strong>تسرّب الواردات من ساحل العاج قد يكون بسبب قلّة الخبرةقدّم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى مجلس الأمن تقريراً عن تجارة الماس من ساحل العاج، ومراكز تصنيعه وتجارته. عنوان التقرير «ماس تمويل النزاعات»، أو “الماس الدموي”. تضمّن فصولاً عن علاقة التجار في لبنان والإمارات العربية المتحدة تحديداً بسوق الأحجار الكريمة في تلك الدولة الأفريقية

نيويورك ــ نزار عبود
ناقش مجلس الأمن الدولي في جلسة عقدت أخيراً، تقرير بان كي مون، الذي تحدّث عن غموض كبير حيال تجارة الماس، التي تخضع للرقابة بموجب قيود فرضها المجلس لمنع تمويل تسليح المجموعات المتمرّدة. وأعرب التقرير عن القلق من أن الإمارات تحديداً لم تجب عن استفسارات طرحها فريق التحقيق الدولي منذ العام الماضي.
وفيما كان تعاون إسرائيل غير مرض مع اللجنة، التي بدأت عملها في 12 كانون الثاني الماضي، خلص التقرير إلى أنّ تجّار الماس اللبنانيّين ربما تعرّضوا للخداع من جانب تجار آخرين ضخّوا كميات من الماس في غينيا، أكبر مصدر لواردات لبنان من الماس الخام.

دول كيمبرلي

ويعتقد الفريق الذي أعدّ التقرير أن سنوات عديدة من الاستقطاب بين الشمال والجنوب في ساحل العاج، غذّت الأزمة الداخلية بتوتّرات جديدة، ولم يستبعد نشوء حالة قد يتصاعد فيها العنف المسلّح بسرعة، وخصوصاً في الشمال، في حال تدهوُر الوضع السياسي في البلد، وهدّدت الأحداث المصالح الاقتصادية لبعض الأطراف.
وتناول التقرير تجارة الماس في لبنان من باب المراكز الدولية. وأوضح أنه لشحنات الماس قيمة عالية، غير أنّها شحنات صغيرة الحجم وغير قابلة للكشف بأجهزة التصوير بالأشعة السينيّة. وهذا ما يسهّل نسبياً إخفاء نقل الماس عن سلطات الجمارك. وأشار إلى أنه إضافةً إلى الطرق البرية المعروفة، هنالك خطوط جوية مباشرة بين ساحل العاج وما لا يقلّ عن 3 دول مشاركة في عملية “كيمبرلي” للتثبّت من منشأ الماس، هي: الإمارات وبلجيكا ولبنان.
ففي بلجيكا، البلد الوحيد الذي لديه وحدة شرطة خاصة للتحقيق في الأنشطة المتعلقة بتجارة الماس، تعدّ مدينة “أنتورب” أكبر مركز لتجارة الماس في العالم.
وسبق للشرطة الاتحادية البلجيكية أن أجرت تحقيقاًً لضمان الامتثال للرقابة التي فرضتها الأمم المتحدة على تجارة الماس الخام انطلاقاً من ساحل العاج. وأدّى هذا الأمر إلى مقاضاة إدارة شركة «بيري دايمندز».

لبنان

وبالنسبة إلى لبنان، انطلق التقرير من حجم الجالية اللبنانية الكبير في ساحل العاج، وقدّره بـ100 ألف نسمة. ولفت إلى أن لبنان يتمتع بعلاقات تجارية مهمّة مع هذا البلد الأفريقي، وهو أساساً كان مركز تجارة اﻟﻤﺠوهرات في الشرق الأوسط، غير أن الحرب الأهلية دفعت تجّار الماس إلى الانتقال إلى مراكز أخرى، مثل بلجيكا، أو إلى التخلي عن معاملهم. وفي غرب أفريقيا، بسط رجال الأعمال اللبنانيون سيطرتهم على رواسب الماس في سيراليون، وفي جمهورية الكونغو الديموقراطية.
13 تاجراً لبنانياً مسجّلين رسمياً وشركة واحدة تستورد الماساً خاماً من غينيا
وبغضّ النظر عن الحرب الأهلية، ساعد دخول بيروت إلى أسواق الماس في مختلف أرجاء العالم على دعم المؤسسات العاملة في المدينة في مجال تصنيع اﻟﻤﺠوهرات. وعقب انتهاء الحرب، اتخذ لبنان التدابير اللازمة للانضمام مرة أخرى إلى مصافّ الناشطين في صناعة الماس على الصعيد الدولي. وفي عام 2005 أصبح مشاركاً في نظام عملية كيمبرلي لإصدار شهادات المنشأ. وفي الوقت الراهن، قدّر التقرير عدد تجار الماس في لبنان بـ١٣ تاجراً مسجّلين و“معتمدين من وزارة الاقتصاد في لبنان”.
وتحدث التقرير عن زيادة صادرات الماس الخام الغيني إلى لبنان. وأوضح أن «التحليل الذي أجراه الفريق على صادرات الماس القادم من غينيا يشير إلى زيادة كبيرة في صادرات الماس الخام إلى لبنان”. ورأى أنه “رغم تقيّد الصادرات الغينية بأنظمة عملية كيمبرلي لإصدار شهادات المنشأ، فإن الفريق يعتقد أن ثمة خطراً يتمثّل في احتمال احتواء هذه الصادرات على الماس الخام من ساحل العاج”.

الجمارك والشركة الواحدة

ورأى التقرير أن “سلطات الجمارك في مطار بيروت تتمتع باطّلاع واسع على تجارة الماس الخام”. وأوضح أنه “منذ انضمام لبنان إلى عملية كيمبرلي، صادرت سلطات الجمارك في المطار 4 شحنات مستوردة ومصدّرة، وينظر القضاء اللبناني حالياً في هذه القضايا الأربع».
وتبيّن أيضاً أن الفريق الأممي أجرى تحقيقاً في الواردات اللبنانية من الماس الخام المستورد من غينيا بعد صدور تقارير إعلامية عديدة عن “واردات ماس لتمويل النزاع من ساحل العاج إلى غينيا”. وأشار التقرير إلى أن ضعف نظام غينيا للمراقبة الداخلية «يجعل لبنان وجميع البلدان الأخرى المستوردة للماس من غينيا عرضة للسقوط في الاستيراد غير المقصود للماس الخام من ساحل العاج».
وأَولى الفريق اهتماماً خاصاً لحجم الصادرات من غينيا إلى لبنان وللنظام المنسّق لتوصيف السلع الأساسية وترقيمها من أجل تصنيف أنشطة تجارة الماس الخام. وقال، “لا يسمح التاريخ القصير للتجارة بين البلدين بإجراء تحليل طويل الأمد لديناميات هذه التجارة”. ومع ذلك، أبلغ منسّق “عملية كيمبرلي” في بيروت الفريق بأن شركة واحدة تستورد الماس الخام من غينيا ابتداءً من نيسان 2007. وقد استوردت هذه الشركة عام 2008 نحو 62% من حجم صادرات غينيا من الماس موزوناً بالقيراط، وهو ما يزيد على 8.1% من قيمة إجمالي صادرات غينيا من الماس الخام. ويشير التقرير إلى وجود نقص في الخبرة الفنيّة اللبنانيّة في التعرّف على الماس، وخصوصاً تحديد جودته، ويقول إنّ “هذا لا يقتصر على لبنان وحده. فالعديد من المشاركين في عملية كيمبرلي يرون أن رموز النظام المنسق تتّسم بالصعوبة”.
ورغم اعتماد بعض المشاركين على الاستشاريّين المختصين لتحديد قيمة الماس، فإن مشاركين آخرين يضطرون إلى الاعتماد على الخبرة المحلية، أو تنقصهم الخبرة تماماً. وهذا يعني أن العديد من شحنات الماس الخام لا تُصنّف تصنيفاً صحيحاً. ويخلص المفتشون في تقريرهم إلى أن لبنان يمكن أن يكون ضحية لتسرب الماس من ساحل العاج إلى سوقه، وإلى سوق غينيا ببساطة بسبب غياب الخبرة. وعزا التقرير هذا إلى ضعف نظام غينيا للمراقبة الداخلية، وإلى كون لبنان أكبر مستورد للماس الخام الغيني موزوناً بالقيراط.
وشدّد على أنّه “ما لم يختتم فريق الخبراء العامل المعني بالماس تحليله لتعدين الماس في غينيا، فلن يتضح ما إذا كان لبنان أو مشاركون آخرون في عملية كيمبرلي، قد استوردوا مباشرةً الماس الخام من ساحل العاج».


1.94 مليون قيراط

هو حجم صادرات غينيا من الماس إلى لبنان عام 2008 وفقاً لبيانات “عملية كيمبرلي”، وتبلغ قيمتها نحو 5.5 ملايين دولار مقارنةً بصادرات عام 2007 بلغ وزنها 391964 قيراطاً وقيمتها مليون دولار، ما يمثّل زيادة سنويّة نسبتها من حيث الحجم تبلغ 397%


الإمارات ترفض التعاون