حيفا ــ فراس خطيبكشفت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أمس، عن لجوء سلطات الاحتلال إلى وسيلة قديمة ـــــ جديدة للتنكيل بالفلسطينيين والاعتداء عليهم. فقد بدأت الشرطة في الآونة الأخيرة، بتفعيل وحدة «مستعربين» سرية تعمل في البلدات العربية وفي القدس الشرقية المحتلة من أجل «إحباط عمليات إرهابية». وبحسب الصحيفة، فإنّ مهمّات هذه الوحدات التابعة للشرطة اتسعت لتشمل بلدات عربية فلسطينية داخل الخط الأخضر.
ويوضح تقرير الصحيفة أنّ وحدات المستعربين هي فرق سرية ونخبوية تعمل في صفوف الشرطة و«حرس الحدود» تحديداً في المناطق الفلسطينية المحتلة. ويتخفّى أفراد هذه الوحدة، قبل قيامهم بالعملية، بلباس مدني مطابق لما يلبسه الفلسطينيون في المنطقة المستهدفة. ووفق شرح «هآرتس»، يتعلم أفرادها اللغة العربية والعادات والتقاليد، ويتغلغلون في صفوف الفلسطينيين وينفذّون عمليات اعتقال وأحياناً اغتيالات في المناطق المحتلة.
ولا تقتصر مهمّات هذه الفرق على ذلك، بل تتعدّاها لتصل إلى تغلغل عناصرها في صفوف المتظاهرين الفلسطينيين واليهود اليساريين المشاركين في التظاهرات المناهضة لجدار الفصل العنصري. وقد وثّقت كاميرا التلفزيون، قيام اثنين من المتظاهرين فجأةً باعتقال متظاهر ثالث، كان يلقي الحجارة على جنود الاحتلال، ليتبين في ما بعد أنَّهما تابعان لوحدة «المستعربين».
يتقنون العربية وعادات الفلسطينيين ومهمّاتهم تشمل الاعتقالات والاغتيالات
وكانت القناة الإسرائيلية الثانية قد بثّت برنامجاً خاصّاً بعنوان «سري للغاية» قبل فترة طويلة، أشارت فيه إلى أنَّ المستعربين يجرون دورات تأهيل عديدة من أجل إتقان الشخصية التي يريدون تمثيلها. ويخضع هؤلاء، بحسب البرنامج، إلى عمليات تجميلية مثل إضافة الشوارب، وإزالة الشعر وغيرها من عمليات التمويه. ومن الممكن أن يمثّل المستعرب شخصيات عديدة، منها رجل قروي عادي، أو شاب عربي، أو أن يتنكر بزي عربيّة محجّبة. وتمّ توثيق العديد من العمليات المذكورة في التقريرين المتلفز والمكتوب، علماً بأنّ الوحدة نفّذت الآلاف من عملياتها في المناطق الفلسطينية المحتلة على مدار سنوات الماضية.
ولفتت «هآرتس» إلى أنّ الشرطة الإسرائيلية تدّعي أنّها تستخدم وحدة «المستعربين» في محاربة منظمات الإجرام، بدليل أنّ المفتش العام للشرطة دافيد كوهين ادعى أمام مراقب الدولة قبل شهرين، أنه لا توجد لدى الشرطة «بنية تحتية» لمحاربة المنظمات الإجرامية العربية مثل عائلة جاروشي في مدينة الرملة. وتعهّد كوهين زيادة عدد أفراد وحدة «المستعربين»، مبرّراً ذلك بأنه «يصعب علينا الآن العمل داخل أم الفحم، ويصعب العمل في الناحية الجنائية في الجواريش في الرملة، لذلك ستكبر هذه الوحدة». من جهته، رفض المتحدّث باسم الشرطة ميكي روزنفلد التعليق على الموضوع. وقال، لوكالة «فرانس برس»، «لن أخوض في هذا الموضوع. ما أعرفه أنّ هناك وحدة مستعربين تعمل منذ عدّة سنوات في شرق القدس ومحيطها في مكافحة الإرهاب في الشطر الغربي».
أمّا رئيس الكتلة البرلمانية لحزب «التجمع الوطني الديموقراطي»، جمال زحالقة (الصورة)، فرأى، في حديث لـ «الأخبار»، أنّ وجود الوحدة «يدلّ على أن الشرطة الإسرائيلية تتعامل معنا كأعداءٍ لا كمواطنين»، موضحاً أنّ «هدف هذه الوحدة سياسي، لأنّ نضالنا سياسي لا عسكريّ ولا مسلّح». ورأى أنّ مجرد وجود وحدة خاصة بالعرب «يدلّ على أنَّ التعامل معنا هو من منظور أمني، ولا قيمة للمواطَنة الإسرائيلية في نظر السلطات الإسرائيلية عندما يكون المواطن عربياً».
وفي السياق، أوضح النائب عن «الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة»، عفو أغبارية، أنّ «الشرطة تعرف من يضع عَلَماً فلسطينياً في منتصف الليل، بينما لا تحرك ساكناً تجاه جرائم القتل، بل تتحفظ عليها ولا يحصل أحد على حقّه»، متسائلاً «هل العنف موجود في الوسط العربي فقط؟».