عمرو يؤكد تورّط رئيس السلطة وفولك يلمّح إلى دور شركة اتصالات نجل أبو مازنرام الله ــ الأخبار
بعد التهديدات الإسرائيلية بكشف تورطه في الحرب على غزة، واتصالات وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، علمت «الأخبار» من مصادر فلسطينية وأوروبية واسعة الاطلاع أن الرئيس الأميركي باراك أوباما تدخل شخصياً لدفع الرئيس الفلسطيني محمود عباس باتجاه سحب دعم المناقشة الدولية لتقرير غولدستون، الذي يتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في غزة خلال عملية «الرصاص المصهور»، بالتزامن مع تشجيع أردني للخطوة ومعارضة مصرية. وقالت المصادر، التي اشترطت عدم الكشف عن اسمها، إن أوباما أجرى اتصالين بعباس مساء الأربعاء وظهر الخميس الماضيين بعد اتصالين تلقاهما من وزيرة خارجية الولايات المتحدة هيلاري كلينتون. وأخبر أوباما عباس أن «عدم سحب الاعتماد الفلسطيني للتقرير سيؤدي إلى ضرر كبير بالسلطة الفلسطينية والتمويل الأميركي لهاوأشارت المصادر إلى أن «أوباما أوضح لعباس أن الأوروبيين بدورهم لن يدفعوا للسلطة أي شيء إذا استمرت على موقفها لجهة اعتماد التقرير». وأضافت أن «عباس تلقى تهديداً أميركياً صريحاً من أوباما وكلينتون قالا فيه إن على السلطة أن تسحب الدعم للتقرير وإنها لا خيار أمامها سوى ذلك، لأنها لا يجب أن تكون في صف الإرهابيين والمحرضين على الإرهاب». وتابعت أنه «عقب الاتصالين، اجتمع الملك الأردني عبد الله الثاني بعباس في عمان وأجريا محادثات خاصة بحضور مستشار عباس السياسي نمر حماد».
وذكرت المصادر أن «الملك الأردني دعا عباس إلى عدم مجاراة التقرير والانتباه إلى أن الأمور تتصاعد ضده وضد السلطة الفلسطينية إذا ما استمر في دعم التقرير، ما دفع عباس إلى الطلب من حماد أن يتصل بالسفير إبراهيم خريشة والطلب منه سحب الدعم».
وبينت المصادر أن «خريشة فوجئ بالطلب، وحينما بدأ اتصالات مع الوفود العربية وجد دعماً قوياً من الأردن لجهة سحب التقرير، فيما وقف المندوب المصري ضده ورفض سحب التقرير واتصل بوزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط الذي اتصل بعباس لاحقاً».
وقالت المصادر إن «أبو الغيط أبلغ عباس رفض مصر والرئيس حسني مبارك خطوته هذه، وعدّها مكسباً سياسياً لأعدائه، وأنه بذلك قدم لنفسه صورة سيئة للغاية أمام غريمته حركة حماس، التي ستعمل جاهدة لاستغلال التقرير ضده وستكسب في النهاية».
وأوضحت المصادر أن «عباس بدا غاضباً للغاية من اتصال أبو الغيط، وأنه استنتج وجود توتر في علاقات عمّان والقاهرة».
من جهةٍ ثانية، قالت المصادر لـ«الأخبار» إن «عباس فوجئ بردّ الفعل القوي على خطوته، وحاول بقراره تأليف لجنة لتدارس تداعيات سحب التقرير وآلياته، إبعاد الشبهات عنه». وأوضحت أن «أبو مازن أبدى غضبه من النائب الفتحاوي، مفوض الإعلام في اللجنة المركزية للحركة، محمد دحلان، الذي أكد في حديث صحافي أن اللجنة ضد سحب التقرير وتستغرب هذا الإجراء».
في هذه الأثناء، قال مقرر الأمم المتحدة الخاص لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ريتشارد فولك، إن السلطة الفلسطينية التي يفترض أنها تمثّل الشعب الفلسطيني، هي التي أنقذت إسرائيل من الإدانة بسبب جرائم الحرب التي ارتكبتها في قطاع غزة.

إسرائيل تمنع متحدثيها من التطرق لقضية غولدستون منعاً لإحراج عباس
وقال فولك: «ما حصل هو أنه في اللحظة الأخيرة سحبت السلطة الفلسطينية التقرير، مقترحة عدم مناقشته حتى شهر آذار المقبل، وهو ما عُدّ ضربة قوية لجهود أخذ توصيات التقرير على محمل الجد».
وأضاف: «كان محيّراً أن ينقذ الفلسطينيون أنفسهم إسرائيل من هذه المعضلة التي وجدت إسرائيل نفسها فيها. ومن التبريرات الغريبة التي قدمت لقرار سحب التقرير أن الولايات المتحدة وإسرائيل هددتا بقطع جزء من التمويل الذي تتلقاه السلطة الفلسطينية، أو أن نتنياهو هدد بأن استخدام التقرير سيقتل عملية السلام، وبطبيعة الحال ليس هناك عملية سلام يمكن وأدها».
وأشار فولك إلى تخمينات بأن إسرائيل قالت إنه إذا لم تسحب السلطة الفلسطينية مشروع القرار فإنها لن تمضي في ترتيبات منح شركة هواتف نقالة في الضفة الغربية رخصة الحصول على موجات تردد، «وقد صادف ذلك على نحو غريب أن رئيس هذه الشركة هو ابن رئيس السلطة محمود عباس».
من جهته، طالب عضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، نبيل عمرو، في حوار مع قناة «الجزيرة»، عباس بإعلان مسؤوليته المباشرة عن كل ما حدث بوصفه رئيساً للسلطة وللدولة وللمنظمة ولحركة فتح والبدء في معالجة التداعيات الخطيرة لهذا القرار.
إلى ذلك، تتوقع الحكومة الإسرائيلية أن تتلاشى قضية تقرير غولدستون في الأشهر المقبلة. وأصدرت تعليمات للمتحدثين باسمها بأن يتوقفوا عن التطرق للموضوع أمام وسائل الإعلام، لعدم احراج عباس.