القطاعات الصحيّة تعلن الاعتصام الأسبوع المقبلرشا أبو زكي
في 17 آذار 2009 وافقت الحكومة، من دون استشارة المؤسسات الضامنة، على اقتراح وزير الصحّة محمد جواد خليفة زيادة تعرفة الإقامة في الغرفة العادية في المستشفى إلى 70 ألف ليرة، والعمل وفق البدل المقطوع للأعمال الاستشفائية المنفّذ في وزارة الصحة، وزيادة قيمة التثقيل لتعرفة الطبيب إلى 6500 ليرة بالتزامن مع مبدأ فصل الأتعاب، وتوحيد العقود بين الجهات الضامنة والمستشفيات، وتضمينها المعايير نفسها، واعتماد جدول الأعمال الطبية المعتمدة في صندوق الضمان الاجتماعي.
وفي 7 نيسان الماضي أصدر وزير الصحة قراراً بتأليف لجنة تمثّلت فيها جميع الصناديق الضامنة والمؤسسات الصحية المعنية لإدخال التعديلات اللازمة على الأعمال المقطوعة، وحدّد مدة عملها بشهرين، وأنهت اللجنة عملها ورفعت تقريرها إلى خليفة في الأول من تموز الماضي. إلا أنه بعد مضيّ سبعة أشهُر على اتخاذ القرار، لم تستطع أي جهة ضامنة تطبيقه، باستثناء وزارة الصحة، التي تموّل موازنتها من الخزينة مباشرةً، أما أسباب عدم التطبيق، فهي عديدة، أبرزها أن من اتخذ القرار لم يسأل عن مدى قدرة المؤسسات الضامنة على تحمّل أكلافه. فمجلس إدارة الضمان رأى أن قرار مجلس الوزراء غير ملزم له، لكون الضمان مؤسسة مستقلة، وهو أصلاً، إذا أراد تطبيقه، فإنّه يحتاج إلى تمويل النفقات الإضافية المقدّرة بأكثر من 70 مليار ليرة، والتي ستضاف إلى عجزه المتراكم البالغ 700 مليار ليرة، الذي سُحب خلافاً للقانون من تعويضات نهاية الخدمة، ويشترط الصندوق أن تُرفع معدّلات الاشتراكات، أو أن تتولّى الدولة تغطية النفقات الناجمة عن قرار الحكومة! أما اللواء الطبي في الجيش، وتعاونية موظفي الدولة فأسبابهما مختلفة، إذ إن القرار فرض إعادة تصنيف الدرجات الاستشفائية.
هذا الواقع المعقّد لم تلحظه نقابات الأطباء في بيروت والشمال، والمستشفيات والممرضات والممرضين، التي عقد ممثّلوها أمس مؤتمراً صحافياً «طارئاً»، لإعلان تنفيذ الاعتصام في 15 الجاري أمام مبنى وزارة الصحة «لكونها الراعي للقطاع الصحي»، وطالبوا بتطبيق قرار مجلس الوزراء، ملوّحين بخطوات تصعيدية تُعلن تباعاً.
فقد حذّرت نقابات الأطباء والمستشفيات والممرضين من «وقوع كارثة صحية»، داعيةً وزير الصحة العامة إلى «إصدار القرار التنفيذي لقرار مجلس الوزراء القاضي بتوحيد تعرفات الأعمال والخدمات الطبية، واعتماد البدل المقطوع لدى جميع المؤسسات الضامنة الرسمية، يشمل كل النقاط الواردة في التوصية، التي رفعتها إليه اللجنة المشتركة المؤلّفة لهذه الغاية، والتي عولجت فيها جميع الأمور المختلَف عليها. وأن تبدأ جميع المؤسسات الضامنة الرسمية العمل بمضمون القرار المذكور فور صدوره، وأن يتخذ كذلك مجلس إدارة الضمان قراراً لا لبس فيه بتطبيق القرار».
وردّ الوزير خليفة عبر «الأخبار» على هذا المطلب، موضحاً أن مجلس الوزراء أصدر قراره، وبالتالي لا داعي إلى إصدار قرار تنفيذي لقرار حكومي، لافتاً إلى أن المشكلة حالياً هي مع صندوق الضمان الاجتماعي، وهو يخضع لوصاية وزير العمل محمد فنيش، كما أن رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة يملك صلاحيات في هذا المجال تتعدى صلاحيات وزير الصحة... ولفت خليفة إلى أن المشكلة بين الجهات الضامنة والنقابات الصحية، ولا علاقة لوزارة الصحة بهذا الموضوع.
من جهته، رفض رئيس مجلس إدارة الضمان طوبيا زخيا في اتصال مع «الأخبار» تحميل الصندوق مسؤولية عدم تطبيق القرار، فالتطبيق يحتاج إلى تمويل.
إلا أن رئيس نقابة أصحاب المستشفيات سليمان هارون لا يبدو مقتنعاً بهذا السبب، إذ قال «إن صندوق فرع المرض والأمومة في الضمان، منذ تاريخ زيادة الأجور، يجبي 90 مليار ليرة إضافية سنوياً على الاشتراكات، بينما الزيادة المقدّرة من جراء تعديل التعرفات لا تتعدّى 70 مليار ليرة».

خليفة: مجلس الوزراء أصدر قراره ولا داعي لإصدار قرار تنفيذي
طبعاً لا يرى هارون نفسه معنيّاً بوجود عجز متراكم وخطير يهدّد وجود الضمان برمّته، وبالتالي يهدّد النظام الصحّي بأكمله، إذ إن الصندوق يوفّر التغطية الصحية لأكثر من 1.2 مليون زبون لدى المستشفيات والأطباء وسواهم... فالمادة 66 من قانون الضمان واضحة في فرضها ضرورة توفير التوازن المالي، وبالتالي فإن تنفيذ قرار مجلس الوزراء يستلزم زيادة الاشتراكات. إلّا أن ممثلي الدولة وأصحاب العمل يرفضون كل الاقتراحات في هذا الشأن، بما فيها اقتراح يرمي إلى زيادة الاشتراكات 1 في المئة على العمال و1 في المئة على أصحاب العمل... وأشار زخيا إلى أن نتائج دراسة نفّذها الصندوق لزيادة الاشتراكات ستُعرض في اجتماع هيئة مكتب الضمان في الأسبوع المقبل، على أن تُحال على مجلس الإدارة لدراستها واتخاذ القرار المناسب بشأنها. وقال زخيا إن تطبيق قرار مجلس الوزراء يحتاج إلى تمويل، فيما الصندوق يعاني عجزاً، والحكومة موّلت الإجراءات في تعاونية موظفي الدولة.
وهنا تبرز قضية مستغرَبة، إذ يقول هارون إن «تعاونية موظفي الدولة لم تطبّق لغاية تاريخه التعرفة المتّفق عليها، وفي المقابل بعض المستشفيات لم يرفع فواتيره بانتظار أن تطبّق التعرفة الجديدة». لكن المدير العام للتعاونية أنور ضو أكّد لـ«الأخبار» أن التعاونية لا تتحمّل مسؤولية التأخير الحاصل في تطبيق قرار مجلس الوزراء. ولفت إلى أن التعاونية حاضرة للتطبيق، إلّا أن وزير الصحة محمد خليفة طلب من التعاونية، بعدما حصل على تقرير اللجنة المشتركة، أن تطبّق التعرفة الموحّدة انطلاقاً من التعرفات الموجودة حالياً، وأوضح أنه لدى التعاونية درجات استشفائية، ويشرح أن الخدمات التي تقدّم وفق الدرجة الثالثة في الصناديق الضامنة الأخرى متوافرة في الدرجة الثانية في التعاونية، وبالتالي فإن قرار مجلس الوزراء يجب أن ينطبق على هذه الدرجة، أما سبب التأخير الأساسي، فهو المتعلق بالدرجة الأولى المشتركة مع الطبابة العسكرية، ويلفت إلى أن التعاونية في انتظار أن تتفق نقابة المستشفيات مع الجيش على ذلك. وإلى أنه تواصل منذ أيام مع هارون للوصول إلى اتفاق، إلا أن الأخير أشار إلى أنه ينتظر قرار الطبابة العسكرية لإعطاء القرار النهائي.


50%

هي نسبة خفض الاشتراكات في عام 2001، وأدى الإجراء إلى تراكم العجز المالي في فرعي المرض والأمومة والتعويضات العائلية بطريقة تصاعدية، وهذا الواقع يجعل من تطبيق زيادة التعرفة والإجراءات الأخرى خطوة سترتّب على الصندوق مدفوعات جديدة تقدَّر بـ100 مليار ليرة سنوياً.


بلجيكا تستورد الممرضين