دخل قرار المجلس الوزاري المصغّر بتعليق البناء في المستوطنات لعشرة أشهر، مرحلة التنفيذ الميداني، في موازاة استمرار عمليات الخداع التي يقوم بها المستوطنون، ومحاولة تجميد القرار الحكومي عبر المسار القضائي
مهدي السيّد
بدأ مفتشون إسرائيليون، أمس، في تطبيق قرار المجلس الوزاري المصغر لتعليق البناء في مستوطنات الضفة الغربية لعشرة أشهر، وتنفيذ أوامر وقف الأشغال في تلك المستوطنات، وفق ما جاء في بيان صادر عن الجيش الإسرائيلي، الذي أضاف أن مفتشين نشروا في الضفة لفرض الأوامر الأولى بتعليق ورشات ومصادرة معدات البناء، من دون أن يذكر أي أرقام.
في المقابل، كشفت تقارير إعلامية إسرائيلية النقاب عن استمرار محاولات الخداع التي يقوم بها المستوطنون للالتفاف على قرار المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر، بتواطؤ من جهات رسمية وحكومية. وفي هذا المجال، تحدثت «يديعوت أحرونوت» عمّا سمّته «اختراع جديد لتجاوز أوامر تجميد البناء في الضفة الغربية». الاختراع تمثل في مسارعة المستوطنين في مستوطنات عديدة إلى صب أساسات «وهمية» من الإسمنت، على أرض أعدّت للبناء، فور إعلان نتنياهو تجميد البناء، وذلك كي يظهر في الصور الجوية التي تلتقطها وزارة الدفاع في الضفة بأن هذه الصبّات هي أساسات سبق أن تم صبها.
وبحسب «يديعوت»، عرف المستوطنون مسبقاً بنية وزارة الدفاع إجراء الصور الجوية، بعدما وصلت إليهم وثيقة بهذا الشأن واستعدّوا بموجب ذلك. وتبيّن لفرق المتابعة التابعة لحركة «السلام الآن»، التي تجولت أول من أمس في مستوطنات الضفة، وجود مسطحات اسمنتية موضوعة على الأرض في بعض منها.
وتعليقاً على خداع المستوطنين، قال السكرتير العام لـ«السلام الآن»، يريف أوفينهايمر، إن «المستوطنين يواصلون الكذب والخداع للحكومة والجمهور الإسرائيلي». وأضاف أن «هذه هي لحظة الحقيقة لدى (وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود) باراك، والمسؤولية ملقاة عليه لفرض القانون والوقوف بصلابة أمام المحاكم التي لا تقبل بسيادة الحكومة».
في هذه الأثناء، انتقلت المعارضة ضد قرار تجميد البناء إلى محكمة العدل العليا. وذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن «الهيئة القضائية من أجل أرض إسرائيل» قدمت التماساً، أمس، إلى المحكمة العليا، تطالب فيه بتجميد قرار «تجميد البناء الجزئي والمؤقت في المستوطنات»، بادّعاء وجود خلل جوهري في عملية اتخاذ القرار.
وبحسب الالتماس، فإن المجلس الوزاري المصغر غير مخوّل باتخاذ قرارات في هذا الشأن. كما ادّعى الملتمسون أن القرار لا يشتمل على إجراءات البناء في الحالات غير العادية، خلافاً لقرار المجلس الوزاري المصغر، كما أنه لا يتضمن أي أسس لتعويض المتضررين.
وادّعت الهيئة بأن القرار يجب أن يتخذ في الحكومة، لا في المجلس الوزاري المصغر. كما ادّعت أنه يمسّ بحقوق ما يسمّى «المالكين الإسرائيليين من سكان الضفة الغربية»، والتي رأت أنها ليست ذات صلة بالأمن.
وبحسب محامي «الهيئة القضائية»، فإن قرارات من هذا النوع لا يمكن أن تتخذ سرّاً ومن دون أي إنذارات أو استعدادات مسبقة، ومن دون أن تتاح إمكانية اعتراض وزراء الحكومة على القرار.
إلى ذلك، يظهر من معطيات نشرها أمس مكتب الإحصاء المركزي، حقيقة الادّعاء بأن البناء الاستيطاني في الضفة الغربية موجود في حضيض عميق حتى قبل القرار الأخير للمجلس الوزاري المصغر. وبحسب المعطيات، سُجل خلال أشهر كانون الثاني ـــــ أيلول، تراجع بنسبة 27.6 في المئة في بدايات البناء، مقارنة بعدد بدايات البناء في الأشهر التسعة المقابلة من العام الماضي.