بعد الولايات المتحدة، بدأ اللوبي الصهيوني بممارسة نشاطه علناً من عاصمة دول الاتحاد الأوروبي، بروكسل، بمباركة رسمية من المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي، وستكون مهمة هذا اللوبي العمل على تعزيز أواصر العلاقات الأوروبية ـــــ الإسرائيلية ومحاربة أي تقارب عربي ـــــ أوروبي.وفيما كانت أنشطة اللوبي الصهيوني تجري في الماضي بأساليب غير مباشرة حتى لا تتعرض للمحاربة أو المضايقات، أصبحت اليوم تنشط علناً عبر مؤسسات شرعية تحظى بدعم مالي أوروبي.
فقد افتُتح مكتب للمؤتمر اليهودي ـــــ الأوروبي في بروكسل منتصف الشهر الجاري ليكون وسيلة اتصال دائم بين اللوبي الإسرائيلي ومؤسسات الاتحاد الأوروبي. وسيتحرك المكتب بموازاة الأنشطة التي تقوم بها المؤسسات الإسرائيلية الأخرى في بروكسل، التي تعمل تحت غطاء مؤسسات للدراسات والأبحاث. وتحظى مختلف هذه الهيئات بدعم مالي مباشر من الموازنة العامة للاتحاد الأوروبي، الذي رصد موازنة سنوية تبلغ 50 مليون يورو لهذا المكتب الجديد بغية تغطية مصاريفه ورواتب موظفيه ودعماً للأنشطة التي سينفّذها.
وتركز هذه الهيئات عملها على احتواء تصاعد الرفض الشعبي والرسمي الأوروبي لسياسات إسرائيل، وعلى توجيه الرأي العام الأوروبي منهجياً ضد القضايا العربية والإسلامية.
كذلك تتوخى هذه الهيئات إيجاد مساحة هامة لإسرائيل تسمح لها بالتأثير على أي قرار أوروبي والإسهام في صناعته، أسوة بما يفعله اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة.
وحضر حفل الافتتاح رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروزو ورئيس البرلمان الأوروبي جيرزي بوزيك و50 نائباً أوروبياً، بالإضافة إلى رئيس المؤتمر اليهودي الأوروبي موشي كانتور ووزير البنى التحتية الإسرائيلي، عوزي لانداو، الذي استغل مراسم الافتتاح لشنّ هجوم على الدول العربية التي اتهمها بالتطرف. كذلك هاجم أبناء الجاليات الإسلامية المقيمة في أوروبا، الذين وصفهم بالتشدد، وحذّر الدول الأوروبية من التعامل معهم. ولم تُثر تصريحات الوزير الإسرائيلي المتطرف أي ردة فعل أوروبية تذكر، وبدا الجميع موافقين على طروحاته العدوانية.
ويبدو أن ما شجع إسرائيل على تأليف اللوبي في أوروبا وإطلاقه علناً هو ما تحظى به تل أبيب من دعم من أهم الدول الأوروبية، في مقدمتها فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا، إضافة إلى بعض دول أوروبا الشرقية التي تصر على إقامة أفضل العلاقات مع حكومة بنيامين نتنياهو، وترفض توجيه أي لوم إليها بشأن موقفها الرافض لوقف الاستيطان أو بشأن موقفها الممانع لإقامة دولة فلسطينية مستقلة
وهذه الدول هي خط الدفاع الأول عن المصالح الاقتصادية الإسرائيلية، حيث تصر على إعطاء تل أبيب حق التمتع بأفضل العلاقات التجارية مع دول الاتحاد الأوروبي كما لو أنها كانت عضواً في هذا الاتحاد.وكان المنسّق الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، خافيير سولانا، قد قال يوم الأربعاء الماضي إن إسرائيل لديها علاقة أوثق مع الاتحاد الأوروبي من كرواتيا المرشحة رسمياً لعضوية الاتحاد.
وأضاف سولانا، وسط تصفيق حارّ في مؤتمر لرجال الأعمال والقادة السياسيين في القدس المحتلة: «اسمحوا لي بأن أقول إن إسرائيل الآن عضو في الاتحاد الأوروبي من دون أن تكون عضواً في المؤسسات... إنها عضو في جميع البرامج». ومع إنشاء مكتب للوبي الإسرائيلي في بروكسل، فإن مستوى العلاقات الأوروبية ـــــ الإسرائيلية سيشهد المزيد من الارتقاء، فيما ستصاب المطامح العربية بمزيد من الإحباط ما لم تعمد الدول العربية إلى إطلاق مشروع مواجهة، وهذا الأمر مستبعد على المدى المنظور بسبب ما يسود الأجواء العربية من خلافات وتباينات وتعددية في المواقف.
(عرب 48)