هولوكست ثقافية
إيمان بشير
لديّ صديقة أميركية أتت إلى بيروت لكتابة رسالة دكتوراه عن أثر الصراع العربي الإسرائيلي في وضع اللاجئين الفلسطينيّين في لبنان. سارا سألتني يوماً بإستغراب: “أصحيح أنهم لا يتحدثون عن فلسطين في مدارس الأونروا؟”، أجبتها إنهم أصدروا قراراً بذلك، لكن الأساتذة الذين التزموا القرار قليلون. مع العلم أن المناهج اللبنانية هي المُعتمدة في مدارس الأونروا، بحيث لا يذكر شيء عن تاريخ العرب بعد اتفاق سايكس بيكو!
تقول سارا إن المناهج الأميركية تعتمد كتاب “مذكرات آن فرانك” للصفوف المتوسطة. و“آن فرانك” مراهقة يهودية كتبت مذكّراتها لإطلاع العالم على الإبادة التي كان يتعرض لها يهود ألمانيا النازية. لكن الأسوأ، عندما قرأت أخيراً في أحد المواقع الإلكترونية أنه فُرض على المدارس العربية في ما يُسمى “دولة إسرائيل” إدخال الهولوكوست ضمن المناهج المدرسية، مع العلم أن المدارس العربية لها مناهج خاصة. والأكثر سوءاً أن مدارس الأونروا في مناطق السُلطة فرضت إدخال دروس تتحدث عن الهولوكوست. لا أدري ما صحة هذا الكلام، لكن ألا يُعدّ هذا إسهاماً في طمس الهوية؟ أفهم أن يفرض الإسرائيليون مناهجهم الأشبه بغسيل الأدمغة، على العرب في فلسطين المحتلة. فمنها ما يقول إن الإسرائيليّين كانوا موجودين في فلسطين حتى قبل النكبة، وإن النكبة كانت مجرد حرب دينية! واضطر العرب (أو المسلمون؟) إلى مغادرة فلسطين لأنهم جبناء هربوا بعد إلقاء اليهود قنابل صوتية على أحيائهم!
لا أدري ما هو موقف وزارة التعليم في رام الله ممّا قيل بالنسبة إلى مدارس الأونروا هناك، ولست أدري ما المانع إذا أدخلت مدارس الأونروا في لبنان صفوفاً خاصة تحكي عن تاريخ فلسطين وجغرافيتها بدلاً من صفوف التربية البدنية والموسيقى. فاللياقة البدنية يكتسبها الأولاد في الشارع، كما أنهم لا يستطيعون بالأغلب اقتناء آلة موسيقية. أمّا أن تكون فلسطين ممنوعة من الذكر أو التذكر في مدارسها، فما هو اسم ذلك؟