القاهرة ــ الأخبارصورة القاتل الملثّم كانت لافتة في أول جلسات المحاكمة في جريمة قتل الصيدلية المصرية مروة الشربيني. القاتل أخفى ملامحه ورفض أن ينزع النظارات الطبية. «يشعر بالخجل»، قال قارئ صحف محترف على مقهى وسط القاهرة. وتطوّع جاره المحامي «لا أعتقد أنه يحتجّ على المحكمة، أو يحاول أن يبدو في موضع الضحية». الجار الثالث صحافي أطلعهم على خبر فتوى إهدار دمه التي بثّت من أحد المواقع على الإنترنت.
واختلف الثلاثة في الفتوى، وهل تضرّ بالقضية أو بصورة المسلمين كطلاب دم، أم أنها انتقام عادل من القاتل؟
الاهتمام بالقضية ليس على مستوى الأسرة، التي يحضر زوج القتيلة جلسات المحاكمة بصحبة شقيقها. وتتابع بقيّة الأسرة الجلسات عبر خطوط ساخنة ويومية. وكان الأب (الدكتور علي الشربيني) حريصاً على التذكير بأن الحادث «لن يعكّر صفو العلاقة بين الشعبين المصري والألماني».
هذه النبرة العقلانية كانت تمهيداً لاحتجاج الأب والعائلة على استضافة وزارة الثقافة المصرية أوركسترا درسدن في حفل في مدينة الإسكندرية، مقر إقامة عائلة مروة الشربيني. العائلة طالبت الوزارة بإلغاء الحفل، وحدثت استجابة في البداية، لكنها لم تتم. وأكد الدكتور الشربيني «لن نقبل بالعرض الألماني في ذلك التوقيت المتزامن مع المحاكمة. إنه شيء مستفز. ونحن لن نرتاح إلا بأخذ ثأرنا من القاتل».
الحكومة من ناحيتها مهتمة، على غير عادتها، بالقضية. وكان السفير المصري في ألمانيا يتقدم وفوداً قانونية وإعلامية مصرية ضمّت، إلى جانب فريق المحامين، مجموعة من الصحافيين يتابعون الجلسات الأولى في المحاكمة.
وكانت نقابة الصيادلة في الإسكندرية قد نظّمت بالتزامن مع بداية الجلسات اعتصاماً داخل مقر النقابة، أعقبته وقفة احتجاجية على سلّم النقابة للتنديد بالعنصرية ضد العرب والمسلمين، وبالتخاذل الرسمي في المطالبة بحق مروة الشربيني.
وشارك في الوقفة الدكتور علي الشربيني، وافتتح معرض صور تحت عنوان «لن ننساك يا مروة» تضمّن صوراً للقتيلة وعائلتها وعرضاً لشريط مصوّر عن حياتها ومشاهد من جنازتها الشعبية في القاهرة والإسكندرية.
قيادات النقابة (التي كانت مروة عضواً فيها) أشارت إلى أنها تعدّ لسلسلة احتجاجات إلى أن تنتهي المحاكمة، وصدر عنها بيان يطالب وزارة الخارجية المصرية بالقيام بمسؤولياتها أو أن يقدم وزير الخارجية استقالته إذا كان عاجزاً عن القيام بواجبه في هذه القضية. وطالب البيان السفارة الألمانية بإصدار بيان اعتذار للشعب المصري، وحثّ حكومة بلادها وبقية حكومات الاتحاد الأوروبي على تطبيق أدنى درجات العدالة، وعدم فرض تعتيم إعلامي على الجلسات.
يشار إلى أن محاكمة القاتل تتزامن مع ذكرى ميلاد مروة، في تشرين الأول ١٩٧٧. ومروة تخرّجت من كلية صيدلة الإسكندرية عام ٢٠٠٠، وكانت قبلها إحدى بطلات المنتخب المصري لكرة اليد، قبل أن تتخرج وتعمل في الصيدلة إلى أن تزوجت عام ٢٠٠٤ من علوي عماز، الذي اصطحبها لدراسة الماجستير والدكتوراه في ألمانيا، حيث كانت نهايتها المأساوية.