تجدّد التلويح أمس باحتمال استقالة محمود عباس إذا فشلت الجهود الأميركية لتحريك عملية السلام، في وقت كشفت فيه مصادر مطّلعة أن أبو مازن بدأ جولة في الضفة هدفها منع تفوّق رئيس حكومته سلام فياض عليه شعبياً
رام الله ــ أحمد شاكر
غزة ــ قيس صفدي
لمّح كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، أمس، إلى أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، الذي أعلن سابقاً أنه لن يترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، يمكن أن يستقيل من دون انتظار الانتخابات، إذا فشلت الجهود الأميركية لتحريك عملية السلام مع إسرائيل.
وأوضح عريقات أن «الرئيس لا يناور ولن يبقى رئيساً لمجرد أن يكون رئيساً»، بل «يريد أن يكون رئيساً لدولة فلسطين لأن الشعب الفلسطيني انتخبه رئيساً لمشروع دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية». وشدد عريقات على أن ما يقوله عن احتمال استقالة عباس هو «رأيه الشخصي، إذ إن عباس لم يبلغ حتى الآن أي مسؤول فلسطيني بالخطوات المقبلة التي ينوي اتخاذها».
إلا أن مسؤولاً فلسطينياً، طلب عدم الكشف عن اسمه، أكد أن الخطوات المقبلة لعباس هي «الاستقالة من منصب الرئاسة»، محذّراً من خطر انهيار السلطة، قائلاً «لن تكون هناك مؤسسات حكومية فلسطينية، ولن يكون هناك داع لحل السلطة، بل إن السلطة ستنهار بمجرد استقالة أبو مازن». وكان عباس قد التقى أمس مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، روبرت سيري. كما تلقى اتصالين هاتفيين من الملك الأردني عبد الله الثاني والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، الذي حثّه على العدول عن قراره بعدم الترشح لولاية ثانية. وأوضح الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، أن ساركوزي عرض على عباس أفكاراً ينوي مناقشتها اليوم مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي سيزور باريس.
من جهته، شدد مبعوث الرباعية الدولية إلى الشرق الأوسط، طوني بلير، في مقابلة أجرتها معه إذاعة الجيش الإسرائيلي، على أن «إعلان عباس رغبته بعدم ترشيح نفسه ليس خدعة سياسية، بل هو تعبير عن إحباطه وإحباط الشعب الفلسطيني بشكل عميق من الطريق المسدود التي وصلت إليها العملية السياسية».
وبالتزامن مع حديث المسؤولين الفلسطينيين عن رغبة عباس بالاستقالة، كشفت مصادر فلسطينية موثوقة، لـ«الأخبار» أمس، عن أن عدداً من كبار مساعديه نصحوه بالاهتمام بالزيارات الداخلية التفقدية لمحافظات الضفة الغربية والقدس بعد انقطاعه عنها منذ انتخابه عام 2005. وأشارت المصادر إلى أن مستشاري أبو مازن رفعوا توصية تدعوه لزيارة محافظة أو اثنتين كل شهر، وذلك لمزيد من التقارب مع الناس ولكي لا يكسب رئيس الحكومة سلام فياض مزيداً من النقاط، بعدما تبيّن أن زيارات الأخير للمحافظات أدت إلى ارتفاع نسبة الراضين عن أداء حكومته، في مقابل تقلص أعداد مؤيدي عباس.
في هذه الأثناء، كشف القيادي في حركة «فتح»، محمد دحلان، عن أن السلطة الفلسطينية تدرس «فكرة إعلان الدولة من طرف واحد وفكرة التوجه إلى مجلس الأمن الدولي لتحديد حدود الدولة الفلسطينية التي سنتفاوض على إقامتها على جميع الأراضي الفلسطينية التي احتلت منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية». ورأى أن «هذا الخيار سيضع الإدارة الأميركية أمام اختبار حقيقي، لإظهار أن كلامها عن الدولة الفلسطينية ليس مجرد شعارات».
في المقابل، انتقد المتحدث باسم «حماس»، سامي أبو زهري، ما وصفه بـ«تبادل» عريقات وعضو الكنيست الإسرائيلي، شاؤول موفاز، «التلويح بورقة حماس في وجه بعضهما البعض لتحسين الوضع التفاوضي للسلطة». ووصف إقحام الحركة في الجدل الدائر بين السلطة وحكومة الاحتلال بأنه «سياسة غير نظيفة لن تتورط فيها حركة حماس»، مشدداً على أن «الحركة لن تتفاوض مع الاحتلال، كما أنها لن تكون طوق النجاة لفريق أوسلو». وفي ما يتعلق بحديث عريقات عن استقالة عباس ونقل صلاحياته إلى رئيس المجلس التشريعي، عبد العزيز دويك، رأى أبو زهري أن «هذا التصريح لا يعكس احتراماً لصلاحية المجلس التشريعي، وإنما محاولة لإلقاء كرة اللهب الناتجة من فشل مسيرة التسوية في حجر حركة حماس».
في غضون ذلك، طالبت الجبهة الديموقراطية السلطة الفلسطينية والدول العربية برفض دعوة نتنياهو إلى العودة للتفاوض من دون شروط.
من جهةٍ ثانية، اتهمت «حماس» الأجهزة الأمنية الفلسطينية باعتقال 6 من أنصارها في الضفة، فيما اتهم المتحدث الرسمي باسم «فتح»، فهمي الزعارير، الحركة الإسلامية بأنها تشنّ حملة اختطافات في صفوف كوادر «فتح» في غزة، لمنع أي نشاط لإحياء الذكرى الخامسة لوفاة الزعيم الراحل ياسر عرفات.