اتهم خالد مشعل، أمس، السلطة الفلسطينية بإنقاذ إسرائيل، مطالباً بمحاسبتها، وواصفاً محمود عباس بأنه رئيس غير شرعي، وذلك رداً على خطاب لأبو مازن رأى فيه أن «حماس» لا تريد المصالحة، مديناً تساوقها مع مخطّطات إسرائيل لإقامة دولة ذات حدود مؤقّتة
تبادل رئيسا السلطة الفلسطينية والمكتب السياسي لحركة «حماس» محمود عباس وخالد مشعل، مساء أمس، أقسى الاتهامات على خلفية طلب الحركة الإسلامية تأجيل موعد المصالحة الوطنية، بناءً على سلوك سلطة رام الله في فضيحة «تقرير غولدستون». قرّر عباس تبرير سلوك سلطته في جنيف بشنّ حملة على حركة «حماس»، متهماً إياها بـ«التهرب من استحقاقات المصالحة الفلسطينية» و«بالتساوق مع إسرائيل في إقامة الدولة ذات الحدود المؤقتة وصرف الأنظار عن معركة القدس ومواجهة الاستيطان»، فردّ مشعل باعتبار أنّ عباس «رئيس غير شرعي ومنتهية ولايته». ورأى أن السلطة الفلسطينية أنقذت إسرائيل عن طريق الموافقة على طلب تأجيل مناقشة التقرير الدولي الذي دان الدولة العبرية، مشيراً إلى أنه لا بدّ من محاسبتها على سلوكها هذا، ومجدّداً التمسك بمبدأ المصالحة بين أبناء الوطن الواحد، «ولكن ليس في هذا التوقيت غير المناسب إذ إن تقرير غولدستون كان الشعرة التي قصمت ظهر البعير».
وكشف مشعل، في خطاب ألقاه من على منبر «منتدى الجولان الدولي» في دمشق، أنه «كلّما قطعنا شوطاً في المصالحة كانت هناك إعاقات، ومنها مشروع غولدستون الذي أفسد وسمّم الأجواء والذي كوّن حالة غضب لا يمكن في ظلها أن نعقد جلسة المصالحة» التي كانت مقررة في 26 من الشهر الجاري في القاهرة. وعن الطلب الذي وجّهته حركته إلى القيادة المصرية لتأجيل موعد المصالحة، قال مشعل «لا نريد الإساءة إلى أي بلد عربي، نريد أن نتعاون مع الجهد العربي، ولكن الذي مرّغ مصالحنا في التراب هو الذي يستحق الغضب».
وبعدما رأى رئيس المكتب السياسي للحركة الإسلامية «أنّنا لم نعد قادرين على تحمّل المزيد من الخطايا من قبل هذه السلطة إثر فضيحة غولدستون»، خلص إلى اعتبار أنّ حركة «فتح» «تستحقّ سلطة أفضل من تلك التي تحكمها حالياً». سلطة جزم مشعل بأنها «لم تعد تستحق ثقتنا بعدما خانت الشهداء الـ 1400 الذين سقطوا خلال العدوان على غزة».
وكان عباس قد برّر، في خطاب متلفز وجّهه إلى الشعب الفلسطيني، قرار تأجيل مناقشة «تقرير غولدستون» بالإشارة إلى أنه «جاء بناءً على توافق واسع لمجموعات عربية وإسلامية ودولية ولو أنكر بعضها ذلك». وعن طلب «حماس» تأجيل المصالحة الوطنية، قال «ندرك أن حملة حماس (حول تأجيل نقاش التقرير) كشفت عن أهدافها للتهرب من استحقاقات المصالحة الوطنية ولتكريس الإمارة الظلامية في قطاع غزة». ووضع هذه الحملة «الحمساوية» في خانة «خدمة مشروع مشبوه يتساوق مع مخطّطات إسرائيل لإضعاف السلطة الوطنية، وإقامة الدولة ذات الحدود المؤقتة وخدمة محاولات صرف الأنظار عن معركة القدس ومواجهة الاستيطان».
وكشف أبو مازن أنه أعطى توجيهاً للوفد الفلسطيني في جنيف للشروع في اتصالات من أجل عرض التقرير مجدداً في جلسة طارئة لمجلس حقوق الإنسان من أجل محاسبة إسرائيل. وأعرب عن احترامه للنقد الذي جاء من فصائل منظمة التحرير ومؤسسات المجتمع المدني على خلفية التأجيل، لكنه تابع «لم أكترث للمهاترات التي انحدرت إلى مستوى غير مسبوق من قبل حركة حماس وبعض القوى ووسائل الإعلام». وختم حول هذا الموضوع بالإشارة إلى أنه «لدينا الشجاعة للاعتراف بالخطأ إذا توصلت إليه لجنة التحقيق التي ألّفناها».
وعن عملية السلام، أكد الرئيس الفلسطيني رفض سلطته المشروع الإسرائيلي القائم على الدولة ذات الحدود المؤقتة، مشدّداً على تمسّك قيادته بالوقف الكامل للاستيطان في القدس وجميع الأراضي الفلسطينية والتحديد الواضح لمرجعية عملية السلام. وعلّق على مساعي المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل بالقول «لمسنا خلال الأسبوعين الماضيين تفهماً لموقفنا في عدم إطلاق المفاوضات في ظل استمرار الاستيطان، وأصبحت هذه الدول تدرك أن عملية السلام ستكون فاشلة اذا لم تسر وفق ما حدّده المجتمع الدولي».
وفي وقت لاحق، أوضح بيان للرئاسة الفلسطينية أن أبو مازن تلقّى اتصالاً هاتفياً من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «أكد خلاله دعمه للرئيس عباس في طلب عقد الجلسة الاستثنائية في لجنة حقوق الإنسان في جنيف لإقرار تقرير القاضي غولدستون، وكذلك دعم التقرير عند مناقشته في مجلس الأمن يوم الرابع عشر من الشهر الجاري».
(الأخبار، أ ب، أ ف ب،
رويترز، يو بي آي)