OPP يشكو تزايد واردات الدفاتر المدرسية مناشداً الحمايةمحمد وهبة
المصانع تقفل تباعاً... هذا واقع قائم منذ سنوات، العمال يخسرون وظائفهم، والريع يتفشّى كالسرطان في الاقتصاد، فيما الحكومة تقف إلى جانب الاستيراد، وعلى عكس الدول الأخرى، ترفض اتخاذ أيّ إجراء حمائي، ولو مؤقّتاً... فبعد إفلاس مصنع «يونيسيراميك»، وقع الدور هذه المرّة على مصانع الورق، إذ إن استيراد الدفاتر المدرسية يتزايد على حساب الإنتاج المحلي، الذي يبحث عن متنفّس في الأسواق الخارجية! وتفيد الإحصاءات أنه بين عامي 2007 و2008 تزايد استيراد الدفاتر بنسبة 59.4% من الصين وإندونيسيا والبرازيل... وفي عام 2009 ارتفعت صادرات فرنسا والمملكة المتحدة وماليزيا إلى لبنان. هذه الدول بدأت تأخذ حصصاً في السوق على حساب المصانع المحليّة، فإلى متى يستمر هذا الوضع؟
في عام 2000، جرى خفض الرسم الجمركي على كثير من السلع المستوردة، وبينها الدفاتر، التي باتت تخضع لرسم بنسبة 20%، فبدأت شركات التجارة تتمادى في الاستيراد من الخارج لزيادة حصّة الكميات المستوردة من مجمل المبيعات في السوق المحلية. وقد حاولت بعض مصانع الورق التي تنتج الدفاتر، تقديم دعوى «تزايد في الواردات» لدى وزارة الاقتصاد عام 2002، إلّا أن الدعوى لم تُقبل، وقيل للمصانع الثلاثة التي وقّعت وثيقة الدعوى، وطلب التحقيق في تزايد استيراد الدفاتر من الخارج (OPP، غندور، ربّاط)، إن «الدعوى المقدّمة تشير إلى تزايد يقلّ عن 35%، وحتى نقبلها يجب ألّا يقلّ التزايد عن 50%»، واستمر تكرار محاولات هذه المصانع من دون أي نتيجة... حتى بلغ معدل التزايد في الواردات بين عامي 2007 و2008 نحو 59.4%، بحسب إحصاءات الجمارك اللبنانية، التي تشير إلى ارتفاع القرطاسية الورقية التي تحمل الرمز الجمركي «482020» من 397 طناً إلى 633 طناً.
في حينه، أي في نهاية عام 2008، كانت أرقام المبيعات المحليّة تُظهر تراجع حجم إنتاج الصناعة المحليّة بنسبة 28.75% جرت تغطيتها بدفاتر مستوردة، إذ بلغ مجمل حجم هذه السوق 2600 طن من الورق، قيمتها توازي 4.5 ملايين دولار، وكانت حصّة المستوردات من مجمل السوق تبلغ 21.5% عام 2006، أي ما يوازي 972 ألف دولار، ثم ارتفعت إلى 35% في 2008، أي ما يوازي 1.5 مليون دولار.
بعد ظهور هذه الوقائع، لم تدخل كل المصانع، الكبيرة والصغيرة منها، في عملية تقديم شكوى، باعتبار أن الملفات التي أُعدّت عام 2006 أخذت وقتاً طويلاً، وأسئلة متزايدة من وزارة الاقتصاد، من دون أن تُقبَل على الأقل. ولذلك قرر رئيس شركة الشرق «OPP»، زياد بكداش، تقديم الشكوى وحيداً في نيسان 2009، مصرّحاً عن أسماء المصانع المؤيدة لرفع الدعوى، وتلك المتضررة من تزايد الواردات.
ويوضح بكداش لـ«الأخبار» أن أربعة مصانع ورق كانت تستحوذ على الحصّة الأكبر من مبيعات الدفاتر في السوق المحليّة، وهي: الشرق، غندور، باسيل إخوان، ربّاط للصناعة، وتصل حصتها إلى 80% من الاستهلاك المحلي، أما النسبة الباقية فهي تتوزع على شركات مثل «PAPEC»، «زياد مبسوط»، «ESCO»، «الشركة اللبنانية لمصنوعات الورق... فضلاً عن بعض المطابع الصغيرة التي تنتج كميات صغيرة.
لكن ما يخيف مصانع الورق فعلياً، هو الوتيرة التصاعدية لمبيعات الدفاتر المستوردة، وسرعة استحواذها على حصّة في السوق، في مقابل كساد الإنتاج المحلي. إذ تراجعت حصّة المصانع الأربعة الكبيرة إلى أقل من 60% حالياً، فيما يؤكد بكداش أن القطاع خسر حصّة سوقيّة تقدّر بنحو 20% سنوياً، ما دفع المصانع إلى التخفيف من إنتاجها، الذي يمكنه أن يصل إلى 3500 طن سنوياً، بدلاً من الحجم الحالي البالغ 2200 طن (8 ساعات عمل يومياً فقط).
وبحسب الدعوى المقدمة هناك نحو 6 شركات تعمل بهذه التجارة مثل «valisa»، أبو صالح، «crisly»... وبحسب إحصاءات الجمارك في

تراجعت حصّة المصانع الأربعة الكبيرة إلى أقل من 60% حالياً

الأشهر الثمانية الأولى من السنة الجارية، فهي استوردت نحو 527 طناً قيمتها 1.040 مليون دولار (سعر الاستيراد قبل كلفة التخليص والتوزيع والأرباح) من الدفاتر المدرسية والجامعية والمحاسبية من دول عدة كالآتي: إندونيسيا (45%)، البرازيل (21%)، الصين (20%)، فرنسا (9%)، ماليزيا (2%)، المملكة المتحدة (2%)، مختلف (1%). علماً بأنه في عام 2007 جرى استيراد 397 طناً كالآتي: الصين (23%)، البرازيل (23%)، فرنسا (16%)، إندونيسيا (15%)، سوريا (6%)، إيطاليا (4%)، ماليزيا (3%)، المملكة المتحدة (3%)، تونس (1%).
على الرغم ممّا يعدّه بكداش «أدلّة دامغة» على وجود التزايد في الاستيراد بوتيرة سريعة جداً خلال سنة واحدة، فإن وزارة الاقتصاد، ولا سيّما المسؤولين عن متابعة التحقيق في الملف، وهم موظفون من جانب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، يسألون الكثير «عمّا لا يمكننا الإجابة عنه، وليس من اختصاصنا كشركات قطاع الخاص»، بحسب تعبير بكداش، «ففي المرة الأخيرة وجّهوا إلينا سؤالاً عن أسعار المستورد، وعن أسعار الجملة للتجار، فالموضوع من اختصاص الإدارة الرسمية، التي يمكنها أن تطلب أسعار استيراد أي سلعة مسجلة في بلد معين ليس لديه رسوم جمركية مثل دبي، ومقارنتها بالأسعار التي تقدّمها الشركات المستوردة، التي يعمد بعضها إلى «التلاعب بأسعار الاستيراد ليخفّف قيمة الرسم الجمركي».
ويوضح أنه طلب، بناءً على التحقّق من تزايد الواردات، الحماية عبر فرض رسم نوعي، إضافةً إلى زيادة الرسم الجمركي الحالي، لمدّة لا تقل عن خمس سنوات، وأن يصار بعدها إلى خفضها بصورة تدريجية، ما يسمح بتوفير فترة كافية لإعادة تنشيط السوق المحلية وهيكلتها، بعد إعادة تأهيل المصانع وتحديثها لتخفيف أكلاف الإنتاج، وبهدف تحسين حصّتها في السوق المحليّة، وقدرتها التصديرية إلى الأسواق الخارجية.


627 طن دفاتر

هو مجمل مستودرات 5 دول في 2008 (إندونيسيا، برازيل، صين، فرنسا، ماليزيا)، وتمثّل 24.1% من الاستهلاك المحلي بقيمة استيراد 1.020 مليون دولار


2.721 مليون دولار

هي قيمة صادرات الدفاتر في عام 2008، بزيادة قيمتها 1.107 مليون دولار، ونسبتها 67% عن صادرات عام 2007 البالغة 1.644 مليون دولار


10%

هي نسبة نمو مبيعات الدفاتر، التي كان يقدّرها أصحاب مصانع الورق المحليّة سابقاً، لكن مجمل مبيعاتها تراجعت لمصلحة المستوردات

مخالف للمواصفات


يقول صاحب شركة الشرق «OPP»، زياد بكداش، في الدعوى المقدمة إلى وزارة الاقتصاد، إن المنتج المستورد أقل كلفة، أي إن قدرة شركات الاستيراد على المنافسة محلياً أكبر، إذ إنها تبيع بأسعار أقل «ما يضطرّنا إلى خفض أسعارنا»، فيما بعض الشركات تستورد بضاعة مخالفة للمواصفات، إن لجهة سُمك الورق والغلاف، أو لنسخ منتجات محلية مسجلة في وزارة الاقتصاد وتقليدها