رشق الغزاويون أمس ملصقات للرئيس محمود عباس بالأحذية، تعبيراً عن غضبهم العارم لمسؤوليته عن إجهاض تقرير غولدستون، فيما جددت حكومة «حماس» اتهامه بأنه شريك في «العدوان» الإسرائيلي، على الرغم من إعلانه دعم الطلب الليبي مناقشة التقرير في مجلس الأمن
غزة ــ قيس صفدي
نيويورك ــ نزار عبّود
استيقظ أهالي قطاع غزة، أمس، على ملصقات دعائية ضخمة وصور للرئيس الفلسطيني محمود عباس غطت الجدران والشوارع الرئيسية تتهمه بـ«الخيانة» لمسؤوليته عن إرجاء تقرير غولدستون الذي يدين الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب وجرائم بحق الإنسانية خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. وأظهرت الصور، التي أعدها أساتذة جامعيون ومثقفون، عباس وقد شُوِّه وجهه وكُتب أسفل صورته «إلى مزبلة التاريخ أيها الخائن محمود عباس». وعمد بعض أهالي ضحايا الحرب الإسرائيلية على غزة إلى رمي الأحذية على صورة عباس في ميدان فلسطين أمام عدسات المصورين.
وتعهد متحدث باسم أساتذة الجامعات والمثقفين في غزة، خلال مؤتمر صحافي عقدوه في الساحة، العمل على «تنحية الرئيس عباس وإزاحته عن قيادة الشعب الفلسطيني بكل الوسائل القانونية والسياسية والقانونية». ودعا «كل فصائل منظمة التحرير الفلسطينية إلى توضيح موقفها النهائي والحاسم من الحكومة برام الله والانسحاب من عضوية اللجنة التنفيذية لها حتى لا يكونوا ديكوراً». كذلك طالب «كل الدول العربية والإسلامية بعدم التعامل مع الرئيس عباس لأنه فاقد للشرعية ومفرّط في حقوق الفلسطينيين ويمثّل خطراً على الأمن القومي والإسلامي».
وفي سياق موجة الاحتجاج، أكد المتحدث باسم وزارة الداخلية في حكومة «حماس»، إيهاب الغصين، أن وزارة الداخلية بدأت في رفع دعاوى قضائية باسم شهداء وزارة الداخلية في كل المحافل الدولية. وأشار إلى أن الوزارة ستسعى إلى رفع تلك الدعاوى في كل المؤسسات الدولية والحقوقية المعنية بحقوق الإنسان وعدالة قضيته. وأعرب عن «استهجان وزارته لقيام تلك الزمرة التي يرأسها عباس بالمتاجرة في قضايا الشعب وبيعها بأرخص الأثمان».
وطالب الغصين بأن «تقوم كل الجهات بالوقوف في وجه تلك (الفئة) التي انحدرت إلى حد لا يمكن السكوت عنه والقبول به من الخيانة والعمالة العلنية»، مشدداً على أنه «لا بد من محاكمة هؤلاء بالخيانة العظمى».
وفي السياق نفسه، اتهمت الحكومة الفلسطينية المقالة، خلال اجتماع عقدته أمس برئاسة إسماعيل هنية، السلطة الفلسطينية مجدداً بأنها شريكة في «العدوان» الإسرائيلي، داعيةً الدول العربية والإسلامية إلى إيصال تقرير غولدستون إلى محكمة دولية.
ورأت أن «ما حدث في طريقة تعامل سلطة رام الله غير الشرعية مع تقرير غولدستون، يؤكد أن هذه السلطة ضالعة في العدوان على شعبنا وشريكة فيه، وأنها تقوم بالتغطية على جرائم الاحتلال وعدوانه على شعبنا».

الدعوة الليبية إلى عقد جلسة لمجلس الأمن تواجه رفضاً أميركيّاً
في غضون ذلك، اعترف أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عبد ربه، أمس بأن القيادة الفلسطينية «أخطأت» في قرارها سحب تقرير غولدستون، قائلاً: «إننا نعترف بهذا الخطأ الذي يمكن تصحيحه، ونحن نعمل على ذلك».
هذا التصحيح وجد ضالته في الدعوة الليبية إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي للنظر في تقرير غولدستون، إذ أعلن عباس أمس من روما دعمه لقرار ليبيا، مشيراً إلى أنه سيوفد وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي إلى نيويورك لدعم ليبيا في اتصالاتها.
غير أن المسعى الليبي يبدو مصطدماً برفض أميركي. وعقد مجلس المندوبين العرب في الأمم المتحدة اجتماعاً يسبق جلسة التشاور التي عقدها مجلس الأمن في وقت لاحق مساء أمس، وفي ختامه أعلن مندوب السودان عبد المحمود عبد الحليم محمد، أنه «إذا لم تتحقق الغاية في مجلس الأمن الدولي، فإن المجموعة العربية مدعومة بالكتل الدولية المختلفة، ستنقل القضية إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الاستثنائية العاشرة التي لا تزال مفتوحة».
ونفى نائب المندوب الليبي إبراهيم دباش أن تكون الولايات المتحدة قد أبلغته رفضها لعقد جلسة لمناقشة جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل في غزة. غير أن مندوب ليبيا الدائم، عبدالرحمن شلقم قال لـ«الأخبار» إن سوزان رايس، مندوبة الولايات المتحدة سألته: «لم لا تؤجل المناقشة للجلسة الخاصة التي ستعقد في العشرين من تشرين الأول الحالي عن الحالة في الشرق الأوسط؟»، ورد عليها بأن الأمر ملحّ وأنه سيطرح الموضوع اللبناني في الجلسة المقبلة.
مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري قال لـ«الأخبار» إن ما جرى في جنيف هو تكرار لما جرى في الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما تحرك الأب ميغيل ديسكوتو بروكمان، رئيس الدورة السابقة في كانون الثاني الماضي، «عندها عمد الوفد الفلسطيني مدعوماً أوروبياً وعربياً إلى إفشال تحركه الهادف إلى الضغط على مجلس الأمن الدولي لإيقاف العدوان الإسرائيلي على غزة».


واشنطن لتل أبيب: كافئوا أبو مازن

علي حيدر
نقلت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أمس عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن الولايات المتحدة طالبت إسرائيل بمكافأة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بعد سحبه تقرير «غولدستون» عبر إبداء المرونة تجاه استئناف المفاوضات والقيام بخطوات لتعزيز قوته نتيجة الضربة القاسية التي تعرض لها في الشارع الفلسطيني إثر الفضيحة.
في هذا الإطار، قال مسؤول أميركي رفيع المستوى، بحسب الصحيفة، «الآن ملقى على عاتق إسرائيل العمل على تقوية أبو مازن، ويُتوقع من إسرائيل أن تمهد الظروف لإطلاق المفاوضات».
وأوضحت «معاريف» أنه رغم الصعوبات التي نشأت في أعقاب أحداث القدس وتقرير غولدستون، إلا أن التقديرات الإسرائيلية تفيد بأنه يمكن قريباً إعلان تجديد المفاوضات «وقد يكون ذلك في ختام زيارة (المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج) ميتشيل» التي بدأت أمس. ولفتت الصحيفة إلى أنه يتعين على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يوفر لأبو مازن السلّم للنزول عن الشجرة التي صعد إليها حين أعلن شروطاً مسبقة لاستئناف المفاوضات.
من جهةٍ ثانية، أكدت «معاريف» توجيه انتقادات شديدة لممثلي وزارة الخارجية الإسرائيلية في جنيف، الذين سببوا إحراجاً لعباس، جراء إعلانهم أمام وسائل الإعلام أن السلطة الفلسطينية هي التي سحبت تقرير غولدستون.