كانت بغداد على موعد أمس مع مجزرة جديدة راح ضحيتها 132 قتيلاً على الأقل، إضافة إلى مئات الجرحى، وفتحت الباب مجدداً أمام تساؤلات عن مدى قدرة القوات الأمنية العراقية على ضبط الشارع والحؤول دون دخول البلاد مجدداً في أتون الفوضى
بغداد ــ الأخبار
شهدت العاصمة العراقية بغداد، أمس، انفجاراً مزدوجاً بسيارتين مفخختين استهدف مجلس محافظة بغداد ووزارتي العدل والبلديات الواقعة في منطقة الصالحية. وأعلنت الشرطة العراقية أن انفجاري الصالحية أمس أسفرا عن سقوط 132 قتيلاً على الأقل و520 جريحاً. كما خلّفا دماراً كبيراً في مبانى الوزارتين ومجلس المحافظة والمباني القريبة منها، إضافة إلى احتراق عشرات السيارات.
ووقع الانفجاران عند مفترق طرق مزدحم قرب وزارتي العدل والبلديات. وقال مراسل لوكالة «فرانس برس» إن السيارة التي انفجرت كانت متوقفة في وسط الطريق. وحصل الهجوم الثاني بعد عشر دقائق في شارع الصالحية أمام مبنى مقر مجلس محافظة بغداد.
وألقت معظم العائلات المفجوعة باللوم على قوات الأمن وتقصيرها في أداء واجبها. وقال محمد راضي، بينما كان يبحث عن شقيقته الموظفة التي لا يعرف مصيرها داخل أروقة وزارة العدل، «أين قوات الأمن وأين التفتيش؟ الحكومة جاءت بأجهزة لا تعمل سوى على اكتشاف العطور ومواد التجميل». وأضاف أن «قوات الأمن لا تقوم بواجبها، ولا تفتش السيارات، وتقضي الواجب في الحديث والجلوس أو الحديث بالهواتف».
بدوره، قال عادل سامي، وهو سائق سيارة إسعاف، «كلما اختلف السياسيون، أرسلوا لنا قنابل الموت، لا نريد برلماناً، فليتركونا بحالنا، نحن نعيش من دون المشاكل التي يثيرونها».
وحسب وكالة «نينا» للأنباء، تعدّ انفجارات أمس ثاني أسوأ انفجارات يشهدها سكان بغداد منذ مطلع العام الجاري، بعد تفجيرات الأربعاء الدامي في 19 آب الماضي التي استهدفت وزارتي الخارجية والمال، وألقت حكومة نوري المالكي مسؤوليتها على سوريا.
وانفجارا أمس لم يكونا بعيدين عن انفجار الأربعاء الدامي. وعلى الرغم من تشديد الإجراءات الأمنية في تلك المنطقة وتبديل القادة الأمنيين لها، إلا أنها استهدفت مجدداً.
وقد تفقّد المالكي موقعي الانفجارين، واطّلع على حجم الأضرار التي خلّفاها. وقال «إن الاعتداءات الإرهابية الجبانة التي حدثت، يجب أن لا تثني عزيمة الشعب العراقي عن مواصلة مسيرته وجهاده ضد بقايا النظام المباد وعصابات البعث المجرم وتنظيم القاعدة الإرهابي، التي ارتكبت أبشع الجرائم ضد المدنيين، وآخرها اعتداءات الأربعاء الدامي في التاسع عشر من آب الماضي، وهي الأيدي السوداء ذاتها التي تلطّخت بدماء أبناء الشعب العراقي».
بدوره، رأى نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي «أن وراء تفجيري بغداد أجندة خبيثة لا تريد للعراق أن ينهض من جديد». وقال، في تصريح صحافي، «إن الانفجارين ليسا بعيدين عن تلك الأيادي التي نفذت الانفجار في يوم الأربعاء الدامي في 19 آب الماضي».
وقال المتحدث باسم «كتلة التضامن» في الائتلاف الموحّد، النائب

هجوم مزدوج استهدف 3 مبان حكومية وكانت سوريا أول من أدانه
قاسم داوود، «إن الرد المناسب على التفجيرات يكمن في إسراع الكتل السياسية بتشريع قانون الانتخابات وتضمينه القائمة المفتوحة»، متهماً «القاعدة» و«البعث» بالوقوف وراء الانفجارات. أما «التيار الوطني المستقل»، الذي يتزعمه رئيس البرلمان السابق محمود المشهداني، فقد دعا الحكومة إلى تشديد الإجراءات الأمنية مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات النيابية. بدوره، دعا النائب عن الكتلة الصدرية فوزي أكرم ترزي مجلس النواب إلى عقد جلسة طارئة لمناقشة الانفجارين.
ورأى النائب أسامة النجيفي أن سبب التفجيرات «يعود إلى فشل الأداء الأمني وقلة كفاءة بعض القيادات الأمنية العليا». وشدد على «أن القيادات الأمنية بحاجة إلى مراجعة وإعادة نظر».
وتأتي انفجارات الأحد بعد يوم من تصريحات لوزير الخارجية هوشيار زيباري، قال فيها «إن معدلات العنف تراجعت في العراق منذ تلويح الحكومة باللجوء إلى مجلس الأمن لملاحقة فلول البعثيين العراقيين المقيمين في سوريا». وأضاف أنه «بعد الموقف العلني والقوي للحكومة العراقية في موضوع المحكمة الدولية وعزمها ملاحقة الإرهابيين في سوريا، شهدنا تراجعاً في المستوى العام للعنف في العراق»، مستثنياً في ذلك بعض الهجمات بالعبوات الناسفة.
وكانت سوريا أول من أدان «التفجيرات الإرهابية». وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية «إن سوريا إذ تؤكد إدانتها لمثل هذه الأعمال الإرهابية المنافية للقيم الأخلاقية والإنسانية، فإنها تجدد موقفها الثابت الرافض والمستنكر للإرهاب مهما كان نوعه ومصدره».
كذلك أدان وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، في بيان، «بشدة الاعتداء الدموي المزدوج الذي وقع اليوم (أمس) في بغداد». وأضاف «حيال هذه المأساة، تؤكد فرنسا تضامنها الكامل مع الشعب والحكومة العراقيين».
أما الرئيس الأميركي باراك اوباما فأكد أن هذه الهجمات «تخدم أهداف من يعمل على قتل الأبرياء»، «ولا تظهر سوى حقد أولئك الذين يحرمون الشعب العراقي من الحصول على المستقبل الذي يستحقونه».


«وحدة العراق» مشاورات لتوسيع الائتلاف

أعلن عضو بارز في «ائتلاف وحدة العراق»، الذي يتزعمه وزير الداخلية جواد البولاني (الصورة) ورئيس صحوة الأنبار أحمد أبو ريشة، أن كتلته توشك على حسم اتفاق شراكة لخوض الانتخابات المقبلة، مع رئيس جبهة الحوار صالح المطلك، ونائب رئيس الوزراء رافع العيساوي، في وقت رأى فيه أن كتلة النائب أسامة النجيفي تظل قريبة من أجواء المفاوضات الجارية مع أطراف عديدة. وأوضح هاشم الحبوبي أن أحد عوامل قوة ائتلاف «وحدة العراق»، الذي أعلن عنه قبل أيام، «أنه سيكون جزءاً من تحالف أكبر».
وعما إذا كانت المفاوضات تشمل النائب أسامة النجيفي، أكد الحبوبي أن «المفاوضات جارية معه الآن على قدم وساق، رغم أننا لم نصل إلى نتيجة نهائية». وكشف أن اتفاقاً حصل مع صالح المطلك، مشدداً على «أننا قريبون جداً كذلك من إبرام اتفاق تحالف مع الدكتور رافع العيساوي نائب رئيس الوزراء، وقد يكون هناك إعلان جديد للكتلة الكبيرة». بدوره، أشار المطلك إلى تعثر المفاوضات مع تيار الهاشمي والنجيفي والعيساوي، عازياً السبب إلى «أن هنالك جهات داخل المفاوضات تريد أن تأخذ حجماً أكبر من حجمها الحقيقي». وقال، في تصريح صحافي، «إن تلك الجهات فقدت رصيدها الشعبي في الشارع، وفي الوقت نفسه تجد أن الكتل الكبيرة مضطرة إلى التحالف معها، لوجود رغبة من الجمهور بوجود تحالف كبير وقوي». وأضاف المطلك «إن تعثر المفاوضات لا يعني انهيارها».
إلى ذلك، قال النائب عن التحالف الكردستاني محمود عثمان «إن الكتل السياسية ورئاسات الجمهورية والنواب والوزراء، تحاول بلورة فكرة حل لمشكلة انتخابات كركوك» إحدى المشكلات الرئيسية التي تقف في وجه إقرار التقسيمات الإدارية للانتخابات التشريعية المقبلة.