«Merrill Lynch»: معدّل النموّ 5.8% في 2009 ومفتاحه «الاستقرار السياسي»مثّل اتفاقُ الدوحة «نقطةَ التحوّل» بالنسبة إلى الاقتصاد اللبناني خلال العام الماضي، لا انفجارُ الأزمة الماليّة الذي حصل في نهاية 2008. وبفضل «الأداء البارز لهذا الاقتصاد الصغير والمنغلق» استطاع لبنان تجنّب الركود العالمي. هذا ما جاء في التقرير الفصلي عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي أصدره مصرف «Bank of America ـــــ Merrill Lynch»، مشيراً إلى أن تميّز الاقتصاد اللبناني خلال الأزمة الاقتصاديّة والماليّة، واستدامة هذا الأداء مرتبطان باستمرار الاستقرار السياسي وإجراء تعديلات أساسيّة، على رأسها الخصخصة.

إيجابيّات «الدوحة»

يقول التقرير إنّه بينما كان الاقتصاد العالمي يمرّ بأسوأ مراحله منذ نهاية الحرب العالميّة الثانية، «من المتوقّع أن يتمتّع لبنان بنسبة نموّ معدّلها 7.2% لعامي 2008 و2009». ويشدّد على أنّ «الاستقرار السياسي هو المفتاح». فنتيجة اتفاق الدوحة الذي هدّأ الأوضاع السياسيّة والأمنيّة، كانت ـــــ بحسب التقرير ـــــ «انتعاشاً سريعاً في نشاط الاقتصاد المحلّي».
وأسهم في تحقيق هذا التحوّل الإيجابي المخالف للنمط العالمي، واقع أنّ ركود الاقتصاد الكوني وتراجع معدّلات الفائدة أدّيا إلى «زيادة تدفّق الأموال إلى النظام المصرفي اللبناني المرن».
وبحسب الافتراضات التي يقدّمها التقرير، سينمو الاقتصاد بنسبة 5.8% خلال العام الجاري، أي أقلّ من توقّعات صندوق النقد الدولي بواقع 1.2 نقطة مئويّة، وسينمو بنسبة 4.5% خلال عام 2010.
ويتطرّق التقرير إلى أزمة تأليف الحكومة حالياً وانعكاساتها على الاقتصاد، ويقول: «في ما يتعلّق بتأخّر تأليف حكومة وحدة وطنيّة، نعتقد أنّ مساومة ما ستنتج قريباً، حيث تظهر فوائد الاستقرار بوضوح لجميع الأفرقاء».
وتقنياً، أسهم الانتعاش الاقتصادي، بحسب التقرير، في احتواء العجز الهائل في الماليّة العامّة رغم الضغوط الكبيرة التي حكمت مرحلة ما قبل الانتخابات النيابيّة في بداية الصيف الماضي. وفي النصف الأوّل من العام الجاري ارتفعت عائدات الحكومة بنسبة 28%، مقارنة بنموّ النفقات بنسبة 17%، ما أدّى إلى ارتفاع الفائض الأوّلي بنسبة 34% وأصبح يمثّل 2% من الناتج المحلّي الإجمالي.
ويشير التقرير في هذا الصدد إلى أنّه «نظراً للأداء المتفوّق في العائدات، وإذا بقيت السيطرة على النفقات حتّى تأليف حكومة جديدة، قد ينخفض عجز الموازنة إلى 9% من الناتج المحلّي الإجمالي خلال العام الجاري، ويمكن تحقيق تحسّن إلى 8.2% خلال عام 2010».

أهميّة الخصخصة

غير أنّ «خفض مديونيّة لبنان المرتفعة يتطلّب أكثر من فوائض أوليّة متواضعة»، يقول التقرير. أوّلاً هناك «ضرورة لإصلاح قطاع الطاقة الذي يمتصّ جزءاً كبيراً من موارد الموازنة. وفي عام 2008، مثّلت التحويلات إلى مؤسّسة كهرباء لبنان حوالى 55% من عجز الموازنة».
ثانياً، يشدّد التقرير على أهميّة إتمام «خصخصة رخصتي الهاتف الخلوي التي طال انتظارها، لأنّها ستُسهم في خفض الدين». أمّا ثالثاً، فهناك «الإصلاح الضريبي المقرّر، الذي سيرفع نسبة الضريبة على القيمة المضافة من 10% إلى 15%، إضافة إلى تشريع العمل بضريبة دخل شاملة».
وهذه المسائل تبقى تمثّل «الأولويّات في المدى القصير». لكن «من المحتمل جداً أن تُبطئ حكومة الوحدة الوطنيّة مسيرة الإصلاح»، بحسب التقرير، الذي يلفت في الوقت نفسه إلى أنّ «أيّ تحسّن (في أيّ من هذه المؤشّرات) من المحتمل أن يؤدّي إلى رفع التصنيف بنظرنا».

المصارف... والسياحة

ويتطرّق تقرير المصرف الأميركي إلى القطاع المصرفي، ويقول إنّ «صلابته، إضافة إلى الفائض في ميزان المدفوعات حدّا من الخطر السيادي». ويوضح بالإشارة إلى أنّ «المصارف (المحلّية) هي الحامل الأساسي للدين اللبناني، وارتفاع الودائع لديها أدّى إلى تراجع هوامش فوائد القروض، وليس من المتوقّع انعكاس هذا النمط في المدى القصير».
ويتابع التقرير قائلاً في هذا الصدد: «في الواقع كانت المرحلة الصعبة التي مرّت بها المصارف العالميّة حصاداً غنياً للمصارف اللبنانيّة نظراً إلى النشاط المحلّي القوّي وإعادة توزّع المدّخرات اللبنانيّة وانخفاض معدّلات الفوائد العالميّة وتقوية الرقابة على السرّية المصرفيّة في البلدان الأخرى». ونتيجة لهذه العوامل «تنمو الودائع بمعدّل سنوي يبلغ 25%».
وعن ميزان المدفوعات يقول التقرير إنّه ولّد فائضاً بقيمة 3.3 مليارات دولار بدءاً من تمّوز الماضي، ورفع المصرف المركزي احتياطاته من العملات الأجنبيّة بنسبة 60% إلى 24 مليار دولار بحسب الأرقام المسجّلة في تمّوز الماضي.
ويشدّد التقرير على أنّ ارتفاع الاستثمارات الأجنبيّة المباشرة إلى 3.6 مليارات دولار في عام 2008 (ما يمثّل 14.4% من الناتج المحلّي الإجمالي) «يؤكّد الثقة في الاقتصاد». ويُنهي القسم المتعلّق بلبنان بالإشارة إلى قطاع السياحة المنتعش ويقول: «حوّل الاستقرار السياسي وهدوء الأوضاع الأمنيّة لبنان مجدّداً إلى وجهة سياحيّة مثيرة في المنطقة، مع ارتفاع عدد السيّاح بنسبة 45% على أساس سنوي».
(الأخبار)


مؤشرات Boa - Merill Lynch

  • أنقر هنا للصورة المكبرة...

    أنقر هنا للصورة المكبرة...