باريس ــ بسّام الطيارةتشهد العلاقات الاسرائيليّة ـــــ الفرنسية «عصراً ذهبياً» منذ وصول الرئيس نيكولا ساركوزي إلى الإليزيه، بعد تدشينه قطيعة مع ما كان يسمّى «سياسة فرنسا العربية»، ليحل محلها انحياز تام للسياسة الاسرائيليّة، وذلك من خلال التعيينات التي طالت المراكز الحساسة المرتبطة بملفات الشرق الأوسط والملف الفلسطيني خاصةً، وآخرها تعيين رئيسة فرع اللجنة الأميركية ـــــ اليهودية ممثلةً خاصة لفرنسا في فلسطين، وتعيين أحد أبرز مؤيّدي تل أبيب كريستوف فاليرو سفيراً لدى الدولة العبرية.
رغم كل هذا، لا تبادل تل أبيب باريس «غرامها الجديد». وبحسب أكثر من مصدر، فإن المعاملة الاسرائيلية للدبلوماسيين الفرنسيين لا تزال «كما في عهد (أرييل) شارون»، فوقية لا تحترم أدنى معايير القواعد الدبلوماسية، ولا تزال ذكرى الإهانات التي تعرّض لها دبلوماسيو فرنسا على الحواجز الإسرائيلية ماثلة في الأذهان تتناقلها مواقع الأنترنت لتسخر من «اللاهث وراء حب تل أبيب».
آخر «أفعال» تل أبيب هو محاولة إهانة الدول التي تقدّم منحاً دراسية للطلبة الفلسطينيين.
وقد سألت «الأخبار» الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية، برنار فاليرو، عبر البريد الإلكتروني، عن الشروط الإسرائيلية التي تفرض على الدول المانحة، ومنها فرنسا، «المرافقة الدبلوماسية»، التي تقضي بأن «يقوم دبلوماسي من الدولة المانحة بمرافقة أي طالب حصل على منحة في كل مرة يمر فيها بأراضي الدولة العبرية»، أكان ذلك للتوجه لإجراء مقابلة في سفارة البلد المانح أم للسفر إليه.
تفرض إسرائيل مرافقة دبلوماسي من الدولة المانحة لأي طالب أثناء مروره بالدولة العبرية
وأكد فاليرو هذا الشرط. ووصف خروج الطلبة من غزة بأنه «نتيجة اتفاق بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل يعود إلى عام ٢٠٠٨». وأكد ما تواتر لـ«الأخبار» من صعوبة جمة وفترات انتظار طويلة بقوله إن الحصول على «شهادة أمنية» (security clearance) «يأخذ وقتاً طويلاً ويؤخر في معظم الأحيان التحاق الطلبة بجامعاتهم». وأكد أن «عميلاً قنصلياً يرافق الطالب من معبر إيريتز (بيت حانون) إلى الحدود الأردنية».
وقد أكدت عدة مصادر جامعية فرنسية أن إسرائيل «تبحث منذ مطلع ألفين قطع التواصل الجامعي بين فرنسا وفلسطين»، علماً بأن باريس تحتل المركز الخامس بين الدول المانحة للطلبة الفلسطينيين، وقد خصصت الحكومة هذه السنة ٦٤٠ ألف يورو للمنح العينية لعام ٢٠٠٩/٢٠١٠.
وسألت «الأخبار» وزارة الخارجية عن «نسبة المنح المقدمة للغزاويين»، فأكد ناطق رسمي أن «المنح تعطى بموجب تقويم علمي»، وأن مجمل المنح المقدمة هذه السنة هي ٧٠ منحة تشمل «عدداً من الغزاويين»، بينها «٢٠ منحة جديدة ضمنها ٤ منح لطلبة غزة».
وأكدت مصادر فلسطينية في باريس «حجم الكارثة» التي تمثلها سياسة إسرائيل القاضية بمنع الطلبة من السفر أو تأخيرهم بطريقة منهجية مدروسة ومتعمدة. وذكرت أن ٨٣٨ طالباً حصلوا على منح دراسية في الخارج من أوروبا ومن دول أخرى لا يزالون «محتجزين» لا يستطيعون السفر، بينما تطول قوافل الانتظار على معبر رفح باتجاه مصر من دون أن يكون مؤكداً إمكان خروجهم.
ويشير أحد الدبلوماسيين الآسيويين في باريس إلى أن «طلب المرافقة الدبلوماسية» يهدف إلى «معاقبة الدول التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع تل أبيب» ويعطي مثالاً على ذلك ماليزيا التي تقدم منحاً للفلسطينيين، ولكنها تعجز عن تأمين «عميل قنصلي ليرافقهم».