منتدى التشغيل العربي يحثّ على خفض معدل البطالةرشا أبو زكي
شبح البطالة يجتاح الدول العربية، النفطية وغير النفطية. وفي محاولة لوضع أجندة عملية للقضاء على هذه الظاهرة افتتحت منظمتا العمل الدولية والعربية «المنتدى العربي للتشغيل» أمس تحت عنوان «ميثاق لفرص العمل من أجل إعادة الإنعاش والنمو»... وفي قاعة كبيرة اجتمع ممثلو أصحاب العمل والعمال ووزراء العمل من معظم الدول العربية، جلسوا على مقاعد متلاصقة، تحادثوا وأطلقوا النكات وضحكوا بابتسامات متناسقة... «الجو لطيف» يقول أحد المشاركين، إذ لا لوم ولا ملامة، ولا غالب ولا مغلوب، فأصحاب العمل ممتعضون من تأثيرات الأزمة المالية على أعمالهم، وأحياناً على إغلاق مصانعهم وإفلاسهم. وممثلو العمال ممتعضون من ارتفاع نسبة البطالة بسبب الأزمة المالية العالمية. أما ممثلو الحكومات من وزراء عمل وغيرهم، فهم يحاولون لمّ الشمل واقتراح حلول نظرية للمشكلات... وهكذا توزعت الكلمات ما بين الدعوات إلى تحقيق ما اتُّفق عليه في قمة الكويت لجهة خفض معدلات البطالة إلى النصف بحلول عام 2020، والإعلان أن العالم العربي سيكون بحاجة إلى 90 مليون وظيفة عام 2020 نفسه، وبين الداعين إلى إعادة إطلاق عجلة الاستثمار لتحقيق الانتعاش.

مؤشرات لا تطمئن!

المدير العام لمنظمة العمل الدولية خوان سومافيا ألقى الكلمة الأولى منتقداً كيف أن العالم اتخذ إجراءات استثنائية لحماية المصارف، فيما يجب أن تمتد هذه الإجراءات لتشمل العمالة والأوضاع الاجتماعية. ولفت إلى أن الأزمة المالية العالمية أثرت على جميع دول العالم، ومن بينها العالم العربي، بحيث من المتوقع أن تشهد دول المنطقة نمواً بنسبة 2% في عام 2009، فيما سيرتفع إلى 4% في عام 2010. في المقابل ارتفعت معدلات البطالة في المنطقة إلى ما بين 9 إلى 11 في المئة وفق إحصاءات المنظمة. ويلفت إلى أن الأراضي الفلسطينية المحتلة تشهد أقسى أنواع الأزمة، وذلك بسبب الاحتلال والنزاع الداخلي. ودعا سومافيا إلى العمل على تطبيق ما نتج من قمة الكويت الاقتصادية، وخصوصاً في ما يتعلق بتعهد الدول العربية خفض نسبة البطالة إلى النصف حتى عام 2020.
وفيما شدد المدير العام لمنظمة العمل العربية أحمد لقمان على ضرورة إقامة منطقة جمركية عربية واحدة قبل عام 2015 وسوق عربية مشتركة قبل عام 2020، ودعم القطاع الخاص لأداء دوره في التنمية، وزيادة تدفّق الاستثمارات البينية العربية، أكد الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، حسن جمّام، أن العالم العربي سيكون بحاجة إلى أكثر من 90 مليون فرصة عمل سنة 2020، مشدداً باسم العمال العرب على أن معضلة البطالة لا يمكن أن تحل إلا في ظل مقاربة شاملة تتلازم فيها الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية ويتحقق من خلالها التكامل الاقتصادي العربي المنشود.
من جهته، قال الأمين العام لاتحاد الغرف التجارية العربية عماد شهاب إن أزمة البطالة قد تكون هي لقب عام 2010 من دون منازع، لافتاً إلى وجود مؤشرات أساسية تبيّن عودة خجولة للاقتصاد العالمي إلى منحى الانتعاش، لكن العالم لا يزال بانتظار عودة الزخم إلى حركة الاستثمارات لكي يطمئن إلى حدوث انتعاش حقيقي.

بين العمال وأصحاب العمل

في جولة قامت بها «الأخبار» على المشاركين في المنتدى، قال رئيس اللجنة السعودية للعمال محمد رضوان إن أبرز مشكلة يعانيها العمال السعوديون هي عدم وجود تنظيمات نقابية تجمعهم، لافتاً إلى أنه منذ حوالى 5 سنوات بوشر بتأليف لجان عمالية تمهيداً لتأسيس نقابات. إلا أنه حتى ذلك الحين قلما يُنَظَّم حوار اجتماعي في القضايا العمالية في المملكة. ويقول: «لسنا كلنا أثرياء، ففي السعودية تسيطر الحكومة على النفط، فيما الشعب لا يمتلك شيئاً، وبذلك ينقسم المجتمع السعودي بين طبقة ثرية، هي أقلية، وطبقة فقيرة هي كذلك ليست واسعة، فيما الطبقة الوسطى هي المسيطرة»، ويشرح أن المشكلة الأساسية في السعودية تتمحور حول وجود 6 ملايين عامل أجنبي، فيما نسبة البطالة بين الشباب ارتفعت إلى نحو 10 في المئة. ويلفت إلى أن هذا الواقع بدأ ينتج بداية انتشار ظاهرة هجرة اليد العاملة السعودية المتخصصة. ويلفت إلى أنّ في السعودية مساواة بين الرجل والمرأة على مستوى الأجر من جهة، لكن تتقلص الخيارات الوظيفية أمام النساء من جهة أخرى.

نسبة العاطلين من العمل ارتفعت بعد الأزمة المالية العالمية الى ما بين 9 و11 في المئة في المنطقة العربية

ويقول رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق عدنان الصفار إن العمال العراقيين يعانون مشكلات عديدة، على رأسها قوانين العمل التي لا تزال هي نفسها منذ نظام صدام حسين. ويشير إلى أن مجلس النواب الحالي بعيد جداً عن بحث مطالب العمال وتغيير التشريعات المتصلة بهم، إضافة إلى أن الاحتلال قضى على نحو 200 مصنع ومعمل على الأراضي العراقية لترتفع نسبة البطالة المنظورة إلى 40 في المئة، فيما سُجِّل مليون و200 ألف عاطل من العمل في وزارة العمل، يضاف إليهم عدد كبير من غير المسجلين.
أما رئيس الاتحاد العام التونسي للشغل عبيد بركي فيشرح أن نسبة العمال الذين فقدوا وظائفهم في تونس تعدّت 7% بعد الأزمة المالية العالمية، لافتاً إلى أن نسبة البطالة وصلت إلى 14%، ما أدى إلى تنظيم مسيرات احتجاجية في تونس من العمال، للمطالبة بديمومة عملهم. ولفت إلى أن أبرز المطالب العمالية الآنية تتمحور حول إنشاء صندوق بطالة لحماية العمال.
أما رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية في اليمن، محمد عبدو سعيد، فيشير إلى أنه لا مشكلات حالياً بين أصحاب العمل والعمال في اليمن، بعدما ارتفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 100 في المئة خلال العام الماضي، تماشياً مع ارتفاع غلاء المعيشة. ويلفت إلى أن الإشكال الأساسي هو وجود بطالة واسعة ناتجة أساساً من قلة الفرص الاستثمارية، إضافة إلى عدم وجود هوية واضحة للشراكة ما بين القطاع العام والخاص. ولفت إلى أن نسبة البطالة ارتفعت بعد الأزمة المالية العالمية حوالى 1 في المئة، «إلا أن الدولة والعمال يتفهمان هذا الموضوع، لكونه نتاج الأزمة المالية العالمية».


50 في المئة

هي نسبة «العمالة الهشة» بالمقارنة مع الوظائف المتوافرة في العالم العربي وفق إحصائيات منظمة العمل الدولية، وترى المنظمة أن سياسات الاستخدام والحماية الاجتماعية المجزأة والضعيفة وضعف الحوار الاجتماعي تؤدي الى تفاقم هذه الظاهرة


الدول العربية ليست بمنأى عن الأزمة