حيفا ـ فراس خطيبإسرائيل تستهدف اللغة العربية متعمدة إدخال أخطاء في الكتب الدراسية الموجهة إلى فلسطينيّي الـ48، وتحديداً الأطفال منهم. خلاصة توصّل إليها مؤتمر «تعلّموا العربيّة وعلّموها النّاس» الذي نظمّته «جمعية الثقافة العربية» في مدينة الناصرة. وكشفت الجمعية عن وجود أربعة آلاف خطأ لغويّ خلال مراجعة أعدّتها لبعض كتب تدريس الصف الثاني الابتدائي التي تصدرها وزارة المعارف الإسرائيلية.
من يقرأ التقرير الشامل يكتشف نهجاً لم تلده الصدفة، وحتى لو أراد المرء الابتعاد عن «نظريات المؤامرة» فإنَّ ما يراه سيقوده حتماً إلى اتجاه تفكير واحد: ما يجري اليوم هو نتاج لسياسة تجهيل متعمدّة من القائمين والمسؤولين عن هذه الكتب، وعلى هذا يتربّى الأطفال الفلسطينيون في المدارس.
وترى أوساط فلسطينيي الـ48 أنّ هذه القضية لا تقتصر على «مجرد أخطاء» بمقدار ما تندرج ضمن استهداف ممنهج، دفعت الأديب حنا أبو حنّا إلى وصف النتائج بأنّها «أشبه بزلزلة يجب أن تستثير كل مؤسسة وكل فرد للتعاون وتضافر الجهود لتغيير الوضع»، لأن «أساس بناء التعليم في المدرسة العربية «عائب، وكتب التعليم حافلة بالأخطاء غير المطبعية والمطبعية».
كذلك وجدت الباحثة روزلاند دعيم أنّ مؤلّفي الكتب يتبعون أساليب واستراتيجيات تعليمية متناقضة. ووضعت المديرة العامّة لجمعية الثقافة العربية، روضة عطا الله، التجاوزات الإسرائيلية المتعمدة في إطار سعي دولة الاحتلال للسيطرة على آفاق تطوّر المجتمع الفلسطيني ولتكوين وعي «عربي إسرائيلي» يعزّز «تبعية المجتمع الفلسطيني للمشروع الصهيوني، ولأجهزة الدولة العبرية».
ورفض الدكتور إلياس عطا الله، أحد أبرز الباحثين في اللغة العربية لدى فلسطينيي الـ48، «الادّعاء أنّ الأخطاء مراتب ودرجات»، معتبراً «أنّ تعريض الطّفل لهذا الكمّ الرهيب من الأخطاء في كتابة الهمزة والتاء المربوطة والهاء، وفي الصرف، والنحو، يؤتي أُكُلَه سُمّاً». وأوضح أن الأخطاء الإملائيّة والنّحويّة والصّرفيّة والأصواتيّة واللّغويّة المعجميّة، لم تشمل قطع همزة الوصل الأولى إملاءً، ولا وضع تنوين الفتح على الألف، مؤكداً أنه لو شُملت هاتان الظّاهرتان الخطيرتان لزادت الأخطاء على 4000.
ولا يمكن اعتبار كتب الأدب التي تتوجّه إلى الأطفال أفضل حالاً. ووفقاً للباحث زاهي سلامة، فقد سُجّل العديد من التجاوزات، في مقدمتها تكرار ظاهرة الخلط بين همزة الوصل والقطع، متسائلاً عن «الأسباب التي تدعو إلى عدم تصحيح التلف ما دمنا قد تنبهنا إلى وجوده؟».
أمام هذه الوقائع، لم يجد المؤتمر مفراً من التوصية بالتعامل مع الأخطاء اللغوية، ومع مضامين تعليم اللغة العربية في كتب التدريس في المدارس العربية في إسرائيل، كنهج متعمّد ومرفوض، والعمل على دراسة إمكان تفعيل المسار القضائيّ لتصويب الأخطاء وتغيير الوضع القائم. وأوصى بمراجعة المناهج الجديدة لتعليم اللغة العربيّة لتبنى على مضامين تربويّة تتلاءم مع هويّة الطالب القوميّة وخصوصيّته الثقافيّة. وحثّ مؤسّسات المجتمع الوطنيّة وأحزابه على زيادة الاهتمام بنوعيّة المناهج ومضامينها ضمن نضالهم من أجل تحسين ظروف التعليم العربيّ وجودته.