الصادرات الرقمية الأقل تأثراً والأكثر مناعةً في العالم


محمد وهبة
يُظهر تقرير أصدرته منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) بعنوان «اقتصاد المعلومات لعام 2009: الاتجاهات والتوقعات في أوقات الاضطراب»، حجم التخلّف الذي يعانيه لبنان في هذا المجال، حتى إن الأرقام والإحصاءات المتوافرة عن القطاع قليلة جداً وغير نوعية، على الرغم من أن مصدرها «رئاسة الحكومة»، بحسب ما أوضح مدير إدارة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، التي أطلقت التقرير نيابةً عن «أونكتاد» أمس.
والبارز عالمياً، أن الفجوة بين معدلات الاستخدام والاختراق بين الدول المتقدمة والنامية المعروفة بـ«الفجوة الرقمية» لا تزال كبيرة، وقد أثّرت الأزمة المالية العالمية والتباطؤ الاقتصادي الذي نتج منها في توسّع القطاع بمرتكزاته الأربعة (الإنترنت، الهاتف الثابت، الخلوي، خدمات الحزمة العريضة)، إلّا أن صادرات تكنولوجيا المعلومات والاتصال كانت الأقل تأثراً، والأكثر مناعةً بين صادرات السلع في العالم.

لبنان: الإحصاءات الضائعة

وبحسب الجداول الإحصائية في التقرير، فقد بلغ حجم خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصال في لبنان في عام 2007 نحو 12.080 مليار دولار، وصدّر لبنان في عام 2006 بقيمة 6106.9 مليون دولار، وفي عام 2007 صدّر بقيمة 6943.1 مليون دولار، واستورد في 2006 بقيمة 4213.2 مليون دولار، وفي عام 2007 بقيمة 5137.2 مليوناً. وتظهر الدراسة أن لبنان صدّر سلع تكنولوجيا المعلومات والاتصال في عام 1998 بقيمة 13 مليون دولار، وفي عام 2003 بقيمة 14.9 مليون دولار، واستورد في عام 1998 بقيمة 360 مليون دولار وفي عام 2003 بقيمة 299 مليون دولار.
وارتفع عدد مشتركي الهاتف الخلوي ارتفاعاً ملحوظاً، فبلغ عام 2008 نحو 1.67 مليون مشترك مقارنةً بـ 1.26 مليون مشترك عام 2007 و800 ألف عام 2003، وبالتالي زادت معدلات الاختراق من 22.86 في المئة إلى 30.745 في المئة فـ40.37 في المئة.
ولا تزال تعدّ نسب استخدام الإنترنت منخفضة، فقد بلغ عدد مشتركي الإنترنت 650 ألف مشترك عام 2007 مقارنةً بـ450 ألفاً في 2003، في مقابل زيادة معدلات الاختراق في القطاع من 12.86 في المئة إلى 15.86 في المئة. إلا أنّ عدد المشتركين في خدمات الحزمة العريضة كان ضئيلاً جداً في 2007، إذ بلغ 200 ألف مشترك بنسبة اختراق تبلغ 4.88 في المئة.

الهاتف الثابت: إلى زوال؟

عالمياً، يفيد التقرير أنه قبل الأزمة المالية العالمية كانت هناك موجة استبدال الهاتف الثابت بالخلوي، واستمرت بقوّة بعد الأزمة، إذ أُوقف 1.2 مليون خط ثابت منذ 2006 حتى اليوم، وهذا الأمر ينطبق بطريقة رئيسية على الدول المتقدمة.
في المقابل، كانت «ثورة الخلوي» مستمرة، إذ تزايد استخدام الهاتف الخلوي على الرغم من اندلاع الأزمة المالية العالمية، والتباطؤ الاقتصادي العالمي، وقد احتلّت أربع من دول الاسكوا العربية مراكز متقدّمة في هذا القطاع بين 20 دولة في مجال معدلات الاختراق (تُحتسب المعدلات على أساس الاشتراك لكل مواطن) عام 2008، فجاءت قطر في المركز الثاني عالمياً بمعدل اختراق نسبته 203 في المئة، تليها البحرين بمعدل 190 في المئة، وحلّت الإمارات العربية المتحدة في المركز الثامن عالمياً بمعدل 178 في المئة، ثم عُمان في المركز الـ11 بمعدل نسبته 121 في المئة.

استخدام الإنترنت

ويشير التقرير إلى أن استخدام الإنترنت ومعدلات الاختراق في هذا المجال حافظا على وتيرة نموّهما، فقد قُدّر عدد مستخدمي الإنترنت حول العالم بنحو 1.4 مليار شخص، بمعدّل نموّ بلغ 15 في المئة، وهو أقلّ من المحقق في عام 2007 بنسبة صغيرة جداً. ويزيد عدد المستخدمين في الدول المتقدمة خمس مرات أكثر من الدول التي هي في طور النموّ، وهي تستحوذ على نصف مستخدمي الإنترنت في العالم، فيما تستحوذ الصين على أكبر عدد من مستخدمي الإنترنت بين دول العالم، تليها أميركا بنحو 191 مليوناً، واليابان بنحو 88 مليوناً. ويلفت التقرير إلى أن إيران حققت نمواً مطّرداً في استخدام الإنترنت، إذ كانت نسب الاستخدام أقل من 10 في المئة قبل عقد من الزمن، وارتفعت إلى ثلث السكان عام 2008، والسبب أن الدولة أولت هذا القطاع الاهتمام الكافي، ورفعت القدرة على استخدام الكمبيوتر والمهارات المتصلة. فيما بعض البلدان ركّزت على زيادة مراكز الاستخدام، إذ تبيّن أن «قهاوي الإنترنت» هي الأكثر استخداماً في بعض دول أميركا اللاتينية، التي زاد فيها الاستخدام بنسبة كبيرة، مثل البرازيل وتشيلي والباراغوي والبيرو.
عربياً، لم تتقدّم إلى لائحة الدول العشرين، التي تمكّنت من زيادة استخدام الإنترنت عام 2008، إلّا السعودية، التي حلّت في المرتبة الـ19 بزيادة نسبة الاختراق 31 في المئة، وحلّت الكويت في المرتبة الرابعة بزيادة 33 في المئة.

الحزمة العريضة: فجوة هائلة

وفي ما خص تكنولوجيا الحزمة العريضة، فقد أظهر التقرير أن عدد مشتركي هذه الخدمات حول العالم بلغ 398 مليون شخص في نهاية 2008، وتمثّل الدول المتقدمة نحو 40 في المئة من مجمل المشتركين، وقد بلغت معدّلات الاختراق العالمية في هذا المجال 5.9 في المئة، بفجوة كبيرة بين الدول المتقدمة والدول النامية، إذ إن المعدلات في هذه الدول كانت أكبر بنحو 8 مرات. وهذه الفجوة شهدت عام 2008: نموّاً في معدلات الاختراق في الدول النامية بنحو 2.9 نقطتين، وهو أعلى من مجمل معدلات الاختراق في الدول المتقدمة، التي زادت بنحو 0.7 نقطة فقط.
وبحسب التقديرات، فقد أصبحت الصين، في الربع الثالث من عام 2008، القائد في سوق خدمات الحزمة العريضة عالمياً، إذ بات لديها في نهاية عام 2008، نحو 83 مليون مشترك في مقابلة 79 مليون مشترك في الولايات المتحدة الأميركية، وقد حلّت البرازيل بين أول 10 أسواق في هذا المجال.

تجارة السلع

ارتفعت قيمة سلع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بين 1998 و2007، من 813 مليار دولار إلى 1.73 تريليون دولار، ممثّلة 13% من مجمل تجارة السلع، فيما قفزت حصّة البلدان النامية في هذه التجارة من 38% إلى 57%، ولكنها تبقى مصدراً هامشياً لسلع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وقد برزت الصين بسرعة كأكبر مصدّر في العالم، وارتفعت حصّتها من 3% في 1998 إلى 20% في 2007، أي ضعف حصة الولايات المتحدة ثاني أكبر مصدّر.
وسجلت هونغ كونغ (الصين) وجمهورية كوريا ثاني وثالث أكبر زيادة في حصّة السوق، فيما شهدت الولايات المتحدة واليابان أكبر انخفاض، إذ كان للكساد آثار بالغة في هذه التجارة، ومن بين البلدان الأولى الستة المصدّرة في العالم، شهدت اليابان أكبر انخفاض، حيث انحسر حجم سلع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من 5.1 مليارات دولار في تشرين الأول 2008 إلى 2.9 مليار دولار في آذار 2009.