strong>الهيئات الزراعية تطالب بخطّة للقضاء على بؤر تزوير زيت الزيتونيستمر مزارعو زيت الزيتون في الكورة برفع أصواتهم للمطالبة بحمايتهم من تجار الزيت المستورد الذين يخفصون أسعار تنكة الزيت إلى درجة تمنع مزارعي الزيتون من منافستهم بسبب ارتفاع كلفة الإنتاج، أما الأسوأ فهو الزيت المزوّر الذي يجتاح السوق اللبنانية من دون تحريك أيّ ساكن من الجهات الرقابية!

الكورة ــ فريد بو فرنسيس
«حرام أن يكسد زيت الكورة المشهور في براميل حديدية داخل الأقبية في معظم منازل الكورة، ونحن اليوم على عتبة قطاف موسم جديد» يقول جرجي زيدان، وهو يجلس قرب محطة البنزين عند مدخل بلدة أميون في جو بارد وعاصف. ويضيف «لم نجد أحداً يهتم بأمر مزارعي الزيتون في الكورة، لقد أصبحنا بحاجة إلى حماية من التجار كي نستطيع أن نتنعّم بأرزاقنا، زراعة الزيتون أصبحت مكلفة جداً وكلفة اليد العاملة مرتفعة أيضاً، وبدلاً من أن تقف الدولة إلى جانبنا وتحمينا من السماسرة ومافيا الزيت، نجدها تسهّل لهم عملية الاستيراد من الخارج بحجة أن الزيت في لبنان لا يكفي الاستهلاك المحلي»... ولا تقف المسألة عند هذا الحد، إذ يؤكد تجمع الهيئات الزراعية في الكورة أن لبنان هو حالياً مركز مافيا تزوير الزيت العالمية، وأن معظم الزيوت التي يمنع استهلاكها في دول العالم تدخل إلى لبنان من دون قيد أو شرط. ورأى التجمع خلال اجتماع رأسه رئيس لجنة الزيتون في اللقاء الوطني للهيئات الزراعية في لبنان، عضو مجلس إدارة الاتحاد الوطني العام للجمعيات التعاونية في لبنان جورج قسطنطين العيناتي أن بعض التجار الذين يطلبون زيادة كميات الاستيراد يمثلون الورقة المشبوهة التي تشكل التهديد المجرم لزراعة الزيتون وللاقتصاد اللبناني، ولا سيما أن الزيت الذي يستورده هؤلاء التجار ينقسم إلى قسمين: قسم متدني الجودة، ويعدّ من نفايات زيوت العالم التي سحبت من بلدانه المتحضرة لاحتوائه على مواد مسببة للسرطان، وهذا الزيت يسوّق داخل لبنان ليقتل من بقي من الشعب اللبناني. أما القسم الآخر فيعاد تصديره باسم الزيت اللبناني زوراً!
فقد دعت الهيئات الزراعية إلى ضرورة الشروع بتنفيذ خطة وطنية للقضاء على بؤر تزوير زيت الزيتون كحملة إتلاف زراعات المخدرات. وطالبت مصلحة حماية المستهلك بضرورة الاستعانة بمديرية الاستخبارات في الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية للكشف عن بؤر تزوير زيت الزيتون ومداهمتها، علماً بأن الأمم المتحدة أقفلت عدداً كبيراً من هذه المصانع في أكثر من بلد منذ عشرات السنين فتحولت هذه العصابات إلى لبنان، كما دعت الهيئات الزراعية النيابة العامة الاستئنافية إلى وضع عقوبات صارمة على جرائم تزوير الزيت لأن عملية تزوير الزيت بمواد مسببة للسرطان هي عملية قتل جماعي...
الزيت الموجود في قضاء الكورة هو وحده قادر على تلبية حاجة السوق المحلية في كل لبنان
ويرى العيناتي في حديث مع «الأخبار» أن المؤامرة على قطاع الزيتون الوطني تصب في خانة ضرب القطاعات المنتجة، وتهدف إلى قتل الزراعة اللبنانية والحياة الإنسانية معاً. «لهذا فهي من أخطر المؤامرات الإرهابية على الوطن»، معتبراً أن هذه المؤامرة تهدف إلى تهجير المزارع من أرضه من أجل شرائها بأبخس الأسعار. وذكّر العيناتي أن سهل زيتون الكورة كان المصرف الزراعي الأهم في لبنان وأن إنتاج شجرة الزيتون هو الذي بنى البيوت وموّل دورة الحياة وأمّن العلم وخرّج الآلاف من حملة الشهادات في الكورة، «ولن نقبل أن تتحول شجرة الزيتون إلى عبء على الوطن والمواطن خدمة لعصابات استيراد وتزوير زيت الزيتون في لبنان ومن يسوّق لها في دوائر الدولة».
وبينما يشرح المزارع وجدي مخايل أن زيت الزيتون مكدّس بالبراميل، ويوجد في قضاء الكورة حوالى خمسة عشر ألف تنكة زيت، يرى أن فرض عشرين دولاراً على تنكة الزيت المستورد كافٍ للحد من هذه الفوضى. وهذا الموضوع يثير غضب زيدان كذلك، الذي يشير إلى أن الزيت المزور يباع في السوق اللبنانية بأسعار ضئيلة، فيما كلفة تنكة الزيت الواحدة أصبحت بحدود الخمسين دولاراً، ويسأل «كيف يمكن أن أبيعها بأربعين ألفاً أو ستين ألف ليرة؟».
ويقول جورج خوري إن زيت الكورة مكدّس في الخوابي منذ عام 2006 ولا من يسأل أو يبادر إلى مساعدة المزارع الكوراني، «بينما نرى الدولة تساعد معظم المزارعين في لبنان عند كساد أي موسم كالتفاح والبطاطا وغيرها وهي تبادر على الفور إلى دفع المساعدات لأولئك المزارعين». ويسأل خوري «لماذا يقولون دائماً إنه لا يوجد زيت في السوق، وإن الدولة سوف تسمح بالاستيراد لتلبي حاجة السوق؟ فالزيت الموجود في قضاء الكورة هو وحده قادر على تلبية حاجة السوق المحلية في كل لبنان»، ويسأل «ماذا نفعل نحن بالزيت الموجود عندنا؟ هل نرميه في الشارع»؟
وأشار إلى أن التجار يخططون لخفض أسعار الزيت حتى يبيعوا ما لديهم، و«هم بالتالي يحرموننا من أن نبيع زيتنا»، داعياً الدولة إلى أن تمنع الاستيراد وأن تمنع الغش بالزيت الناتج من تلوينات يضعونها في الزيت، وهو يضرّ بصحة المواطنين ويسبّب السرطان.
ويوضح جرجي سالم، وهو صاحب معصرة للزيت، أنه يوجد في أميون موسم دائم للزيتون، ولا يكفي أن البراميل مكدسة، ويستورد التجار الزيت من الخارج وذلك بموافقة الدولة، بل إن التجار يعقدون صفقات في ما بينهم على حساب المزارع الكوراني لكي يشتروا منه الزيت بسعر رخيص جداً، «فإذا قصدهم المزارع، فذلك يعني أنه بحاجة إلى المال، عندها يبدأون بالتحكم في الأسعار، فيطلبون أن يشتروا صفيحة الزيت بأقل من 50 دولاراً»... ويتذكر سالم أن مواسم الزيتون في الكورة هي التي بنت كل هذه المنازل، «وكنا نعلّم أولادنا في أفضل المدارس ومعظمهم تخرجوا بشهادات ودراسات عليا، نحن اليوم نشعر بأننا متروكون لقدرنا، لم نجد أي مسؤول في القضاء أو خارجه تحدّث ولو لمرة واحدة عن موضوع الزيتون ومشاكله، فيما كل المنازل في الكورة تحوي براميل زيت». ويلفت إلى أنه اضطرّ إلى بيع بعض من صفائح الزيت لأصحابه كي يوسع المكان داخل المعصرة لوضع الزيت الجديد، ويشدد على أنه هناك دراسات في لبنان أثبتت أن زيت الكورة يكفي كل لبنان لمدة أربع سنوات، ويستغرب «لماذا تشتري الدولة اللبنانية زيتاً من سوريا أو تونس عن طريق هؤلاء التجار للجيش، لماذا نطعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية زيتاً مغشوشاً مستورداً، ولا نطعمهم زيت الكورة؟»، داعياً وزارة الاقتصاد إلى الكشف على الكميات الكبيرة من الزيت الموجودة لدى المزارعين وأخذ عيّنات منها لإثبات جودتها المرتفعة والعمل على تسويقها داخلياً.


%20

هي النسبة التي تمثّلها زراعة الزيتون من إجمالي الإنتاج الزراعي في لبنان، إلا أن الإهمال الرسمي المتمادي للقطاع يهدد بتراجع زراعة الزيتون، وبالتالي انخفاض حجم زيت الزيتون المحلي لمصلحة إغراق لبنان بالزيت المستورد


محميّون وحامون!