أثارت الأزمة الماليّة العالميّة، التي تحوّلت إلى أزمة اقتصاديّة ومسّت جميع مناطق الأرض تقريباً، سخط الشعوب على المصارف والمؤسّسات الماليّة الكبرى لدورها في اندلاعها. وما زاد الطين البلّة هو أنّ تلك المؤسّسات حظيت بمساعدات حكوميّة استثناتئيّة، وخصوصاً في الولايات المتّحدة كي لا تنهار. الأنكى هو أنّ حتّى تلك المساعدات خُصّصت أجزاء منها لتسديد رواتب وتعويضات خياليّة كانت مقرّرة، ما يعني أنّ أموال دافع الضرائب الأميركي، ومن ورائه جميع البشر، المخصّصة لمعالجة الأزمة كانت تذهب إلى أحد المشاركين في افتعالها.المصرف الأميركي العملاق، «Goldman Sachs»، الذي استفاد كثيراً من ضخّ السيولة في الأسواق خلال العام الجاري بعد وصوله إلى شفير الهاوية، حاول إظهار بعض الجوانب الأخلاقيّة في المهنة وقدّم اعتذاره على ممارساته التي ساهمت في اشتعال الأزمة.
ففي مؤتمر مخصّص للشركات في نيويورك، قال المدير التنفيذي للمصرف، لويد بلانكفاين، «شاركنا في مسائل كانت خاطئة بوضوح ولدينا أسباب للندم. نحن نعتذر».
وتمنّى بلانكفاين لو أنّه لم يقل لصحيفة «Sunday Times» البريطانيّة أنّ مصرفه يقوم بـ«عمل الله»، معتبراً أنّه يقصد مزاحاً فقط بتلك العبارة. بعدما كان المراقبون قد أغرقوا المصرف والقيّمين عليه بسيل من الانتقادات.
وليس واضحاً كم يرغب المصرف في التكفير عن ذنوبه، وخصوصاً أنّ التعويضات المخصّصة لموظّفيه خلال عام 2009 يمكن أن تصل إلى حوالى 22 مليار دولار أي أقلّ بقليل من الناتج المحلّي اللبناني. وهي بلغت في الأشهر التسعة الأولى 16.7 مليار دولار.
وتحدّث بلانكفاين قبيل إعلان مصرفه عن برنامج بقيمة 500 مليون دولار يُنفّذ خلال السنوات الخمس المقبلة، يخصّص لدعم 10 آلاف مؤسّسة أميركيّة صغيرة عبر ثقافة الأعمال وتقديم المساعدات التقنيّة إضافة طبعاً إلى الرأسمال.
وسيكون المستثمر العملاق المساهم في المصرف، وارن بافيت، عضواً في وحدة الرقابة على البرنامج، وهو قال لصحيفة «Financial Times»، إنّ هذا الإجراء يُعدّ ردّاً على أحاديث المنتقدين. وقال إنّ «البرنامج مبادرة كبيرة. وهذا ليس مغامرة ليوم واحد أو عام واحد، إنّه برنامج متواصل».
(الأخبار)