لم يتلقّ المسؤولون الإسرائيليون أنباء مسوّدة الاتفاق بين إيران والغرب بالترحاب، بل بالتشكيك والدعوات إلى إبقاء كل الخيارات على الطاولة، خشيّة استغلال طهران الاتفاق لكسب الوقت وإبعاد شبح الضربة العسكريّة
مهدي السيّد
رغم عدم صدور موقف رسمي إسرائيلي حتى الآن من مسودة الاتفاقية بين إيران والوكالة الدولية للطاقة النووية، فإنه كان واضحاً أن الريبة والحذر والقلق حكمت ردود الفعل الأوليّة، والتعليقات الصادرة عن المسؤولين والخبراء الإسرائيليين.
وبرز اتجاه غالب يحذّر من مناورة إيرانية لكسب الوقت وتجنّب العقوبات وإبعاد شبح الضربة العسكرية، ويدعو إلى ضرورة عدم إزالة الخيار العسكري ضد طهران، في ظل تعليمات من رئيس مجلس الأمن القومي عوزي أراد لجميع المسؤولين الإسرائيليّين بعدم الإدلاء بأيّ تصريح في شأن مسوّدة اتفاق فيينا.
ويعتقد المستوى السياسي في إسرائيل، بحسب «يديعوت أحرونوت»، أن «إيران ستواصل مساعيها لاجتياز الخطوط، والتحوّل إلى قوّة عظمى نووية»، وهو ما عبّر عنه وزير الدفاع إيهود باراك، خلال لقائه مع مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سوزان رايس، فقد رأى باراك أن «على القوى العظمى أن تواصل متابعة ما يجري في إيران، في كل ما يتعلق بمساعيها للتسلّح بالسلاح النووي». وشدّد على أنه ينبغي مواصلة الاستعدادات لفرض عقوبات حادّة على إيران إذا ما تبيّن في غضون بضعة أشهر أن الإيرانيين لا يتعاونون تعاوناً تامّاً مع الأسرة الدولية. واقترح باراك على رايس «عدم استبعاد أي بديل ـــــ بما في ذلك الهجوم العسكري ـــــ إذا ما وُقّع في نهاية المطاف اتفاق، ولكن تبيّن أن إيران مرة أخرى خدعت الغرب». وأضاف إن إسرائيل في كل الأحوال لا تزيل أي خيار عن الطاولة. بدوره، قال نائب وزير الدفاع ملتان فلنائي إن «الإيرانيين أذكياء أكثر مما يعتقد الآخرون». وأضاف «علينا أن نتأكد أن الحديث لا يدور عن مناورة ترمي إلى التسويف في الوقت. ولكن مجرد حقيقة أن الإيرانيين يأتون إلى المحادثات، وأنه تحقّق اتفاق يثبتان أن للضغط الدولي أثراً». كذلك نقل موقع «يديعوت أحرونوت» عن محافل سياسية رفيعة المستوى في إسرائيل قولها إن «الخلاص لم يأتِ إلى صهيون والعالم بعد، وخطر القنبلة النووية الإيرانية لا يزال قائماً». وأشارت «يديعوت» إلى وجود وجهتَي نظر في إسرائيل، الأولى تؤيّد مسودة الاتفاق، وترى فيها إنجازاً أوّلياً في المعركة ضد تحوّل إيران إلى قوة نووية؛ فيما تشير الثانية إلى خشيتها من أن يؤدّي الاتفاق إلى منح الإيرانيين تسويغاً لمواصلة عملية التخصيب. ورأى العديد من المعلّقين الإسرائيليين في الصحف العبرية أن مسودة الاتفاق تمثل إنجازاً لإيران وضربة لجهود إسرائيل. ورأى محلّل الشؤون العسكرية، أليكس فيشمان، في «يديعوت أحرونوت»، أن «الاتفاق وجّه ضربة إلى إسرائيل، ويبشّر بالمصائب. إسرائيل هي التي ستدفع الثمن». وأعرب عن خشيته من أن تطالب إيران مقابل توقيعها الاتفاق النهائي بفرض رقابة على المشروع النووي الإسرائيلي. وقال معلّق الشؤون الأمنية في «هآرتس»، يوسي ميلمان، إن «الاتفاق يبعد ضربة إسرائيلية محتلمة لإيران». وأضاف إن «إمكان أن تقوم الولايات المتحدة بمهاجمة إيران تعرّض أيضاً لضربة قوية». ورأى أن الاتفاق بمثابة إنجاز مهمّ لإيران «في حرب الاستنزاف والتأجيل التي تديرها مع المجتمع الدولي بهدف دفع مشروعها النووي». وأشار ميلمان إلى أن «الاتفاق لا يرجئ الخيار العسكري لسنة أو سنة ونصف سنة فحسب، بل يحول دون فرض عقوبات على إيران كما تطالب إسرائيل». ورأى أنّ ذلك «هزيمة قوية» للدولة العبرية.
من جهته، توقّف المراسل العسكري لـ «هآرتس»، عاموس هرئيل، أمام «معضلة إسرائيل التي تتمثّل الآن بما إذا كان عليها المشاركة في التفاؤل العام بعد الاتفاق أو مواصلة طرح الشكوك والتهديدات».