جمعيّة المستهلك: هلّلوا لمعجزة جذب الودائع... والمصانع تفلس والبطالة تزداد


البقاع ــ عفيف دياب
«لم نجتمع هنا للنق»، يقول رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين فادي عبود، في المؤتمر الصحافي الذي عقده في مصنع «يونيسيراميك» في تعنايل ــــــ البقاع، أمس، إذ عرض استعداد الهيئات الاقتصادية لإنشاء صندوق للمساهمة في الشركة الجديدة للمصنع، وذلك «إذا أُعيد للمعمل حقه عبر فرض رسوم وقائية تجعل المنافسة عادلة ومنطقية، وتمنح هذه الصناعة فرصة للإنتاج محلياً من جديد، لأن المستثمرين يحتاجون إلى شروط عادلة للإقدام على استثمار».
هذا الكلام، يمثّل فرصة لإعادة العمل في المصنع، علماً بأن مجلس إدارة شركة «يونيسراميك» كان قد حاول سابقاً اجتذاب مستثمرين جدد، إلا أنه اصطدم بواقع الحدود المفتوحة أمام استيراد بلاط السيراميك، ولم يجد مستثمرين مستعدّين لاستكمال إنتاج المعمل في ظل هذا الواقع، لأنه سيكبّدهم خسائر ضخمة! فالعرض الذي قدمه عبود مبني على قياس استعداد الجهات الرسمية لمساعدة الصناعة الوطنية من النكسات التي تتعرض لها، إذ يشير إلى أن هذا الوضع الراهن ليس إلا «بوادر بدأت تظهر مع إقفال يونيسيراميك وتراجع الصادرات الصناعية، لكن الخطر المحدق أكبر بكثير، لأن قطاع الصناعات التي تعتمد على الطاقة المكثفة مهدد بكامله، والواقع المظلم ينتظر الصناعة اللبنانية بسبب غياب التخطيط أو الاستراتيجيات المعدّة لتحفيز الصناعة».
المواطن يحتاج إلى اقتصاد أولوياته الصناعة والزراعة والخدمات
ويطلق عبود سلسلة من الاتهامات، فيشير إلى المسؤولية المباشرة للسياسة الاقتصادية المعتمدة، من دون أن ينسى المسؤولين عن تحويل البلاد إلى مجتمع استهلاكي غير منتج، والتسويق أن «لبنان لا يصلح للصناعة، وتعميم ثقافة أن الإنتاج في لبنان هو انتحار». وقال: «نريد أن نتهم كل من يسعى إلى تحقيق الإنماء المتوزان، ولا يرفّ له جفن عند إقفال معمل يخلق فرص عمل في منطقة البقاع».
وشدد على أن إقفال المصنع سببه «المنافسة غير المتكافئة التي تعرّض لها من الصناعات المستوردة المدعومة في بلدها، فيما لم تبادر الدولة إلى فرض رسم وقائي لحماية صناعتها الوطنية، على الرغم من الدعم الواضح الذي تمارسه البلدان الأخرى، وتحديداً مصر والإمارات العربية والصين»، مشيراً إلى أن المصنع حصل على قرار بفرض رسم وقائي على استيراد البلاط المماثل أيام وزير الصناعة الراحل بيار الجميّل، لكنّ الوزير سامي حداد ألغى الرسم، بعد مرور سنة واحدة، «بالتزامن مع بلوغ سعر برميل النفط مستوى 100 دولار، أي عندما أصبحت أسعار الطاقة في لبنان توازي أكثر من 30 ضعفاً مما هي عليه في بلدان الخليج العربي»، وحينها أبلغه أحد المسؤولين أنه غير مستعدّ لكي «تزعل مصر كرمى عيون يونيسيراميك».
وسأل عبود: «إلى متى سنستمر بالتذرع بالحفاظ على العلاقات وتفضيل السياسة على الاقتصاد، ونكتفي بالتفرّج على اقتصادنا المنهار؟ وكم مصنعاً يجب أن يقفل لتدرك الحكومة أن السياسات المعتمدة مضرّة بالإنتاج الوطني؟ وهل انتقلنا من تهجير الشباب إلى تهجير المصانع والصناعيين».
وترى جمعية المستهلك أن إفلاس المصنع هو إفلاس السياسة الاقتصادية المتّبعة منذ عام 1991، إذ إن نتائجها كارثية: تضخّم وارتفاع مستمر في الأسعار لا علاقة له بتطوّر الأسعار العالمي، تراجع كبير في القدرة الشرائية، إفقار الشعب اللبناني، ازدياد البطالة والهجرة والدين العام وتراجع في حماية المستهلك والأمن الغذائي.
وتلفت الجمعية، بحسب بيان أصدرته أمس، إلى أن هذه السياسة باتت عبئاً على المجتمع، وما يحتاج إلىه اللبنانيون هو وقف هذه الأكذوبة وإلزام الطبقة السايسية بالإجابة عن سؤال «أي اقتصاد نريد؟»، فالمواطن يحتاج إلى اقتصاد يضع في سلّم أولوياته الصناعة والزراعة والخدمات، لأنها القطاعات الوحيدة التي توفّر النمو الحقيقي، فيما لم توفّر السياسة المالية والمصرفية المتّبعة منذ عقدين شيئاً من الاستقرار، وهناك من يهلّل للودائع المصرفية والمعجزة اللبنانية في عز الأزمة المالية العالمية، لكنّ اللبنانيين يعلمون أنه في ظل هذه المعجزة أفلس مصنع «يونيسيراميك»، وقبله عشرات المصانع، وارتفعت البطالة وانهارت القوة الشرائية...