لم تبد سلطات آل سعود جديّة في منع العمليات الإرهابية عن المنطقة الشرقية، برغم الإعلان المسبق لنيات تنظيم «داعش» استهداف المنطقة. أحد متطوعي «اللجان الأهلية» أوضح أن السلطات لم تبادر إلى إقامة نقاط تفتيش في مداخل القرى والمناطق وخاصة في أيام إحياء ذكرى «عاشوراء»، التي يحييها أهالي المنطقة بتجمعات بشرية هائلة. ولفت في حديث لـ«الأخبار» إلى أن السلطات تجاهلت تهديدات «ولاية نجد»، فرع «داعش» في السعودية الذي هدد في تسجيل صوتي بثّه بعنوان «إنما المشركون نجس» قبل ثلاثة أيام من وقوع الجريمة، «بإخراج المسلمين الشيعة من جزيرة العرب»، وتوعدهم بتفجير «المعابد الشركية».
ليست مفارقة عجيبة يقول أحد متطوعي «لجان الحماية»، أن ينجح عناصر «داعش» بالتسلل إلى المناطق الشرقية برغم التهديد المسبق والانتشار والاستنفار الأمنيين المتواصلين منذ قرابة الخمس سنوات. ويرى من خلال الشواهد، أن الانتشار الأمني لا يرمي في الأساس لحفظ أمن الأهالي وحمايتهم، بل إلى تنفيذ مخطط النظام في مشروع «عسكرة» المنطقة وكشفها وإخضاعها للمراقبة الشاملة بهدف شل «الحراكيين». وتابع: «إذا كان الإنتشار الأمني يسعى فعلاً لمحاربة مسلحي داعش فإن نجاح الدواعش في اختراق مناطقنا يكشف عجز وفشل الأجهزة الأمنية في الحيلولة دون وصولهم ونجاحهم في تنفيذ 4 عمليات خلال عام واحد».
وضع «اللجان الأهلية» أمام هذا الواقع، دفع نشطاء في المنطقة إلى الدعوة لتفعيل دورها أكثر وتسليحهم. مجموعة من النشطاء أشاروا إلى أن وقوفهم مجردين من السلاح يجعلهم عرضة للقتل، فيما اتّهم آخرون على موقع «تويتر» النظام بالمسؤولية التامة وراء الحادث، بهدف إغلاق «المجالس الحسينية» في المنطقة، وخصوصاً بعدما تبيّن أن عائلة الإرهابي شجاع الدوسري، منفذ الهجوم، أبلغت السلطات السعودية بتصرفات إبنها المريبة وباختفائه من منزله في محافظة وادي الدواسر قبل نحو أسبوعين من تنفيذه الجريمة، دون أن تقوم بالبحث عنه وملاحقته.

يسعى الأهالي لانتزاع
الاعتراف الرسمي
بـ«اللجان الأهلية»


ثلاث عمليات إرهابية سبقت الحادث، بيّنت مدى استهتار السلطات في حماية المنطقة، من الدالوة إلى حي الكوثر، وضع ولي العهد، وزير الداخلية، محمد بن نايف نفسه بين حقيقة الفشل الأمني والتواطؤ، وفقاً لما يتهمه به نشطاء، في ظل تقاعُس النظام عن حماية المنطقة المهددة وإسكات أبواق التحريض على «قتل الروافض» التي عادت للإفراز فور وقوع الحادثة.
فيما لم تقدم السلطات على تجريم أي من هذه الأفعال، لا بل سبق أن باركتها بإسقط «مشروع الوحدة الوطنية» الذي طُرح نتيجة المطالب الشعبية بضرورة صدور نظام يجرم الطائفية، في مجلس الشورى.
أمام هذا التقاعس والفشل، لجأ محمد بن نايف الذي اشتهر والده بمقولة «المواطن رجل الأمن الأول»، إلى جلد ومحاسبة «كل من يأخذ دور الدولة» بحسب تعبيره في تهديد أطلقه بوجه أحد أقارب ضحايا حادثة القديح. حملة إعتقالات، شنها بن نايف على المتطوعين في «اللجان الأهلية»، برغم إنجازاتها النوعية من خلال «إجراءات فاعلة» كان أهمها إحباط هجوم تعرض له مسجد الإمام الحسين بالعنود في مدينة الدمام أثناء صلاة الجمعة في أيار الماضي. هي الإجراءات نفسها التي طالبت «منظمة العفو الدولية» الحكومة السعودية بتنفيذها لحماية «الأقلية»، ووضع حد لعقود من التمييز المنهجي الممارس ضدها.
هكذا تتعرض «اللجان الأهلية» لـ«هجوم مزدوج» على يد السلطات والإرهابيين، حيث تتعرض نقاط التفتيش في القطيف على نحو مستمر لإعتداءات متواصلة وإطلاق نار على يد «الدواعش» و«غير الدواعش» راح ضحيتها حسين الصايغ، أحد الكوادر في بلدة الملاحة، متأثراً بإصابته برصاصة في رأسه أطلقها أحد عناصر المباحث، الذي كان يتخفى بملابس وبسيارة مدنية في تموز الماضي.
أحد كوادر «اللجان الأهلية» في القطيف يروي لـ«الأخبار» الصعوبات التي حالت دون تنفيذ بعض الأعمال المهمة المناطة بـ«اللجان»، كإقامة نقاط تفتيش في مداخل القرى والمناطق وخاصة أيام المناسبات الكبرى كعاشوراء، وأرجع ذلك إلى قرار السلطات تجريم وجود «اللجان» واعتبارها مخالفة للقانون.
ويؤكد أن ثمة خطوات مقبلة يسعى لها الأهالي «لانتزاع الاعتراف الرسمي بهذه اللجان وإقرار قانونية عملها وتسهيل مهماتها وحمايتها وعدم التعرض لافرادها بالإعتقال أو بالإهانة»، مشيراً إلى أن المطالبات السابقة للأهالي بتوظيف شباب المنطقة في الشرطة وأجهزة الأمن قوبلت بالتجاهل وبالرفض. وكشف عن «أفكار ومقترحات ورؤى مطروحة على الطاولة من الناحية التنظيمية تسعى لتدريب وتهيئة الكوادر ورفع مستوى كفاءتهم وقدراتهم، لكنها تحتاج إلى دعم لوجستي وإلى توفير مناخ آمن لتنفيذها».
علماء القطيف والدمام طالبوا الحكومة بضرورة رفع مستوى الحس الأمني، وأكدوا على المواطنين المشاركة في «واجب الحفاظ على الأمن وحماية المجتمع بالتنسيق مع الجهات الرسمية»، وطالبوا في المقابل القوى الأمنية في بيان لهم، بالمزيد من الجهد وبتكثيف دورياتها لحماية المواطنين في تجمعاتهم الدينية.