strong>300 طن من الزهور تُستورد سنوياً بسبب ارتفاع الكلفة شتاءًتتميز زراعة الزهور والورود في لبنان بوفرة الإنتاج، ويمتلك المزارعون القدرة على مضاعفته 4 مرات إذا وُجدت أسواق للتصريف، لكن القطاع لم يتمكن بعد من فتح الأسواق الخارجية، إذ يتعرّض لمنافسة قوية فيها، وهذا يؤدي إلى تلف نحو 30 ألف زهرة يومياً، فيما يستورد التجار نحو 300 طن بسبب ارتفاع كلفة الإنتاج شتاءً

محمد وهبة
لا تزال زراعة الزهور وتجارتها في لبنان رائجة بسبب مستوى الربحية المرتفع، على الرغم من أنها تواجه ارتفاع كلفة الإنتاج ونسبة التلف المرتفعة بسبب عدم وجود سوق تصديريّة، كما أنها تعاني ضيق السوق المحلية وعشوائية الإنتاج الناتجة من ضعف الإرشاد الزراعي، ما أدّى إلى انقراض صناعات مثل «ماء الورد» و«ماء الزهر».

استيراد موسمي

يستورد لبنان نحو 301 طن من الزهور سنوياً قيمتها 2.167 مليار ليرة بحسب الإحصاءات الجمركية لعام 2008، وفي الأشهر التسعة الأولى من السنة الجارية استورد بما قيمته 1.740 مليار ليرة، وهي قيمة المستوردات لنحو أربعة أشهر يتوقف فيها الإنتاج المحلي (بين أول كانون الأول و21 آذار)، وهي الفترة الوحيدة التي تزيد كلفة الإنتاج فيها كثيراً، إذ يحتاج نمو الزهرة إلى الضوء لفترة تتراوح بين 10 ساعات و12 ساعة يومياً، فيما ضوء الشمس يكون أقل من 8 ساعات يومياً، ما يضطر المزارع إلى استخدام ضوء الكهرباء على كل المساحة المزروعة، ما يزيد الكلفة كثيراً.
ويستهلك اللبنانيون نحو 36.5 مليون زهرة سنوياً، أي في سوق تبلغ قيمته 22.8 مليار ليرة دولار، إذ تتراوح قيمة الزهرة الواحدة بين 250 ليرة وألف ليرة بمعدل 625 ليرة للزهرة الواحدة، ويُلبّى معظم الطلب من الإنتاج المحلي، إذ تُزرع في لبنان معظم أصناف الورود والزهور، وقد كان هناك 6 «مزارعين ــــ تجّار» رئيسيين في القطاع في نهاية عام 2006 وارتفع العدد اليوم إلى أكثر من 12 مزارعاً ــــ تاجراً، وبات هؤلاء «يعانون ضعف السوق الاستهلاكيّة وتضخم حجم الإنتاج»، بحسب ما يقول نائب رئيس بلدية العدوسية المشهورة بإنتاج الزهور، الياس منصور، والمؤشر الأساسي على هذا الأمر هو معدّل التلف الكبير في الزهور بين فصلي الصيف والشتاء، إذ يبلغ 30%.

الأسواق المناسبة للتصريف

تمثّل الكميات التالفة، فائضاً كان يمكن تصديره لو أتيحت الفرصة والأسواق المناسبة، إذ لم تفلح كل المحاولات لفتح بعض الأسواق الخارجية وحماية الإنتاج المحلي. ويشير رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين، أنطوان حويك، إلى أن فكرة تطوير القطاع كانت تقوم على إنشاء «سوق أوبشن» كتلك المنشأة في هولندا، في مقابل مضاعفة الإنتاج 4 مرات والتصدير إلى الخارج، وخاصة إلى بلدان الخليج، «فتوصلنا مع الرئيس رفيق الحريري إلى تحديد الكرنتينا كسوق محليّة إلى جانب سوق الخضر. في المقابل، كنا نحتاج إلى خفض كلفة الشحن الجوّي التي تبلغ 1.27 دولار لكل كيلوغرام، من أجل تعزيز قدرتنا التنافسية وخفض كلفة التصدير، فتوصلنا إلى اتفاق مع شركة TMA ولكنها لم تفِ بوعودها ولم تلبّ أي حجز بذريعة أن طائراتها غير متوافرة، وذهبنا إلى شركتي كارغو لوكس وKLM، إلا أننا لم نستفد من أي منهما، وأخيراً وصلنا إلى اتفاق مع شركة «الميدل إيست» التي خفضت رسوم الشحن بنسبة 35% إلى 0.85 سنتاً لشحن الكيلوغرام الواحد».
لكن المفاوضات لإنشاء «سوق أوبشن» فشلت في ذلك الوقت، إذ «حوربنا بذريعة أن غالبية مزارعي الزهور لهم انتماء واحد»، وحُصر دعم التصدير بـ«إيدال» وبرنامج دعم الصادرات الزراعية (600 ألف ليرة لكل طن)، غير أن المنافسة الخارجية كانت أقوى ولا سيما من هولندا وإسرائيل والهند وباكستان... وحالياً هناك الأردن ومصر.
رغم اضمحلال السوق التصديريّة تضاعف عدد المزارعين ــ التجار
وفي هذا الوقت كان الاتحاد الأوروبي قد تمكّن من فرض شروطه والإبقاء على رسم منخفض على تصدير الزهور والشتول إلى لبنان، ففي عام 2000 خفضت الرسوم الجمركية على استيراد الزهور من 70% إلى 30%، فاشتكى المزارعون من الأمر وضغطوا باتجاه إعادة الرسم إلى المستوى السابق، فجرى تحضير مشروع مرسوم بالأمر، ولكن الاتحاد الأوروبي اعترض في عزّ مفاوضات لبنان للانضمام إليه، فاستُثنيت دول الاتحاد من المرسوم الذي أعاد الرسوم الجمركية إلى مستواها السابق (70% على استيراد الزهور و30% على شتول الزهور).
في المجمل، كانت النتيجة أن لبنان لم يتمكن من فتح أسواق خارجية، ويلفت منصور إلى أن المزارعين «انشغلوا في السنوات الماضية بمنافسة المستوردات من مصر والأردن الآتية خاصة عبر إسرائيل»، إلا أن حويك يقول إن «مصر تحولت اليوم إلى منافس رئيسي يزرع ويصدّر بكلفة متدنية تنافس الزهور اللبنانية في الخارج»، فاقتصرت الصادرات اللبنانية على بعض بلدان الخليج بوتيرة منخفضة، إذ بلغت قيمتها في نهاية عام 2008، نحو 622.2 مليون ليرة أو 218 طناً اتجهت إلى الإمارات والسعودية وقطر والأردن.
ويلفت منصور إلى أن الكميات المصدّرة تعود إلى شركات لبنانية لديها فروع في بعض دول الخليج، أو بعض الأثرياء اللبنانيين في الخليج الذين يشترون الورد اللبناني في مناسبات خاصة مثل الأعراس والأعياد الدينية (الأضحى والفطر)، وفي عيد الأم ورأس السنة...

مستوى ربحية مرتفع

وعلى الرغم من اضمحلال السوق التصديريّة ومن عدم نمو الاستهلاك المحلي في السنوات الثلاث الأخيرة واستقراره على 100 ألف وردة يومياً، إلا أن عدد المزارعين ــــ التجار تضاعف من 6 إلى 12، طمعاً بمستوى الربحية المرتفع، إذ تباع الوردة الواحدة بالجملة بين 250 ليرة وألف ليرة، بنسبة ربحية تصل إلى 150% بحسب النوع، وهناك مزارع واحد (حنا القزي) لديه نحو 30% من السوق (زراعة واستيراداً)، فيما يتقاسم 11 منهم الـ70% الباقية، علماً بأن مزارعي الزهور والورد هم أنفسهم التجار الذين يستوردون الكميات اللازمة في فصل الشتاء.
لكن عدم معرفة المزارع بمتطلبات السوق، وغياب الإرشاد الزراعي الرسمي، أدّيا إلى «موت» صناعات زراعية تقوم على الزهر والورد، فلم تعد هناك مصانع «ماء ورد» و«ماء زهر» في لبنان بسبب عدم زراعة الورود اللازمة وطغيان استيراد «الاسنس، أو المادة المركّزة» على هذه الصناعة، حتى أن الورود المستعملة في خلطات الزهورات هي هنديّة وباكستانيّة الأصل، علماً بأن زراعتها في لبنان سهلة لأنها «ورود بريّة».


191 طن زهور

هو حجم استيراد لبنان
من 4 بلدان تمثل نحو 64.5% من مجمل المستوردات، كالآتي: 46 طناً من تايلاند قيمتها 457 مليون ليرة، 57 طناً من هولندا قيمتها 481 مليوناً، 34 طناً من مصر قيمتها 122 مليوناً، 54 طناً من السعودية قيمتها 394 مليون ليرة



أصناف الإنتاج اللبناني