بين حوادث القطارات المتكررة والفتن الطائفية المتنقلة من مدينة إلى أخرى، تلملم مصر ضحاياها من الشوارع، وسط إهمال رسمي واضح تفشل الحملات الدعائية في إخفائه
القاهرة ــ الاخبار
سكك «حضيض» مصر. اسم أعيد أول من أمس إطلاقه بقوة على الهيئة المسؤولة عن تسيير قطارات السكك الحديدية، وسط صرخات ضحايا القطار ١٨٨، الذين ودّع العالم منهم نحو 50 قتيلاً بعيون مندهشة، بينما بقي ما يقارب 70 جريحاً يبحثون عن مستشفى يعالجهم. الحكايات الأولى عن الحادث مأسوية، تشير إلى إهمال واضح من شبكات الاتصال بين القطارات والمحطة المركزية، لأن الحادث وقع عندما تعطل قطار آتٍ من الجيزة ومتوجه إلى الفيوم أمام محطة «الرقة»، بعدما دهس جاموسة تعبر قضبان السكك الحديدية.
السائق فشل، حسب شهود عيان، في الاتصال بإشارات السكك الحديدية ليمنع مرور القطار التالي له، فوصل القطار المتوجه إلى أسيوط بكامل سرعته وصدم القطار المتوقف.
وتوقف الغاضبون عند تباطؤ وصول هيئات الإنقاذ الحكومية، وهو ما دفع الأهالي إلى استخدام وسائلهم البدائية، فخرجوا من بيوتهم وكوّنوا فرقاً تقيم الجسور لنقل القتلى والجرحى في الظلام الذي لم تبدّده إلا عدسات المصورين وكشافات بعض الدراجات العابرة. وبعيداً عن حوادث القطارات، تعيش مدينة ديروط، القريبة من أسيوط إحدى عواصم التوتر في الصعيد، فصلاً جديداً من فصول الفتنة بين المسلمين والمسيحيين، ما دفع قوات الأمن إلى فرض حظر التجوال في المدينة، وتحذير الأقباط من الخروج إلى الشوارع.
الوصول إلى هذه الحال لم يعد جديداً على المدينة، التي تشهد الفصل الثاني من أزمة الصور العارية. بطل الأزمة مسيحي من المدينة يُقال إنه التقط مجموعة من الصور لفتاة مسلمة عارية وأرسلها إلى أهالي المدينة عبر الرسائل القصيرة. القضية إلى هنا تخصّ عادات «الشرف والعرض» عند أهالي الصعيد. لكنها تحولت إلى فتنة بين المسلمين والمسيحيين. تحوّل خطأ الشاب إلى خطيئة المسيحيين، وعري الفتاة أصبح رمزاً لتعرية المسلمين. وكان لا بد من الثأر، فقُتل والد الشاب المسيحي بالرصاص وسط الشارع وسحل، تواكبه صيحات الانتصار وضربات موجهة إلى الجسد الميت. واشتعلت الفتنة، التي أوقفها القبض على القاتل وإخفاء الشاب في مكان مجهول. هذه كانت نهاية الفصل الأول. أما الفصل الثاني فكانت بدايته أول من أمس، عندما قررت النيابة التحفّظ على القاتل 15 يوماً على ذمة التحقيق، وهو ما أثار حفيظة المسلمين. وتجمّع المئات منهم في منطقة أبو جبل، وكسّروا المحال التجارية والصيدليات والسيارات المملوكة للأقباط، كذلك حطّموا الباب الخارجي والنوافذ الخارجية لإحدى الكنائس.
وفي اللحظة نفسها خرجت تظاهرة من المعهد الأزهري تطالب بتسليم الشاب صاحب الصور. هتافات التظاهرة وجهت إلى أقباط ديروط، مطالبةً بعدم إخفاء الشاب، الذي قالوا إنه اغتصب الفتاة قبل تصويرها. الفتنة، التي بدت في أولها جنسية، لم تتوقف إلا مع وصول أعداد ضخمة للأمن المركزي ضربت طوقاً أمنياً حول ديروط، وطاردت مشعلي الفتنة من بيت إلى بيت.