strong>حكومة نتنياهو نحو رفض تأليف لجنة تحقيق... بدفع من باراكقرر المجلس الوزاري المصغّر لشؤون الأمن القومي في إسرائيل اتّباع الأسلوب القائل «أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم» بإعلانه الحرب على تقرير غولدستون، والاستجابة لمطلب وزير الدفاع إيهود باراك وقادة الجيش الإسرائيلي، عدم مناقشة تأليف لجنة تحقيق إسرائيلية في أحداث عدوان «الرصاص المصهور»

مهدي السيّد
عقد المجلس الوزاري المصغّر لشؤون الأمن القومي في إسرائيل جلسة أمس لمناقشة تقرير غولدستون، والتباحث في تداعيات تبنّي مجلس حقوق الإنسان لتوصياته، في ظلّ تباين كبير في وجهات النظر بين المسؤولين الإسرائيليين بشأن الموقف من تأليف لجنة تحقيق إسرائيلية مستقلة تكون مهمتها التحقيق بمجريات العداون الإسرائيلي على قطاع غزة.
وفيما أشارت التقارير الإسرائيلية إلى أن وزير الدفاع إيهود باراك والجيش الإسرائيلي يعارضان تأليف اللجنة، كشفت في المقابل أن القوة المحركة الأساسية لمثل هذا التحقيق الخارجي هي المستشار القانوني للحكومة ميني مزوز. وبحسب صحيفة «معاريف»، فإن موقف وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان بدأ يتغير، وأنه على الرغم من أنه لا يزال يعارض مبدئياً الفحص الخارجي، لكنه سُمع في الأيام الأخيرة وهو يقول إنه «في النهاية لن يكون هناك مفرّ وسنضطر إلى التحقيق». وأضافت أن «هذا على ما يبدو أيضاً هو موقف وزير العدل يعقوب نئمان ووزير شؤون الاستخبارات دان مريدور».
وفيما رجّحت التقارير المتداولة أن يحسم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الموقف النهائي، جاء الحسم منسجماً مع موقف باراك، الذي طالب بعدم مناقشة المجلس لموضوع تأليف لجنة تحقيق، بذريعة أن تأليفها سيلحق ضرراً دولياً أكبر بإسرائيل، مانحاً بذلك غطاءً كاملاً للجيش الإسرائيلي ولنشاطاته خلال عدوان «الرصاص المصهور».
وحظي موقف باراك بغطاء من نتنياهو، وبتأييد مجلس الأمن القومي برئاسة عوزي آراد، الذي يخضع مباشرة لسلطة رئيس الحكومة، والمؤتمن على مضامين مداولات المجلس الوزاري المصغر.
لنتنياهو مصلحة سياسية حزبية في تأليف لجنة تحقيق لأنها ستحرج خصومه السياسيّين
في مقابل ذلك، قرر المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن القومي، وفق ما ذكر موقع «يديعوت أحرونوت»، تأليف وحدة لمحاربة تقرير غولدستون وتداعياته القضائية والدولية، على أن تكون هذه الوحدة خاضعة لوزارة الخارجية، وستضم محافل من الوزارات ذات الصلة، مثل وزارة الدفاع، وزارة الخارجية. وأوضحت أن مهمة هذه الوحدة «محاربة الموجة المتصاعدة للدعاوى ضد إسرائيل ولمعالجة تطورات التقرير بعد تبنّيه من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. وستمثّل هذه الوحدة الجبهة الإسرائيلية للاستعداد لنقاش محتمل للتقرير في مجلس الأمن الشهر المقبل».
وكان نتنياهو قد صرح، أول من أمس، في جلسة لكتلة «الليكود»، أنه بعد تبنّي تقرير غولدستون في مجلس حقوق الإنسان فإن التقديرات تشير إلى أنه سيصل إلى الجمعية العامة ومجلس الأمن في الأمم المتحدة. وقال إن إسرائيل سوف تهتم باستخدام الفيتو ضده. تجدر الإشارة إلى أن دولاً كثيرة في العالم قد بعثت برسائل إلى إسرائيل مفادها أنه يجب فتح تحقيق إسرائيلي مستقلّ من أجل وقف تداعيات التقرير ومنع وصوله إلى المحكمة الدولية في لاهاي. وهو ما يتوافق مع تقديرات إسرائيلية تشير، بحسب «هآرتس»، إلى أن إجراء تحقيق معمّق في الشبهات الموجّهة لإسرائيل بارتكاب جرائم حرب من شأنه أن يسقط التقرير من جدول الأعمال، بيد أنها من الممكن أيضاً أن تمسّ بمكانة النيابة العامة والتحقيقات في جيش الاحتلال. وفي المقابل، فإن إجراء تحقيق سطحي سيبدو كعملية طمس ويزيد من الضغط الدولي. وفي ظل قرار المجلس الوزاري المصغر عدم مناقشة موضوع تأليف لجنة تحقيق إسرائيلية، يبقى السؤال المطروح هو ما إذا كان هذا الموضوع سيُطرح مجدداً على بساط البحث، على اعتبار أن المجلس لم يتخذ موقفاً حاسماً ونهائياً من الموضوع، في ضوء التقديرات التي تتحدث عن اعتبارات سياسية وأمنية وحزبية، تتحكم بمواقف الوزراء، وتميل إلى مصلحة تأليف اللجنة.
وفي هذا السياق، تشير «معاريف» إلى أن لنتنياهو مصلحة سياسية ـــــ حزبية في تأليف لجنة كهذه، لأنه لن يتضرر منها بسبب عدم توليه مناصب رسمية حكومية خلال الحرب على غزة من جهة، وأن بإمكان لجنة كهذه أن تضع خصومه السياسيين، وخصوصاً رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت ووزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني، في وضع حرج وإضعاف مكانة رئيس حزب العمل، وزير الدفاع الحالي، باراك من الجهة الثانية.
وتضيف «معاريف» أن ليبرمان لديه مصلحة بنيل رضى المؤسسة القضائية، التي تدفع باتجاه تأليف اللجنة، وذلك في ضوء ملف التحقيق الجنائي ضده والاشتباه بتلقيه أموالاً بصورة غير قانونية.
إلى ذلك، أعلن المتحدث باسم الجمعية العامة للأمم المتحدة جان ـ فيكتور نكولو، أول من أمس، أن الجمعية ستبحث قبل أواخر السنة في تقرير غولدستون. وأضاف أن رئيس الجمعية علي التريكي تسلّم تقرير الجمعية مع توصية ببحثه من قبل الجمعية العامة «خلال المرحلة الأساسية من أعمال دورتها الرابعة والستين، أي قبل نهاية كانون الأول 2009».