نيويورك ــ نزار عبودبعد أسبوعين على صدور قرارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تطالب إسرائيل بوضع منشآتها النووية تحت الرقابة، صدرت تحذيرات من مخاطر المفاعلات الذريّة الإسرائيلية الكثيرة على العالم من النواحي الإشعاعية وتلويثها للجو والبر وحتى المياه الإقليمية.
وحثّ منار طالب، السكرتير الثاني في البعثة السورية في نيويورك، الأمم المتحدة على وضع المفاعلات النووية الإسرائيلية الثمانية تحت الرقابة الدولية «لكي لا يشهد العالم كارثة نووية جديدة على غرار مفاعل تشرنوبيل» الأوكراني الذي انشطر في عام 1986.
وشدد طالب، خلال اجتماع في اللجنة الرابعة من الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاصة بالقضايا السياسية وإزالة الاستعمار تحت بند «أضرار الإشعاعات النووية»، على أن «من حق العالم أن يعرف ما يدور في تلك المفاعلات، وما إذا كانت تعمل ضمن شروط آمنة أو لا». ونبّه إلى أن غياب الرقابة الدولية ونظام السلامة اللازم «يمثّلان تهديداً خطيراً»، محمّلاً المجتمع الدولي مسؤولية التغاضي عنه. وشدّد طالب على ضرورة فرض المجتمع الدولي على إسرائيل وضع مفاعلاتها الثمانية تحت الرقابة، مستنداً إلى ما ورد في الفقرة الخامسة من قرار مجلس الأمن الدولي 487 الصادر عام 1981.
كذلك حذّر الدبلوماسي السوري من مخاطر الإشعاعات النووية من النفايات التي ترمى في البحار والمحيطات، وما تمثله من تهديد على سلامة البشر في الدول المجاورة. ونبّه إلى أن إسرائيل تلقي نفايات نووية في الجولان السوري المحتل «وسط صمت مطبق من المجتمع الدولي، تهدد أرواح السكان الواقعين تحت الاحتلال».
إسرائيل تلقي نفايات نووية في الجولان السوري المحتلّ وسط صمت مطبق من المجتمع الدولي
الجدير بالذكر أن الكيان الإسرائيلي، الذي يخرق كل القوانين الدولية في ما خصّ الصناعة النووية بوضع ثمانية مفاعلات ضمن حيّز جغرافي ضيّق وفي منطقة مشتعلة عسكرياً، رفض قرارين صدرا عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل أسبوعين. وطالب القراران الدولة العبرية بوضع منشآتها النووية تحت رقابة الوكالة والانضمام إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية. غير أن إسرائيل رفضت الاستجابة للإرادة الدولية ولأي تعاون مع وكالة الطاقة، فيما اشترط مسؤولون فيها ترك أي حديث عن نزع السلاح النووي في الشرق الأوسط إلى ما بعد تحقيق سلام شامل.
وقالت المسؤولة في وزارة الخارجية الإسرائيلية، روديكا راديان ـــــ غوردون، إن تحويل الشرق الأوسط إلى منطقة خالية من السلاح النووي منوط بإجراء مفاوضات «حرة ومباشرة بين جميع دول الشرق الأوسط». وأضافت، في نقاش بشأن نزع السلاح جرى في اللجنة الأولى للجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي، «إن تحقيق سلام شامل بين إسرائيل وجيرانها يجب أن ترافقه إجراءات بناء ثقة وترتيبات على مستوى الأسلحة التقليدية»، مشيرة إلى أن «ذلك لن يتحقق من دون مفاوضات حرة مباشرة بين جميع الدول».
واشترطت راديان ـــــ غوردون للانضمام إلى المعاهدات الدولية ذات الصلة «عدم تقويض هامش الأمن الإسرائيلي الضيق». لكنها أعربت عن تأييدها لمعاهدة «حظر التجارب النووية، وطالبت بوضع حد نهائي لها وإقامة نظام تثبيت ورقابة صارم يسد كل الثغر». بدوره، حذّر ماجد عبد الفتاح، مندوب مصر الدائم في الجلسة نفسها، من أن إسرائيل تعزز يوميّاً قدراتها العسكرية النووية الغامضة خارج إطار معاهدة منع الانتشار ونظام السلامة المتصل بها. وأكد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود أولمرت، «أقرّ علناً بامتلاك أسلحة نووية خارج الإطار الشرعي لمعاهدة منع الانتشار». ورغم ذلك، «قادت إسرائيل حملة دولية على قدرات إيران النووية، زاعمة أنها تشكّل خطراً على السلم والأمن الدوليين، وأنها تمثل خرقاً إيرانياً لالتزاماتها بموجب معاهدة منع الانتشار. كما ربطت إسرائيل بين التعاطي مع الملف النووي الإيراني وإحراز تقدم في عملية السلام الشامل في الشرق الأوسط. وهذا يصل إلى ممارسة مكشوفة للمعايير المزدوجة وتسييس فاضح لمسألة امتلاك السلاح النووي».
وفي الجلسة نفسها، تحدث مندوب السويد، ماغنوس هيلغرين، نيابة عن الاتحاد الأوروبي، محذّراً من برنامج إيران النووي ومتجاهلاً كليّاً للترسانة النووية الإسرائيلية. وقال إن «الاتحاد يواصل العمل من أجل إنجاح مؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار في 2010، لكنه مشغول بالتحديات الحالية. فهو يدين بشدة تجربة كوريا الديموقراطية، ومهتم بمسألة إخفاق إيران في تلبية واجباتها الدولية».
وردّ عليه مندوب إيران في اللجنة، الصايغ طالب طوسي، واتهمه بعدم النزاهة والكيل بمكيالين لتجاهله امتلاك إسرائيل أسلحة نووية ليتحدث عن شبهات باحتمال امتلاك إيران برنامجاً عسكرياً نووياً. وأكد أن برنامج بلاده يقتصر على الأغراض المدنية السلمية، وأنه يخضع لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بعكس البرنامج الإسرائيلي.