز قدراته الاستخبارية، فضلاً عن الكشف عن الأنفاق.
ويشير التقرير إلى أن التخطيط لعملية «الرصاص المصهور» تضمن ثلاث مراحل، واعتمدت المرحلتان الثانية والثالثة على كيفية تطور الوضع. واقتضت كل مرحلة في العملية قراراً سياسياً، سمح للحكومة وللجيش الإسرائيلي بالسيطرة على نطاق الصراع.
وتمثلت المرحلة الأولى في العملية الجوية، التي بدأت في 27 كانون الأول 2008. ومثّلت المرحلةُ الثانية التوغل البرّي المحدود، الذي ركّز على الجزء الشمالي من القطاع، وأطلق في 3 كانون الثاني 2009. أهداف المرحلة الثالثة وتنفيذها العملاني كانا متوقفين على كيفية تطور الوضع. وفي النهاية، قررت الحكومة الإسرائيلية عدم تنفيذ المرحلة الثالثة (اجتياح المناطق السكانية).
ويرى التقرير أن «الجيش الإسرائيلي أبلى بلاء حسناً في كل النواحي الرئيسية من تخطيط، وإعداد للقوات، وتحقيق المباغتة، وتنفيذ الخطة الحربية، والتنسيق بين القوات البرّية وسلاح الجو والبحرية، والقيادة الشخصية لقادة الكتائب والألوية، وانضباط الوحدات المقاتلة، والروح القتالية للجنود».
واكتسى الدعم الاستخباري الشديد الفاعلية الذي توافر للقوات العملانية أهمية خاصة. كان التعاون بين الشاباك والجيش قبل الحرب، وفي أثنائها على الخصوص، عاملاً رئيسياً في نجاح العملية.
قبل الحرب، أعدّت الاستخبارات مجموعة أهداف معمقة تشمل قيادة «حماس» وبنيتها التحتية، والنظم القتالية الرئيسية، والقوات، ما جعل من الممكن لسلاح الجو الإسرائيلي توجيه ضربات فعالة في مستهل القتال، فضلاً عن تنفيذ هجمات متابعة.
حصل القادة العسكريون على دفق مستمر من الاستخبارات لمساندة القرارات الفورية في ساحة المعركة، ما أتاح لهم تحديد الأهداف السريعة التخفي وتعقبها وضربها باستخدام مجموعة متنوعة من الوسائل. وكان لذلك دور أساسي في تعطيل عمليات «حماس» الصاروخية، وإفشال نظام الألغام والعبوات الناسفة، ومنع نصب الكمائن والتفجيرات الانتحارية، وجمد ودمر القوات المقاتلة لـ «حماس»، ليترافق ذلك مع عدد قليل جداً من الضحايا في صفوف الجيش الإسرائيلي.

دروس وعبر

خصص التقرير جزءاً منه للإشادة بعمل الجيش الإسرائيلي خلال حرب غزّة. وقارن بينها وبين عدوان تموز 2006، من دون أن يشير إليه صراحة؛ يلفت التقرير إلى أن «عملية الرصاص المصهور لم تكن اختباراً شاملاً لقدرات الجيش الإسرائيلي، وحماس ليست مقتدرة مثل حزب الله، ولا ينبغي بالتالي المبالغة في تقدير أداء الجيش الإسرائيلي». ويضيف إنه «رغم ما تقدم، كان قتال حماس وهزمها أمراً في غاية الأهمية من الناحية العسكرية والنفسية والسياسية، ليس بالنسبة إلى الجيش الإسرائيلي وحسب، بل بالنسبة إلى السكان الإسرائيليين ككل. أظهر قتال حماس وهزمها أن الجيش الإسرائيلي يستطيع أن يتعلم من أخطائه ويقوم بأعمال تصحيحية، وأن الروح القتالية لدى وحدات الجيش كانت قوية، وأن القادة العسكريين يستطيعون إدارة المعارك من الخط الأمامي».
ويرى التقرير أن هذا «مهم بالنسبة إلى أعداء إسرائيل. ففي عملية الرصاص المصهور، كان الجنود الإسرائيليون أكثر اندفاعاً وعزماً من مقاتلي حماس، وكان قادة الجيش الإسرائيلي على خط الجبهة لا في المؤخرة أو في الحصون. وتفوقت أسلحة جيش الدفاع الإسرائيلي وقدرات القيادة. والسيطرة لديه واستخباراته العملانية بدرجة كبيرة على نظيرتها لدى «حماس». وفيما لا يجدر بالجيش الإسرائيلي أن يشعر بالرضى عن ذلك، ينبغي لأدائه في عملية الرصاص المصهور أن يزيد ثقته بنفسه وثقة سكان إسرائيل وقيادتها».

«القوة المفرطة»

يسعى التقرير إلى تبرير سقوط الشهداء بين المدنيين في قطاع غزّة، على اعتبار «أنه عندما تُستخدم أسلحة حديثة بالقرب من مدنيين في العمليات العسكرية، سيؤدي ذلك إلى مقتل مدنيين». يقول «من الواضح أيضاً أن القوة النارية الثقيلة كانت بمثابة قوة لحماية وحدات جيش الدفاع الاسرائيلي في قطاع غزة، ورادعة الهجمات من خلال جعل من الصعب لكتائب القسام الدخول في اشتباكات مع الوحدات الإسرائيلية».

الجولة التالية: عاجلاً لا آجلاً

ويختم التقرير الجزء المتعلق بالجيش الإسرائيلي بالقول «عندما انتهت عملية الرصاص المصهور في كانون الثاني 2009، بدا كأن هناك الكثير من العمل غير المكتمل إلى حد بعيد، ويبدو أن جولة أخرى من القتال أمر مرجح، وربما عاجلاً لا آجلاً. على أن ذلك ليس نتيجة قطعية الآن: فقد عادت حماس إلى الكلام المعسول من جديد، وهي تتودد إلى أوروبا الغربية وإلى الولايات المتحدة، وهي في حاجة إلى فترة من الهدوء لإحكام سيطرتها على القطاع، والتخفيف من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية عن السكان، وإعادة تسليح قواتها العسكرية وتجهيزها. وهي لا تزال تُسكت نيران الصواريخ، ولا تُظهر أي ميل للسماح لمنظمات أخرى بجرّها إلى أزمة أخرى. وهذا يناسب أيضاً الحكومة الإسرائيلية في الوقت الحالي، رغم أنّ داخل إسرائيل بالتأكيد أشخاصاً يرغبون في إنهاء ما بدأته عملية الرصاص المصهور. لكن ثلاث سنين تقريباً من الهدوء في جنوب لبنان أثبتت أن وقفاً لإطلاق النار مع خصوم غير متكافئين يمكن أن يصمد لبعض الوقت، حتى وإن لم يُحدث أي تغيير أساسي في المواقف أو السياسات أو النوايا. إن القتال ينفّس الاحتقان، وهذا الاحتقان يحتاج في العادة إلى بعض الوقت ليتصاعد من جديد. والأهم من ذلك تعرّض الخصم للضربات من غير إبداء ردّ يُلزمه بتوخي الحذر».