خاص بالموقعمثّلت كرة القدم، الرياضة الأكثر شعبية في العالم، نافذة لعبور العلاقات التركية الأرمينية التي تخيم عليها الذكرى السوداء لمذابح الأرمن منذ الحرب العالمية الأولى. فالرئيسان، التركي والأرمني، على موعد اليوم مع فريقيهما الوطنيين في أنقرة، في حدث يكرس عصراً جديداً بين الجارين بعد توقيع اتفاقات المصالحة التاريخية يوم السبت الماضي. وعُزِّزت الإجراءات الأمنية جداً في بورصة (غرب)، لمناسبة مباراة بين فريقي البلدين اللذين فقدا أي أمل في الوصول إلى نهائيات كأس العالم في 2010. وانتشر حوالى ثلاثة آلاف عنصر شرطة لمنع أي أعمال شغب. وأعلن المحافظ صباح الدين هربوت أن عناصر أمن باللباس المدني سيختلطون بالمشجعين في ملعب أتاتورك لمنع أي حوادث، مضيفاً أنه لن يسمح بترديد أي هتافات تثير استفزازات خلال المباراة.

وقبل الرئيس الأرميني سيرج سركيسيان دعوة نظيره التركي عبد الله غول للقيام بزيارة قصيرة لتركيا، لكنه لن يكون أول رئيس أرميني يزور هذا البلد؛ فأحد أسلافه، روبرت كوتشاريان، كان قد حضر في 1999 إلى إسطنبول للمشاركة في قمة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. إلا أنه سيكون الأول الذي يقوم بذلك لأسباب تتعلق بالعلاقات الثنائية. وقال أول من أمس: «إذا لم يحصل أي شيء استثنائي بحلول يومين، فسأتوجه إلى بورصة وسأدعم فريقي المفضل».

ودعا غول سركيسيان إلى حضور مباراة الذهاب في أنقرة في إيلول 2008، بعدما قام بدوره بزيارة تاريخية ليريفان لحضور مباراة الإياب التي فاز فيها الأتراك بهدفين مقابل صفر.

وذكر مصدر رئاسي تركي أن الرئيسين سيحضران في ختام المباراة حفل استقبال في أحد فنادق بورصة، كذلك يمكن أن يتحدثا إلى الصحافيين قبل المباراة. وسيغادر الرئيس الأرميني المدينة على أثره.

وبهدف تعزيز العلاقات أكثر، دعا رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، في خطاب ألقاه أمس في البرلمان في بورصة، إلى «إبداء حسن الضيافة التركية أمام الزوار الأرمن من دون الرضوخ لاستفزازات محتملة». وأضاف: «لقد استقبل رئيسنا بحسن ضيافة في يريفان، ويجب أن نقوم بالشيء نفسه وسنقوم بذلك هنا من أجل الرئيس سركيسيان والفريق الأرميني».

كذلك حثّ أردوغان أرمينيا على السعي إلى تسوية خلافها مع أذربيجان على جيب ناغورني كاراباخ، مؤكداً أن أي تقدم في هذا المجال سيترك أثراً إيجابياً على عملية التطبيع التركية ـ الأرمينية. وأكد أن «البرلمان سيأخذ في الاعتبار التطورات في المشاكل بين أذربيجان وأرمينيا». ومن المتوقع أن يمثّل النزاع على ناغورني كاراباخ بين أذربيجان (المقربة من أنقرة) وأرمينيا عنصراً مهماً في الاتفاقات التي ستعرض على البرلمان التركي للتصديق عليها.

وأوضح أردوغان أنه «إذا دخلت هذه المشاكل على طريق الحل، فإن الشعب التركي سيتبنى على نحو أفضل تطبيع العلاقات التركية ـ الأرمنية، والتصديق على هذه البروتوكولات سيكون أكثر سهولة».

وأشاد أردوغان بتوقيع اتفاقات التطبيع بين البلدين لكونها «خطوة إيجابية جداً» في الحوار الذي أطلق بينهما في 2007 للتوصل إلى مصالحة.



(أ ف ب)