strong>«بوز ألن هاملتون»: المنتجون يرون الانضمام إلى WTO إيجابياًفي عام 2007، وقّع لبنان مع الوكالة الأميركية للتنمية مذكرة تفاهم لتسهيل انضمام لبنان إلى منظمة التجارة العالمية، على أن تنفذ شركة «بوز ألن هاملتون» مشروع المساعدة التقنية للانضمام، فأجرت هذه الشركة استطلاعاً لآراء العاملين في القطاعين الزراعي والصناعي، في جدوى الانضمام إلى المنظمة، فجاءت النتيجة على عكس كل المواقف المعروفة في هذين القطاعين: الكل يلهث وراء الانضمام!

رشا أبو زكي
81% من منتجي الصناعات الزراعية والمحللين توقعوا تغييراً في قيمة الإنتاج في حال انضمام لبنان إلى WTO، فيما توقع 78% زيادة في الصادرات. 62% من المنتجين و87% من المستوردين، مقابل 40% من المحللين شعروا بأنه سيكون لخفض التعرفة الجمركية تأثير اقتصادي إيجابي، ووجد 84% من المنتجين و90% من المستوردين و60% من المحللين أن التأثير العام للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية سيكون على الأرجح إيجابياً على الصناعة اللبنانية...
هذه هي نتائج الاستطلاع الذي أجرته شركة بوز ألن هاملتن لمصلحة وزارة الاقتصاد والتجارة، علماً بأن العيّنة لم تشمل سوى 72 شخصاً من المنتجين والمستوردين والخبراء الصناعيين، لتخلص الدراسة إلى نتيجة مفادها أن المنتجين «أظهروا في هذا الاستقصاء ميلاً واضحاً إلى دعم التغييرات والإصلاحات الموازية لعملية الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية».
إلى أي مدى تتمتّع هذه الدراسات بالصدقية؟ فالمسألة لا تنحصر باعتماد عيّنة ضيقة جداً، بل تنسحب أيضاً على تقويم آراء المعنيين الفعليين الذين لم يتركوا مناسبة إلا انتقدوا فيها الاتفاقيات التجارية التي تعقدها الحكومة على حسابهم من دون استشارتهم.
فالصناعيون أعلنوا رفضهم الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية قبل تحقيق عدد كبير من الشروط الضرورية التي تسمح بها المنظمة وترفض الحكومة اللبنانية تطبيقها، فيما وصفت النقابات والتجمعات الزراعية عملية الانضمام بـ«الكارثة»، متخذة من اتفاق تيسير التجارة العربية الحرة نموذجاً مصغّراً عن حجم المشكلات التي ستواجه القطاع في حال الانضمام إلى WTO!

هذا ما قالته الدراسة!

نتائج استطلاع شركة «بوز ألن هاملتون» وردت في تقرير أعدته وزارة الاقتصاد والتجارة ونشرته أخيراً في نشرة «التجارة والتنمية» المخصصة لدعم جهود لبنان في الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية. وقد حاول التقرير تبيان الأثر الإيجابي لاتفاق تيسير التجارة العربية الموقّع في عام 1997 على القطاعات الإنتاجية في لبنان، إلى حد نسف الموقف الحقيقي للقطاعات الإنتاجية الممتعض من النتائج التي أدى إليها. وأراد التقرير اعتماد اتفاق التيسير نموذجاً يمكن الاتكال عليه للموافقة على الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية. وأورد التقرير دراسة بوز ألن هاملتون مرجعاً لتبيان أهمية الانضمام إلى المنظمة... وعلى الرغم من أن رئيس نقابة الصناعات الغذائية في لبنان جورج نصراوي قد أشار في أحاديث صحافية مختلفة إلى أن «الاتفاقات التجارية بين لبنان وبعض الدول ودخول لبنان إلى منظمة التجارة العالمية وازدياد المعايير الصحية لدى أكثر الدول المتقدمة أتت نتائجها انخفاضاً في الصادرات اللبنانية إلى الخارج» وأن «مصانع المواد الغذائية، تعاني، كغيرها من القطاعات، كلفة الإنتاج المرتفعة، ما أدى إلى إفلاس عدد كبير من المصانع». إلا أن الدراسة «على الرغم من الادعاءات المتكررة المعاكسة، فقد أظهرت أنه لم يكن لانضمام لبنان إلى منطقة التجارة الحرة العربية أي تأثير سلبي على الصناعات الزراعية... بالإضافة إلى ذلك، لم تتدهور حالة التوازن في التبادل التجاري مع مصر، وهي من البلدان التي تتميز بإنتاج ذي كلفة منخفضة. إلا أن اختلال التوازن السلبي الأساسي كان مع الصين التي لا تربطها بلبنان أية اتفاقية تجارية. فالصين عضو في منظمة التجارة وستستفيد الشركات الصينية من قيود مخفوضة على التجارة في حال انضمام لبنان إلى المنظمة»!
إلا أن رئيس جمعية الصناعيين فادي عبود أكد لـ«الأخبار» أن لبنان لا يطبق حتى الشروط الإيجابية التي تضعها منظمة التجارة العالمية على الدول قبل الانضمام، ومنها قانون حماية الإنتاج الوطني، إضافة إلى العديد من الإجراءات التي يجب أن يُسرَع في بتّها للقضاء على ظواهر عديدة، كالوكالات الحصرية، والرسوم التي تتقاضاها نقابات المهن الحرة من المواطنين. ويلفت إلى أن المشكلة تتعلق بتحرير الاستيراد من دول بعضها يمارس الإغراق في السوق اللبنانية، وبعضها يدعم أكلاف الإنتاج. ويلفت عبّود إلى أن الولايات المتحدة الأميركية وضعت أعلى تعرفات جمركية (35%) على استيراد الدواليب، وقبل ذلك على المنتجات الإلكترونية والحديد، وبالتالي فإن الدول تمارس حقها في منع المضاربة غير المشروعة، إلا لبنان فهو غير مستعد للقيام بهذا الواجب! ويستغرب عبود رفض الدولة اللبنانية تنفيذ عدد من البنود الحمائية التي تمنح منظمة التجارة العالمية الدول الحق في اتخاذها. ويرى أن اتفاق تيسير التجارة العربية كان فاشلاً جداً وسبب ضرراً بالغاً للقطاعات الصناعية في لبنان. إذ إن الدول العربية تدعم إنتاجها بما يشبه القرصنة. ويشرح عبود أن مصر مثال صارخ على النتائج السيئة لاتفاق التيسير، بحيث ارتفعت واردات لبنان من مصر إلى 600 مليون دولار، فيما الصادرات إلى مصر لا تتعدى 120 مليون دولار، مشيراً إلى أن الحديث عن ضرورة الدخول إلى منظمة التجارة العالمية للإفادة من التجارة مع الصين هو «مزحة»، إذ إن الصين من كبرى الدول التي تدعم إنتاجها وتغرق الأسواق عبر المنافسة غير المشروعة.

المزارعون: لا للانضمام

من جهته، يقول رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين أنطوان حويك، إنه لا أحد في الحكومة أو في وزارة الاقتصاد والتجارة لم يسأل المزارعين عن تأثير الانضمام على القطاع الزراعي، ويشدد قائلاً: «نحن ضد الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، لكون هذا الإجراء سيصيب القطاع الزراعي بضرر بالغ». ويلفت إلى أن اتفاقية تيسير التجارة العربية مثلاً زادت من صادرات لبنان، إلا أن وارداته من الدول العربية ازدادت أضعافاً. ويشير إلى أن الانضمام إلى المنظمة لا يجب أن يؤخذ من زاوية الصادرات والواردات، إذ ثمة معادلات اجتماعية اقتصادية يجب الارتكاز عليها، فمثلاً زراعة الفاكهة تشغل عدداً كبيراً من العاملين في القطاع الزراعي، والانضمام إلى المنظمة سيقضي على مصدر رزق قرى بأكملها، وتحرير التجارة مثلاً سيؤدي إلى تصحّر قرى في البقاع الشمالي ترتكز على زراعة البندورة والشمام والبطيخ... أما عن الاتفاقيات التي عقدت مع الاتحاد الأوروبي، فيعلّق الحويك قائلاً: «لم نستفد منها قط».


300 مليون دولار

هو حجم صادرات الصناعات الغذائية اللبنانية في عام 2008، وقد كان من أبرز الصادرات: الخضر والنباتات والفاكهة المصنّعة، ومن ثم المشروبات والتبغ

مليار و1،3 مليون دولار

هو حجم واردات الصناعات الغذائية إلى لبنان في عام 2008، وقد كان من أبرز المواد المستوردة: التبغ والدهون والزيوت والمشروبات


نموذج عن «المصيبة»