ملاحظات 4 خبراء: سابا وقرم وديبة ويشوعيمحمد وهبة
تواصل «الأخبار» قراءتها للبنود المالية والاقتصادية والاجتماعية في مشروع البيان الوزاري للحكومة الجديدة، وتلخّص في الجزء الثاني من هذه القراءة آراء أربعة من الخبراء البارزين، هم: وزيرا المال السابقان إلياس سابا وجورج قرم وعميد كلية الاقتصاد والتجارة في جامعة سيدة اللويزة إيلي يشوعي ورئيس قسم الاقتصاد في الجامعة اللبنانية الاميركية ـــــ جبيل، غسان ديبة.

سابا: اعتراض على باريس 3

يصف وزير المال السابق إلياس سابا مشروع البيان الوزاري بأنه «تسووي»، فالأكثرية لم تتمكن من رفض كل ما طلبت المعارضة إدراجه فيه، ولا سيما في شقّه الاجتماعي، و«المعارضة» كذلك لم تتمكن من فرض تغييرات كثيرة على التوجّهات المالية والنقدية. وبين هذا وذاك، يبدو أن هناك اتفاقاً على إبقاء بعض الأمور «مبهمة»، لإمرار «التوافق».
إلا أن سابا رأى أن البيان الوزاري تضمّن بنوداً جديدة ومهمّة، إذ أعرب عن اهتمام أكبر بالطبقات الوسطى والمهمّشة. وتناول مسألة التوزيع العادل للدخل والثروة، وهذا أمر رئيسي يُدرَج لأول مرّة في البيانات الوزارية... وهناك كلام واضح عن وقف الهجرة، على عكس السياسات القائمة على تشجيع الهجرة لجعل البلد يعيش على تحويلات المغتربين.
ويعتقد سابا أن الخصخصة وردت في البيان بوصفها أداة، لا سياسة مالية، فبات واضحاً أن لا أحد يرفضها رفضاً مطلقاً، لكنها ليست «لازمة» تتكرر عند كل حديث عن تخفيف المديونية. لكن الوزير سابا حمل على وزراء «المعارضة» بسبب عدم تحفّظهم على ذكر باريس 3 في البيان الوزاري، لأن منطلق تعهدات باريس 3 وتوجهاته وخلفياته تتناقض تناقضاً كبيراً مع ما سبق في البيان من توجهات وأهداف، ولا سيما لجهة شبكات الأمان الاجتماعي والاهتمام بالطبقات الأكثر عوزاً. وقال «لو كنت موجوداً لاعترضت على هذا البند، تماماً كما فعل الوزير بطرس حرب الذي اعترض على ذكر المقاومة، على الرغم من موافقته على كل البنود الأخرى، ولم ينسحب من الحكومة، وبالتالي كان يمكن أن تقوم المعارضة بخطوة مماثلة». ورأى أن وزراء «المعارضة» ربما فضّلوا «إمرار التوافق على البيان»، إلا أن ذلك أوجد غموضاً كبيراً، «إذ كيف يمكن تفسير معنى البند المتعلق بتحديث النظام الضريبي، ولا سيما ضريبة الدخل، تعزيزاً للواردات العامة والعدالة الضريبية... فباريس 3 ينحو باتجاه زيادة الضرائب وتوزيع قاعدتها لتطال الفقراء كثيراً والأثرياء قليلاً.

قرم: لا برنامج للمعارضة

ويعتقد وزير المال الأسبق، جورج قرم، أن البيان الوزاري صدر بصيغته الراهنة نظراً لعدم امتلاك «المعارضة»، ولا سيما حزب الله والتيار الوطني الحر، لبرنامج اقتصادي اجتماعي واضح وموحّد، «وربما بسبب غياب هذه الخلفية لم تصدر مواقف واضحة من القضايا الساخنة، وتحديداً في قضايا الحماية الاجتماعية وتطوير المناطق النائية وفئات الدخل».
وقال قرم: «هناك كلام تقليدي عن الإنماء المتوازن والمستدام، بل إن هذا البيان وردت فيه كل العبارات التي لم يعد لها معنى نتيجة تكرارها، كإصلاحات باريس 3... وهذا ينطبق على الخصخصة، التي سيجري تبنّيها ضمن سياسات قطاعية، من دون أن تُحَدَّد الأطر والشروط، وربما ذُكر هذا المقطع ضمن تسوية ما».
لكنّ قرم يقرّ للبيان مقاربته الجريئة لقضايا العدالة الاجتماعية أكثر من العادة، «وهذا أمر لافت»، فضلاً عن تناوله مصطلحات معبّرة كالطبقة الوسطى والمجتمع الإنتاجي». ويختم إن هناك مسافة شاسعة بين البيان الوزاري والتطبيق، فالأمر مرتبط بقدرة الوزراء على التعامل مع واقع معقد وموجود منذ سنوات طويلة.

ديبة: تسوية تُبرز التناقض

ويشير رئيس قسم الاقتصاد في الجامعة اللبنانية الأميركية ـــــ جبيل غسان ديبة إلى أن المضمون الاقتصادي والاجتماعي في البيان الوزاري يعكس بوضوح وجود «تسوية بين خطين»، وهي تسوية لم تؤدِّ إلى اندماج رأيين مختلفين، بل أدّت إلى إبراز التناقض بينهما في بنود عدّة، معتقداً أن ذلك يمثّل مقدمة لخلافات ستحصل عند التطبيق. فقد كان هناك رأي يتحدث عن الاستثمار في القطاع العام وتطويره والتنمية المتوازنة والحدّ من الفقر والعناية اللازمة بالسياسة الاجتماعية... في مقابل رأي آخر يتحدث عن السير بإصلاحات باريس 3 التي قد تتعارض إلى حدّ كبير مع كثير من البنود الأخرى المذكورة، إذ إن تطبيق إصلاحات باريس 3 يتعارض مع زيادة الاستثمار في الكهرباء، ومع تطبيق السياسات الاجتماعية، وتطوير القطاعين الزراعي والصناعي... فهذه الإصلاحات تعني الخصخصة وزيادة الضرائب على السلع وزيادة تعرفة الكهرباء وتعديل قانون العمل.
ويعرب ديبة عن خشيته أن تُعطى الأولوية لتطبيق إصلاحات باريس 3 نتيجة «ضغط» الدين العام وعجز الخزينة، وبذريعة الحاجة إلى تحرير ما بقي من الهبات والقروض من الدول المانحة، إذ في ظل عدم تبلور سياسة واضحة لمعالجة أزمة المديونية، يمكن أن تتقدّم الحلول، على غرار «باريس 3»، على سواها، وبالتالي لن تقبل مجموعة اليمين الاقتصادي أو «الحريرية» بأي بند مقترَح من خارج «باريس 3».

يشوعي: عناوين بلا آليات

من جهته، يرى عميد كلية الاقتصاد والتجارة في جامعة سيدة اللويزة، إيلي يشوعي، أن البيان الوزاري يتضمن نحو 100 عنوان عام، وإذا تحقق جميعها، فهذا أمر جيد جداً، لكن هذا يحتاج إلى تحديد الآليات، لا العناوين العريضة فقط... وعلى سبيل المثال، تعهّد البيان العمل على إعادة تكوين الطبقة الوسطى، من دون أن يشير إلى الآلية... وهذا ينطبق على معظم البنود المذكورة في البيان الوزاري. ففي قطاع الاتصالات، أشار البيان إلى «تحرير قطاع الاتصالات وضمان فاعلية أكبر لمردوده»، ودعا الى «إشراك اللبنانيين في الخصخصة»، ولم يحدد ما الذي ستجري خصخصته... لذلك لا يوجد ما يمكن مناقشته فعلياً.
ولفت يشوعي إلى أن البيان لم يتطرق أيضاً إلى كيفية «تقليص عجز لبنان التجاري»، فهل يكون ذلك عبر حماية الصناعة، أم التمييز بين دولة منشأ وأخرى في فرض الرسوم الحمائية أو الجمركية؟ فإذا كان تنفيذ كل هذه الأمور مرتبطاً بنيات حسنة، فهذه النيات لا يختلف عليها أحد من اللبنانيين، إذ إن المشكلة تقع حين يبدأ تنفيذ العناوين العريضة بآليات غير متفق عليها أو تثير الحساسيات والخلافات.


50 في المئة

هي نسبة الفقر المدقع التي التزمت الحكومة خفضها بحلول سنة 2015، أي 8 في المئة حالياً إلى 4 في المئة بعد 5 سنوات


700 مليار ليرة

هو العجز المتراكم في فرعي المرض والأمومة والتقديمات العائلية في الضمان الذي تعهّدت الحكومة معالجته عبر تحقيق التوازن المالي


نزع الصفة الريعية عن الاتصالات

يشير الخبير الاقتصادي غسان ديبة إلى أنّ البيان الوزاري شدّد على نزع الصفة الريعية والضرائبية عن قطاع الاتصالات، وهذا أمر مهم لتحويل قطاع الاتصالات إلى قطاع مساعد على زيادة الإنتاجية ورفاه المستهلك، مشيراً إلى أن ذلك من الجوانب الإيجابية التي أضافها وزراء «المعارضة».