أخطاء وسمسرة وتدخلات سياسية لخفض الأكلاف


بنت جبيل ـــ داني الأمين
أصبح المسح العقاري في بلدات شقرا وحاريص وخربة سلم يُقلق الأهالي، مع توارد أخبار عن لجوء بعض مهندسي المساحة المكلّفين، إلى مطالبة أصحاب العقارات بدفع مبالغ مالية كبيرة بما هو مخالف للقانون لإتمام عملية مسح عقاراتهم، بحجّة أنّ «أغلب الملكيات العقارية، ولا سيّما المبنية، هي مخالفة للقانون، وتحتاج إلى رسوم كبيرة لإزالة المخالفات. ودفع المال للمسّاح سيؤدي إلى تجاوز هذه الكلفة». هذا إضافة إلى أخطاء كثيرة رافقت عمليات المسح وأدّت إلى ضياع بعض الحقوق. ويشرح أحد مهندسي المساحة في مرجعيون أنه جرت العادة أن يقوم مهندسو المساحة بعملية تحديد وتحرير البلدة بمبلغ 99 مليون ليرة لبنانية، بعد إجراء مناقصة قانونية، وهذا المبلغ قد لا يكون كافياً للمهندس، فيعمد المجلس البلدي بالاتفاق مع المهندس على توفير مبالغ مالية محددة للأخير من أصحاب العقارات لقاء إنجاز عملية المسح والفرز العقاري. إلا أن المحامي حسين نور الدين يؤكد أن المسح يجب أن يكون مجّانياً، وكذلك المحاضر والدعاوى التي ترفع أمام القاضي العقاري، ولا نصّ قانونياً يوجب على المسّاح طلب رخصة البناء أو رخصة الأشغال، كذلك فإن أي عمل يقوم به المهندس يجب أن يُرفَق بتوقيع المختار على المحضر، ما يحمّل الأخير مسؤولية أي خطأ أو تلاعب.
وقد عُقد في هذا الشأن اجتماع في بلدة شقرا، ضمّ كلّاً من رئيس البلدية ومهندس المساحة المكلّف وممثلين عن حركة أمل وحزب الله ومخاتير البلدة للتوافق على عملية المسح. ويقول رئيس البلدية محمد عبد الأمير العلي إنه اتُّفق على أنّ المسّاح لن يحصل على أية مبالغ مالية خارج عمليات الفرز العقاري على الأرض المستملكة بوضع اليد منذ أكثر من 10 سنوات، أما الأرض التي انتقلت إلى المالك عن طريق الشراء أو الإرث وتقلّ مساحتها عن 5 دونمات، فيدفع صاحبها 100 دولار، فيما يدفع 150 دولاراً للتي تبلغ مساحتها بين 5 و10 دونمات، و200 دولار للتي تزيد مساحتها على 10 دونمات. أما عن الشقة السكنية التي تُفرَز، فيأخذ المسّاح 500 دولار، وعن المحلّ التجاري بين 300 و500 دولار بحسب مساحته. ويقدّر رئيس البلدية المبلغ الذي كان من الممكن (قبل الاتفاق في الاجتماع) أن يحصل عليه المسّاح العقاري من أصحاب عقارات البلدة لقاء إنجاز عمليات الفرز وغيره بحوالى 3 ملايين دولار، ويقول: «إلّا أننا استطعنا خفض هذا المبلغ كثيراً عن كاهل الأهالي، ليصل إلى 700 ألف دولار».
ويقول المسّاح العقاري في بلدتي شقرا وحاريص المهندس سمير المحمودي: «لم أحصل على أي مبلغ مالي حتى الآن، ولن أطلب المال إلّا لإجراء عملية الفرز. والمنزل المبنيّ قبل عام 1971 لن يكلّف صاحبه شيئاً، أمّا بعد ذلك فإنه يحتاج إلى إنشاءات تكلّف حوالى 200 أو 300 دولار. أمّا الفيلّا، فقد تكلّف صاحبها أكثر من ذلك بحسب القيمة التخمينية لها في الدوائر العقارية، وإنّ من لا يريد أن ينشئ عقاره فلا مشكلة لدينا، فأنا لن أطلب المال من أحد إلّا إذا أراد فرز عقاره». وينكر المحمودي حصول أي اتفاق مالي مع البلدية والقوى السياسية، فيقول: «لقد اجتمعنا مع الأحزاب والبلدية وتحدثنا عن ضرورة العمل لمصلحة البلدة، لكننا لم نتداول في الأمور المالية».
وبحسب حسين زين الدين (صفد البطيخ)، فإن «أكثر من 40% من أصحاب العقارات في بلدة صفد البطيخ لم يحصلوا بعد المسح على سندات خضراء تثبّت ملكية عقاراتهم بسبب اعتراضات ودعاوى رفعها الأهالي بينها المحقّ وغير المحقّ، ما حرم البعض الحصول على سندات التمليك الخاصة بهم بانتظار حكم المحكمة الذي قد يطول كثيراً». ويتابع: «البعض كان قبل المسح قد باع أرضاً ليست له، ما أخّر عملية المسح والحصول على السندات، إضافة إلى الكثيرين من المهاجرين الذين فوجئوا بمسح عقاراتهم على أسماء أقرباء لهم، ولم يتمكّنوا من الاعتراض ضمن المهل القانونية، لعدم علمهم بذلك».
وفي بلدة حاريص يختلط الحابل بالنابل أيضاً، والجهل في أمور تحديد الأراضي وتحريرها سيّد الموقف. ويقول مختار حاريص علي ناصر: «أنا لا أبرّئ المسّاح أو أدينه. يقال إنه يأخذ المال، لكن لا إثباتات على ذلك. لكن من المعروف أنّ ثمة سماسرة ينصحون الأهالي بضرورة تخليص عقاراتهم عند المسّاح لأنه يقدم أسعاراً متدنية». ويقول علي جواد: «طلب المسّاح من أخي مصطفى مبلغ 8000 دولار لقاء فرز عقاره إلى ثلاثة أجزاء، لكن بعد التسوية وتدخلات البعض سيدفع 2000 دولار فقط». ويلفت إلى أن «المسّاح لا يقبل بأن يعطي أحداً أي وصل بالمبلغ الذي قبضه».