العلايلي: السماح بمخالفة البناء يكرّس ظاهرة سلبيّة
جاء اقتراح القانون الذي قدّمه النائب روبير غانم إلى مجلس النواب، والرامي إلى إضافة بناء فوق بناء موجود، والسماح بالبناء في العقارات التي لا تتوافر فيها الشروط القانونية للبناء في المناطق غير المنظمة داخل القرى، ليشرّع ظاهرة كانت قد بدأت بالانتشار في القرى على خلفية الانتخابات البلدية، إذ يحصل صاحب العقار على تصريح من البلدية بتشييد طابق إضافي، على أمل تسويته لاحقاً بقانون من المجلس النيابي... وهذا ما يُعدّ رشوة، أو «ردّ دين الانتخابات» من زعمائه! وهذا الأمر يعيد الذكريات إلى التجربة الشهيرة «طابق المرّ» الذي كانت له تداعيات سلبية خطيرة في تعميم ثقافة الفساد والإفساد والتهرّب من القوانين، والخطر على السلامة العامة وتشويه التجمعات المدينية.
تقول المادة الأولى من الاقتراح، إنه يسمح ببناء طابق واحد فوق بناء موجود مرخّص أو مسوّى وضعه، في المناطق غير المنظّمة، أو التي لا ينصّ نظامها على السماح بالبناء فوق بناء موجود من دون التقيّد بالتراجعات، وذلك بشرط أن يكون الطابق الجديد متساوياً مع الطابق الموجود، من حيث المساحة، وملائماً له من حيث الشكل والمظهر، وأن يستحصل من يرغب في بناء طابق على رخصة من البلدية المعنيّة بناءً على طلب وخريطة موقّعة من مهندس مسجّل في نقابة المهندسين.
وتسمح المادة الثانية، في المناطق غير المنظّمة، ولحين صدور مرسوم تنظيمي لكلّ المناطق، بالبناء في العقارات التي لا تتوافر فيها الشروط القانونية للبناء، من حيث المساحة والقياسات، والتي تقوم عليها أبنية غير صالحة للسكن، أو آيلة إلى السقوط، وذلك فقط داخل الأحياء القديمة، وبمساحة لا تزيد على مساحة البناء القديم المنجز قبل عام 1964، على أن يُعطى الترخيص وفقاً لأحكام قانون البناء، باستثناء شرطَي التراجع والاستثمار.
تشير الأسباب الموجبة للاقتراح إلى «معالجة قضية معقّدة في القرى»، إذ إن «الأحكام القانونية التي ترعى البناء تستوجب شروطاً لا تتوافر في جميع العقارات المبنية، أو الخراب داخل الأحياء القديمة في القرى والمناطق غير المنظّمة بسبب تدني مساحتها والتراجعات المفروضة».
ويلفت غانم إلى أن «هذا الواقع يعيشه الناس في القرى في ظل ركود اقتصادي وضائقة مالية، وينعكس سلباً على حياتهم، ويدفعهم إلى الهجرة، فضلاً عن أن الأبنية المهدّمة أو غير الصالحة للسكن داخل هذه القرى تصبح تجمعاً للنفايات... وتحدث أثراً سيئاً في البيئة والعمران».
ويوضح أن بند البناء فوق بناء «موجود، ولم يخلُ منه أي قانون بناءً على المدى الطويل، فيما الحلول لهذا الموضوع لا تزال غير مستقرّة عند حدّ مقنع، بينما تستوجب معاناة الناس المعالجة بروح التعاون إفساحاً في المجال لهم لإقامة بنائهم وهم في أشد الحاجة إليه، ومن أجل تشجيعهم على التمسك بسكنهم، والعيش في قراهم وبلداتهم»، علماً بأن إشكالات كثيرة «حصلت بين البلديات والأجهزة الأمنية نتيجة تضارب التعليمات الصادرة عن الإدارات المعنية، بسبب رخصة البناء التي يصدرها رئيس البلدية».
«لخدمة من؟ أو ماذا؟»، يجيب نقيب المهندسين في بيروت، بلال العلايلي، تعليقاً على اقتراح غانم. ويقول في اتصال مع «الأخبار» إن ظاهرة البناء العشوائي في القرى بدأت تنتشر، إذ يحصل صاحب الأرض أو العقار على تصريح من رئيس البلدية لبدء عملية التشييد، على أساس أن التشريع سيأتي لاحقاً بقانون من المجلس النيابي، فالبلديات تمنح هذه التصاريح لأصحاب العقارات في موسم انتخابي.
ويشكّك العلايلي في الأهداف الكامنة وراء هذا الاقتراح، إذ يسأل عن الهدف منه، فإذا كان لتوفير مساحات إضافية خارج المدن، «فلا أعتقد أننا بحاجة إلى هذه المساحات المتوافرة أصلاً»، فيما هناك أصول وأُسس تقنية يجب أن تجري ملاحظتها ضمن هذا الإطار، فهل ستغيّر الطوابق الإضافية الارتفاعات في المناطق؟ وهل بإمكان الأبنية التي ستشيّد عليها الطبقات الإضافية أن تتحمل هذا الوزن؟ وهل يمكن التمييز بين ما لديه القدرة على تحمّل الوزن، وما لا يمكنه؟
ويؤكد أنه «ضد مبدأ تغيير الارتفاعات في كل المناطق، فقد خضنا تجربة سابقة كان لها انعكاسات وتأثيرات سلبية كثيرة، وهي مشهورة باسم طابق المر. ولا يجوز أن نكرر هذه التجربة»، إذ إن هذا الأمر يؤدي إلى التشوّه العمراني، «فيما يجب أخذ شروط كثيرة بعين الاعتبار، وأبرزها السلامة العامة، التي يجب أن تدرس بتأنّ. ولا أرى أن هناك حاجة إلى زيادة طابق على المباني القائمة حالياً».
(الأخبار)