تبدو الأجواء الحالية في قطاع غزة مشابهة لتلك التي سبقت الحرب الإسرائيلية الأخيرة في 27 كانون الأول الماضي. هذه الإشارات التي تنذر بحرب جديدة، في ظلّ تدعيمها بتهديدات وتحريض متصاعد من مستويات قيادية عديدة في دولة الاحتلال ضد حركة «حماس»
غزة ــ قيس صفدي
تشير تقديرات في إسرائيل إلى احتمال تجدد الحرب على غزة في الذكرى الأولى للحرب السابقة، في وقت تؤكد فيه حركة «حماس» أن «هناك شيئاً ما يهيّأ ضد غزة» وتعدّ العدّة لمواجهته.
وكشف نائب وزير الدفاع الإسرائيلي، ماتان فلنائي، النقاب عن «أن الدوائر الأمنية تعدّ العدّة من الناحيتين الهجومية والدفاعية للتعامل مع احتمال تزوّد حركة حماس بصواريخ بعيدة المدى». وقال، في تصريحات للإذاعة العبرية أمس، إن «حماس تلقّنت دروس العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة وهي تحاول حالياً تجنب مواجهة أخرى مع إسرائيل»، غير أنه أكد أن «حماس تجري مع ذلك استعداداتها لخوض مواجهة مستقبلية». وتنسجم تهديدات فلنائي مع تصريح لرئيس أركان الاحتلال غابي أشكنازي، بأن «المعركة المقبلة التي سيشنها الجيش الإسرائيلي ستكون أيضاً في قطاع غزة».
هذه التهديدات سبقها تحريض لرئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية اللواء عاموس يدلين بزعمه أن «حماس» أجرت أخيراً تجربة على إطلاق صاروخ بمدى 60 كيلومتراً يطال وسط إسرائيل، وخصوصاً مدينة تل أبيب، وأن مخزون الصواريخ الحالي لدى «حماس» أكبر مما كان عليه قبيل نشوب الحرب في نهاية العام الماضي.
وفي السياق، كتب المحلل العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، ألكس فيشمان، المقرب من قيادة الجيش الإسرائيلي، أن «القيادة الأمنية (في إسرائيل) لا تسأل ما إذا كانت ستقع مواجهة عسكرية أخرى مع حماس في قطاع غزة وإنما متى، والعدّ التنازلي بدأ عندما أجرت حماس تجربة على صاروخ إيراني طويل المدى حلق مسافة 60 كيلومتراً». ورأى أنه «بذلك تكون حماس قد طبقت إحدى العبر المركزية التي استخلصتها من عملية الرصاص المصهور، ومفادها ما لم يكن بأيديهم صواريخ تهدّد تل أبيب فإنه لن يكون لديهم أي ورقة حقيقية يؤثرون بواسطتها على الرأي العام في إسرائيل».
بدوره، أشار المحلل العسكري في صحيفة «معاريف»، عوفر شيلح، إلى أن «حماس» أجرت تجربة على قذيفة صاروخية يصل مداها إلى 60 كيلومتراً، وقال إن «أهمية هذه القذيفة الصاروخية لا تتعلق بمداها الطويل فقط، بل بقدرتها على حمل 90 كيلوغراماً من المتفجرات، ولذلك فإن الأضرار التي تحدثها أكبر بكثير من الأضرار التي تحدثها صواريخ القسام».
أما «حماس» فأكدت، من جهتها، أنها لا تستخف بالتهديدات الإسرائيلية، ولا تستبعد شن حرب ثانية على غزة، بحسب عضو المكتب السياسي للحركة خليل الحية، الذي قال إن «هناك شيئاً ما يُهيّأ ضد غزة»، مستدركاً «لكن لا أستطيع أن أتوقع حرباً خلال يوم أو سنة».
ونفى الحية علمه بأن «كتائب عز الدين القسام»، الذراع العسكرية للحركة، أجرت تجربة ناجحة لإطلاق صاروخ يصل مداه إلى 60 كيلومتراً، واصفاً هذه المعلومات بأنها «فبركات إعلامية» من قبل إسرائيل لحرف النظر عن تقرير غولدستون.
وفي الشأن الداخلي الفلسطيني، طالب الحية القاهرة بدعوة الفصائل الفلسطينية وتسجيل ملاحظاتها على الورقة المصرية، مبدياً استعداد حركته لإبداء مرونة جديدة لنجاح المصالحة، ومشدداً على أن «حماس» غير معنية بالصدام مع مصر ولا بتخريب العلاقة معها. ورحب الحية بموقف السلطة الفلسطينية الحالي برفض استئناف المفاوضات مع استمرار الاستيطان، وأعرب عن الأمل في «أن تبقى السلطة على هذا الموقف تماماً»، مشدداً على أن أميركا لم تقف يوماً من الأيام في جانب الحق الفلسطيني.