الهاشمي ينقض قانون الانتخابات والمالكي يتّهمه بـ«تهديد الديموقراطيّة»باريس ــ بسّام الطيارة
بغداد ــ الأخبار
كان الرئيس العراقي جلال الطالباني ووزير خارجيته هوشيار زيباري مشغولين بأحاديث الشركات والملايين في باريس، أمس، بينما خطف نائب الرئيس طارق الهاشمي الأضواء بنقضه قانون الانتخابات الذي «لم ينصف المهجّرين»، في خطوة أثارت غضب رئيس الحكومة نوري المالكي وقلقه، حيث ناشد البرلمان إعادة إقرار القانون.
وقال زيباري، لـ«الأخبار» في باريس، في حديث على هامش زيارة السيدة العراقية الأولى هيرو إبراهيم أحمد إلى «معهد العالم العربي»، إنّ فرنسا «تؤيّد خروج العراق من أحكام وتبعات البند السابع» من ميثاق الأمم المتحدة، مشيراً إلى أن بغداد «خضعت لأكثر من ٧٣ قراراً أممياً، وبالتالي فإن وقت إلغائها قد حان».
ورداً على سؤال عما آلت إليه المطالبة بلجنة تحقيق دولية بالتفجيرات التي شهدتها العاصمة العراقية في الشهرين الماضيين، شدّد زيباري على أن حكومته «لا تتهم سوريا بالوقوف وراء التفجيرات، بل نتهم قيادات عراقية مقيمة في سوريا مطلوبة للقضاء العراقي والدولي». وكشف عن أن «الأمم المتحدة أرسلت المسؤول فيها أوسكار فيرنانديز ترانكو لتسلّم الوثائق التي جمعتها الحكومة العراقية»، موضحاً أنه سيرفع تقريره إلى الأمين العام بان كي مون. وأصر زيباري على تصميم حكومته على تأليف «لجنة حقائق دولية» للكشف «عن الأشخاص والدوافع لهذه الانفجارات ومن يقف وراءها».
ولم يتردّد رئيس الدبلوماسية العراقية في تشبيه اللجنة المطلوبة بـ«لجنة غولدستون»، معتبراً أن الآلية سوف تقود نحو رفع تقرير إلى مجلس الأمن «الذي يمكنه أن يؤلف أو لا، محكمة دولية» شبيهة بالمحكمة الدولية لجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وفيما أكّد وجود «توافق عراقي على هذه المسألة»، اعترف بأن الأمر «لم يكن كذلك في البداية إلا أنه تغيّر الآن».
وفي السياق، أشار خبير مقرب من هذا الملف إلى أن القيادة الفرنسية «ليست متحمسة للذهاب بعيداً فيه»، وخصوصاً بعدما «دخلت علاقتها مع دمشق في مرحلة التعاون النسبي حالياً».
على صعيد آخر، علق زيباري على توقيع اتفاق مع نظيره برنار كوشنير وآخر أبرمه وزير الدفاع عبد القادر العبيدي مع نظيره هيرفيه موران، لافتاً إلى أن بلاده تتطلع إلى «إعادة العهد الذهبي لهذه العلاقات (مع فرنسا) واستعادة مجدها»، ومن هنا يندرج سعي بغداد لعقد «اتفاق استراتيجي مع باريس» في مجموعة من المجالات مثل النفط، داعياً العملاق الفرنسي «توتال» إلى المشاركة في استثمار القطاع النفطي العراقي الغني.
وفي الشأن العراقي الداخلي، نقض الهاشمي قانون الانتخابات «جزئياً»، وهو ما أثار حفيظة خصومه في العملية السياسية، حيث بادر رئيس الوزراء نوري المالكي لدعوة البرلمان إلى رفض النقض، بينما أعلنت مفوضية الانتخابات وقف «جميع أنشطتها واستعداداتها» التي تهدف إلى إجراء الانتخابات في موعدها الأصلي بين 18 و23 كانون الثاني المقبل.
وبرّر الهاشمي، في مؤتمر صحافي في بغداد، نقضه للمادة الأولى من القانون بأنها «لا تعطي مقاعد تتناسب مع أعداد العراقيين في الخارج»، مشترطاً زيادتها من خمسة في المئة من عدد أعضاء مجلس النواب، إلى 15 في المئة في مقابل توقيعه على النص.
تجدر الإشارة إلى أن تقارير كثيرة تؤكد أن العدد الأكبر من العراقيين المقيمين في الخارج، هم من العرب السنة الذين فروا من العراق بعد إطاحة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، واندلاع أعمال عنف طائفية في البلاد غداة الاحتلال.
وحاول الهاشمي التقليل من تأثير هذا الاعتراض على موعد الانتخابات، قائلاً إن نقضه «يجب ألا يعطّل الإعداد لها أو أن يؤدي إلى تغيير موعد إجرائها»، مستبعداً أن يستغرق تعديل القانون «وقتاً طويلاً».
وبموجب اعتراض الهاشمي، يجب أن يُعاد القانون مجدداً إلى البرلمان لتعديل المادة التي اعتُرض عليها والتصويت عليها ثانية، أو الإصرار على النص الأصلي بالغالبية العادية. أما إذا رفض القانون مرتين من مجلس الرئاسة، فيجدر أن يصرّ عليها النواب حينها بغالبية الثلثين.
وعلى الفور، أصدر المالكي بياناً دعا فيه البرلمان إلى رفض مقترح الهاشمي، واصفاً سلوك نائب الرئيس بأنه «تهديد خطير للعملية السياسية والديموقراطية».
وجاء في بيان المالكي أنه «فوجئ بإعلان النقض للقانون، الأمر الذي يعدّ تهديداً خطيراً للعملية السياسية والديموقراطية، ولم يقم على أساس دستوري متين ولم يراع المصلحة الوطنية العليا».
وحثّ «ممثلي الشعب في مجلس النواب» على «عقد اجتماع عاجل لتأكيد قرارهم إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، وأدعو الشعب العراقي إلى الوقوف إلى جانب مجلس النواب لتفويت الفرصة على أعدائه وأعداء العراق الذين يحاولون استغلال مثل هذه الفرص لتعطيل مسيرته الديموقراطية».
ورغم مطالبة رئيس الحكومة، مفوضية الانتخابات بالمضي قدماً في إكمال عملها، إلا أنها أعلنت، على لسان رئيسة الدائرة الانتخابية فيها حمدية الحسيني، «إيقاف جميع نشاطاتنا وتحضيراتنا لإجراء الانتخابات نتيجة لقيام مجلس الرئاسة بنقض قانون الانتخابات».
وقالت الحسيني «نحن بانتظار تسلّم القانون المصدّق عليه من مجلس الرئاسة مع مرسوم جمهوري يحدد موعد إجراء الانتخابات في الموعد المحدد».