تلميح بريطاني إلى دعم التقرير يثير مخاوف عبريّة... وواشنطن «محرَجة»في الوقت الذي تستعد فيه السلطة الفلسطينية لإعادة طلب مناقشة تقرير غولدستون أمام مجلس حقوق الإنسان، أثارت تصريحات المندوب البريطاني لدى الأمم المتحدة، جون ساورس، استياء إسرائيل بعد دعوته إلى النظر في محتويات التقرير بعمق وجدية
أثار وصف المندوب البريطاني لدى الأمم المتحدة، جون ساورس، تقرير لجنة تقصّي الحقائق التابعة للأمم المتحدة عن الحرب على غزة برئاسة القاضي ريتشارد غولدستون بـ«الخطير» قلق إسرائيل واستياءها. وعلى أثر تصريحات ساورس، عقدت وزارة الخارجية الإسرائيلية اجتماعاً أعربت فيه عن أملها «أن يكون تأييد السفير البريطاني لتقرير غولدستون لا يعكس موقف بريطانيا الرسمي، وأن تكون (تصريحاته) قيلت على عاتقه الشخصي».
وفي تعليق غير رسمي على تصحريحات ساورس، نقلت صحيفة «هآرتس» عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها إن «لندن، التي تخوض حرباً على الإرهاب، قد تجد نفسها والأصفاد في أيديها إذا قررت أن تدعم الوثيقة»، في إشارة إلى عمليات القصف التي نفذتها قوات حلف شمالي الأطلسي في أفغانستان والعراق وكذلك في كوسوفو.
وفي السياق، أصدر المدير العام للخارجية الإسرائيلية تعليمات لمسؤولي الخارجية بعدم الرد على تصريحات المندوب البريطاني في وسائل الإعلام. كذلك أشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، أصدر تعليمات مماثلة لمسؤولي وزارته حثهم فيها على الامتناع عن الإدلاء بأي تصريحات بشأن تقرير غولدستون، خشية أن تعود تلك التصريحات بأضرار دبلوماسية إضافية.
وكان ساورس قد عبّر، خلال حديث للإذاعة الإسرائيلية أمس، عن اعتقاده بأن التقرير يحتوي على معلومات خطيرة و«يظهر منها التخوف من أنه خلال الحملة العسكرية حدثت خروقات لقوانين الحرب»، مشيراً إلى أن «التكتيك الذي انتهجه الجانبان (أي إسرائيل و«حماس») ارتدّ إليهما كالسهم». وأوضح أنه نتيجة لما يتضمنه التقرير، فإنه سيُناقَش «في مجلس الأمن الدولي وفي أجواء متوترة». ولفت إلى أن «تقرير غولدستون يتضمن تفاصيل بالغة الجدية، وعلى إسرائيل والسلطة الفلسطينية التحقيق في نتائج التقرير». ورأى أنه «لأمر مؤسف أن يرفض الجانبان التعاون مع اللجنة».
إلا أن ساورس نفى إمكان تدخل حكومته لمنع اعتقال مسؤولين إسرائيليين ضالعين في الحرب على غزة بتهمة ارتكابهم جرائم حرب. وشدد على أن «السلطة القضائية في بريطانيا، مثلما هي الحال في إسرائيل، هي سلطة مستقلة تماماً، ولا إمكانية لمنع دعاوى يقدمها أشخاص عاديون ضد إسرائيليين».
في غضون ذلك، تستعد إسرائيل لشنّ حملة دبلوماسية دولية لمواجهة احتمال تصويت مجلس حقوق الإنسان في جنيف على تقرير غولدستون إثر توجه السلطة الفلسطينية لإعادة طرحه مجدداً.
وأفاد الموقع الإلكتروني لصحيفة «هآرتس»، أول من أمس، نقلاً عن مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن «الخطوة الفلسطينية سببت حرجاً بالغاً للإدارة الأميركية، وتجري في واشنطن والقدس محاولات لبلورة رد فعل منذ صباح أمس (الجمعة)». وأضاف المصدر أن التقديرات في إسرائيل تشير إلى أنه ستواجه الإدارة الأميركية صعوبة في منع انعقاد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، «وخصوصاً أن تراجع الفلسطينيين عن طلب تبني تقرير غولدستون الأسبوع الماضي، جاء في أعقاب ضغوط أميركية».
وقالت «هآرتس» إن معلومات وصلت إسرائيل تفيد بأن السفير الفلسطيني في مجلس حقوق الإنسان، إبراهيم خريشة، توجه إلى عدد من الدول العربية الأعضاء في المجلس ولمندوب منظمة المؤتمر الإسلامي وطلب منهم العمل على عقد اجتماع خاص لمجلس حقوق الإنسان للبحث في تقرير غولدستون.
وأكد رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات هذه الأنباء. وقال، في مؤتمر صحافي في رام الله قبل يومين: «سنعود بتقرير غولدستون إلى مجلس لجنة حقوق الإنسان في جنيف لعرضه على التصويت»، معرباً عن أمله أن يجري ذلك خلال الفترة من سبعة أيام إلى عشرة أيام، وذلك حسب الإجراءات التي يجب اتباعها.
من جهةٍ ثانية، تواصلت ردود الفعل الفلسطينية المنتقدة إرجاء مناقشة التقرير. وأدانت لجنة المتابعة العليا للمؤتمر الوطني الفلسطيني موقف رئاسة السلطة الوطنية في رام الله من تقرير غولدستون واستجابتها للمطالب الأميركية والإسرائيلية. ورأت، في بيان أصدرته أمس بعد اجتماعها في دمشق «الإرجاء تفريطاً بحقوق الشعب الفلسطيني ومصالحه واستخفافاً بدماء الشهداء وآلام الجرحى والمصابين جراء العدوان الصهيوني على غزة». ووضعت «هذه الجريمة والخطيئة في سياق سلسلة خطايا سياسية ارتكبها رئيس السلطة»، وختمت بالقول «إنها ينبغي ألّا تمُر دون محاسبة».
(الأخبار، يو بي آي)