الزامل: المصارف اللبنانية تطلب رهن عائلة المستثمرمحمد وهبة
على الرغم من الجهود «الدعائية» الكبيرة التي بذلها مسؤولون لبنانيون لتظهير بعض المؤشرات «الإيجابية» في الوضع الاقتصادي في لبنان، إلا أن معظم المستثمرين السعوديين المشاركين في «الملتقى السعودي ـــــ اللبناني» (الذي عقد أمس في بيروت)، لم يكونوا مهتمين كثيراً بسماع مثل هذه «المعزوفات»، التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع، إذ إن مشاركتهم كانت ذات بعد سياسي سرعان ما ظهر عندما بدأت السجالات تحتدم في شأن بيئة الاستثمار غير المؤاتية في لبنان.
كان الحضور السعودي في الملتقى لافتاً على عكس الفتور الذي ساد علاقات المستثمرين السعوديين بلبنان خلال السنوات الأربع الماضية نتيجة «شوية بُعْد»، بحسب وصف رئيس مجلس إدارة مجموعة «الجابري» السعودية حسّان الجابري. وقد عُرضت مطالب تقليدية للمستثمرين، فطالب بعضهم بإزالة العوائق الجمركية وبخفض كلفة التصدير إلى لبنان وبتوسيع مساحات تملك الأجانب، وبالتالي كان لبنان مطالباً بتقديم المزيد من الحوافز مقابل وعود بالاستثمار في لبنان.
إلا أن اللافت هو أسلوب التهكّم الذي اعتمده رئيس مركز تنمية الصادرات السعودية، عبد الرحمن الزامل، في تعليقاته على «مديح الذات» اللبناني، إذ رأى أن العوائق في لبنان وهمية، فالسعوديون يدبِّرون أمورهم في لبنان «من تحت لتحت»، أي يسيّرون أعمالهم بالطرق المفتوحة خارج الأنطمة والقوانين، وهم يقومون بذلك بسهولة فائقة وبعلم وتدبير من الجميع، مشيراً إلى أن لبنان «يسير بشكل أفضل بلا حكومة، وهذه التجربة من الأنجح في العالم العربي!».
واستكمل تهكّمه على المؤشرات التي أعلنها رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري في المؤتمر عن بلوغ نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي في لبنان 7 في المئة في نهاية السنة الجارية، وعن ارتفاع احتياطات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية إلى 25 مليار دولار وارتفاع قاعدة ودائع المصارف التجارية إلى أكثر من 100 مليار دولار... فهذه المؤشّرات برأيه، لم تؤدّ، مثلاً، إلى معالجة عائق مهم يتمثّل في تمكين المستثمرين من الحصول على التمويل اللازم للمشاريع، فالمطلوب، بحسب كلامه، تمويل الاستثمارات في لبنان وليس تمويل الصادرات السعودية إلى لبنان، مشيراً، بسخريته المعهودة، إلى أن المصارف اللبنانية تطلب رهن «عائلة» المستثمر في مقابل إقراضه لفترة زمنية قصيرة، وهي، أي المصارف، لم تقدّم أي منتجات أو برامج تمويلية للمستثمرين، ولا حتى للبنانيين أنفسهم.
هذا الكلام جاء على خلفية سجال أطلقه وزير المال محمد شطح عندما حاول التملّص، فحمّل مؤسسة «إيدال» وحدها مسؤولية عدم وجود فرص جدّية معروضة أمام المستثمرين، مطالباً بإعادة صياغة دورها، وكأنها هي المعنية بخلق الفرص والبيئة المؤاتية... إلا أن السعوديين المشاركين عبّروا عن معرفة واسعة بلبنان، إذ قال نائب رئيس مجلس الغرف السعودية أحمد سعيد فهد الكريديس لـ«الأخبار»: «قبل 4 سنوات حاولنا تفعيل مجلس العمل اللبناني السعودي، لكن كل المحاولات أصيبت بسهام سياسية ناتجة من الوضع الذي كان قائماً في حينه، في ظل التجاذبات السياسية المعروفة، إذ كنا نتبع توجيهات حكومتنا وخادم الحرمين الشريفين وولي العهد، ولم يكن هناك تواصل بين الجانبين، وكان هناك وضع أمنيّ في لبنان...»، لكنه يضيف: «اليوم أصبحت الرؤية واضحة بسبب وجود مناخ جيد وتقبّل للواقع السياسي».
وفي المجمل، لم يهتمّ رجال الأعمال السعوديون بمؤشرات الاقتصاد اللبناني المعلنة، بمقدار اهتمامهم بمكاسب الاستثمار وكيفية تسييره في الإدارات اللبنانية، إذ إن الفئة التي كانت مهتمة بعرض المطالب سألت عن «المميزات التي سيقدمها اللبنانيون للمستثمرين السعوديين» بحجّة أن غير دول تمكّنت من جذب رؤوس أموال سعودية مقابل لائحة من الوعود التي لم تف بها، وبالتالي على اللبنانيين تقديم ضمانات لجذب هذا الاستثمار. وبعضهم تحدث عن معاناة في المنافذ الجمركية، وفي ارتفاع كلفة النقل البري والبحري إلى لبنان، فيما أشار آخرون إلى ضرورة إلغاء مبدأ تحديد المساحة العقارية المسموح للأجنبي بتملّكها، وهذا ما ردّ عليه شطح بأن «لدى بعض اللبنانيين تخوفاً مشروعاً من فقدان ملكيتهم لبلدهم، علماً بأن هذا الموضوع له أبعاد سياسية ذات طابع ديموغرافي حساس».
واقترح الزامل إنشاء صندوق استثماري لتمويل المشاريع الصناعية في لبنان برأس مال يبلغ 500 مليون دولار، على أن يكون تمويل رأس المال سعودياً، مقترحاً أن يسهم فيه الصندوق السعودي للتنمية والصندوق الكويتي للتنمية والصندوق العربي للإنماء والبنك الإسلامي ومؤسسة التمويل الدولية التي موّلت المنطقة العربية بما قيمته 2 مليار دولار في عام 2008، على أن تكون حصة مساهمة المصارف فيه لا تتجاوز 25 في المئة، باعتبار أن الصندوق سيقدم «قرضاً حسناً» أو قرضاً بفوائد محدودة.
غير أن رئيس المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات، نبيل عيتاني، أوضح أنه يجب استغلال حاجة المصارف إلى التسليف لتأمين تمويل المشاريع الاستثمارية للقطاع الخاص.


150 ألف لبناني

هو عدد اللبنانيين في السعودية، بحسب رئيس مجلس الغرف السعودية عبد القادر الفضل، إذ يؤكد أن هؤلاء أسهموا في حركة البناء والتشييد في السعودية

70 في المئة

من مجمل الاستثمارات العربية المباشرة في لبنان عام 2008 هي سعودية، بحسب رئيس الهيئات الاقتصادية، الوزير السابق عدنان القصار