strong>تجارة موسومة بالطابع الديني حجمها 11 مليار ليرة سنوياًتمثّل التّمور على أنواعها، إحدى أبرز السلع المستهلكة في المناسبات الدينية مثل شهر رمضان وعيد الأضحى، وقد نمت نمواً لافتاً في عام 2008، فارتفع حجم هذه التجارة مقارنة بعام 2005، بنسبة 116% من 5.1 مليارات ليرة إلى 11 ملياراً. إلا أن مجدها السابق لن يعود، فهي لم تعد جزءاً أساسياً من السلسلة الغذائية للمستهلك كما كانت في الأربعينيات

محمد وهبة
ترتفع وتيرة استهلاك السلع الغذائية خلال شهر رمضان، ومن أبرزها التمور، التي تشتهر في لبنان بكونها تقليداً دينياً، وتُستهلك كثيراً في المناسبات والأعياد الدينية الإسلامية، مثل رمضان وموسم الحج وعيدي الفطر والأضحى، والفصح لدى الطوائف المسيحية، وامتد هذا الأمر، أخيراً، إلى الأعراس ومجالس العزاء فأصبحت جزءاً أساسياً من مشهد هذه المناسبات، حتى بلغ حجم تجارة التمر في لبنان نحو 11 مليار ليرة في عام 2008، منها 96 في المئة للاستهلاك المحلّي الأسري أو في صناعة المعمول وبعض أنواع الحلويات.
ففي السنوات الأربع الأخيرة، بدأت هذه التجارة تشهد نمواً كبيراً بلغ 118 في المئة بين 2004 و2008، إذ كان حجمها في عام 2005 نحو 5.126 مليارات، وارتفع إلى 11 ملياراً في عام 2008، وهي تشمل الاستيراد والإنتاج المحلي الضئيل نسبياً.
لقد استورد لبنان في عام 2005 بما قيمته 4.853 مليارات ليرة، وارتفعت الفاتورة في عام 2006 إلى 5.767 مليارات بزيادة نسبتها 18.8 في المئة، ثم ارتفعت في عام 2007 إلى 7.090 مليارات بزيادة نسبتها 22.9 في المئة، وفي عام 2008 بلغت 10.594 مليارات بزيادة نسبتها 49.4 في المئة. في المقابل كان لبنان يعيد تصدير كميات قليلة جداً، ففي 2008 بلغت قيمة الصادرات اللبنانية من البلح والتمر 4.3 في المئة من مجمل حجم هذه التجارة، أو ما قيمته 478 مليون ليرة.

الغذاء البديل

نمو تجارة التمر بنسبة 118% بين 2005 و2008
إلا أن استهلاك لبنان من هذه السلعة، يعتبر متراجعاً قياساً بالعقود الماضية وبعدد السكان، فالتمر كان يعدّ الغذاء الأساسي البديل من سلع لم تكن متوافرة بسبب الحروب والأزمات أو كان ثمنها مرتفعاً ولم تكن بمتناول الجميع، مثل السكر. ويروي رئيس شركة محيي الدين سنّو، مصباح سنّو، استخدامات التمر في لبنان أيام الحرب العالمية الثانية، ففي حينه كان بديلاً من السكّر الذي كان سعر الكيلو الواحد منه يبلغ 50 قرشاً في مقابل 9 قروش لكيلو التمر. وأيضاً، لم يكن السُكّر متوافراً بسبب الحرب والحصار، فكان التمر جزءاً أساسياً من السلسلة الغذائية للشرائح الاجتماعية الفقيرة، ولا سيما في ظل انتشار «الجَرَب»، إذ صار رائجاً في ذلك الوقت بأن انتشار هذا المرض سببه عدم النظافة وعدم التغذية، وبات الحصول على سعرات حرارية يحتاجها الجسم كبديل من السُكّر يكاد يقتصر على التمر.
وفي الخمسينيات، يقول سنّو، كنا نستورد كميات التمر بالشوالات (50 كيلو)، و«الإفف» (30 كيلو)، وعلب التنك (20 كيلو)، «وقد عشنا العصر الذهبي مع استمرار استهلاك التمر الذي كان غذاء الشرائح الفقيرة». وكانت أبرز طرق استهلاك التمر، عبر استخدامه في الحلويات مثل «كعك التمر»، و«معمول التمر»... فضلاً عن استخدامه لصناعة «خل التمر» و«دبس التمر» وبعض أنواع «السبيرتو» و«الكحول»، المستخدمة في صناعات متعددة و«خمر التمر».
إلا أن الحالة باتت معكوسة اليوم، فقد تغيّرت العادات الاستهلاكية، ولم تعد هذه السلعة مكوّناً رئيساً من السلسلة الغذائية أو بديلاً من السُكّر، وبالتالي تراجع الطلب والاستهلاك، إذ إن سعر الكيلوغرام الواحد من أرخص أنواع التمور المبيعة محلياً أعلى من ضعف سعر كيلوغرام السكّر على الأقل، فيما يقتصر وجود التمر على المناسبات الدينية، وعلى الاستخدام في صناعة بعض أنواع الحلويات.

تركيبة السوق

يختلف السوق اليوم عما كان سابقاً، فقد كانت هناك شركتان فقط تستوردان التمر من العراق والسعودية ومصر وبعض دول الخليج، هما شركة الفواكه السورية وشركة محيي الدين سنّو، وفي الخمسينيات بدأت هذه التجارة تتّخذ منحى مختلفاً مع ظهور شركة التمور العراقية التي كانت تصدّر إلى لبنان مباشرة وتبيع أنواع التمور المغلّفة والمعلّبة فكان لبنان يستورد من العراق «أسطه عمران»، «زهدي أشقر»، «خُضري»، واستُخدمت هذه الأنواع لصناعة الدبس والحلويات واستهلك قليل منها للغذاء اليومي. وحتى اليوم لا يزال التمر العراقي الأقل ثمناً، إذ يشير صاحب شركة المروة المتخصصة بتجارة التمور حسن رازيان، إلى إن استيراد التمر من العراق سببه السعر فقط، وهذا يظهر بوضوح في إحصاءات الجمارك، فقد تبين أن لبنان استورد نحو 2239 طناً في 2008 قيمتها 1.646 مليار ليرة في مقابل استيراد 1551 طناً من السعودية قيمتها 5.638 مليارات ليرة.
اليوم، يتفق المطلعون على أن أكبر تجار التمور في السوق المحليّة هم: «بدير»، «الزعتري»، «الريان»، «الحرمين»، «العيتاني»، «المروة»، وهؤلاء يمثّلون أكثر من 85 في المئة من السوق. فضلاً عن وكيل التمر الإيراني الذي تبلغ حصته 9 في المئة. أما النسبة الباقية فهي تمثّل التجار الموسميين الذين يستوردون التمر في المناسبات فقط وبكميات صغيرة.
اما الأنواع التي كانت تستورد من السعودية حيث تنتج التمور الأغلى ثمناً فهي: «العنبري»، «زهدي أسود»، «عجوة» و«الزهدي الأشقر» المشهور بكونه نصف بلح نصف تمر، وهي أنواع مرغوبة أكثر للاستهلاك الغذائي. ومن مصر استورد لبنان البلح الأصفر المستخدم في صناعة المربيات. ولم تكن إيران ضمن لائحة مصدّري التمر إلى لبنان، فهي تعتبر حديثة العهد في هذا المجال، لكن يشير صاحب شركة الريان للتمور محمد الكلش، إلى أن لديها وكيلاً لبنانياً، وتفيد إحصاءات الجمارك بأنها صدّرت في عام 2008 نحو 602 طن قيمتها 965 مليون ليرة. وهناك بعض أنواع التمور التي تأتي عبر الأردن الذي لا ينتج التمور، وقد دخل عبره إلى لبنان في 2008 نحو 741 طناً قيمتها 1.446 مليار ليرة، ويشير التجار إلى أن جزءاً منها هو تمرٌ أميركي من أكبر حبّات التمر في العالم.
ويلفت الكلش إلى أن أسعار المبيع بالمفرّق في السوق المحلية مختلفة بحسب النوعية والجودة، وهي تراوح بين 6 آلاف ليرة للكيلوغرام الواحد وتصل إلى 13 ألفاً لأنواع مثل «الخُضَري» و«العنبري» أما الصفاوي والمدينة فيباع بنحو 10 آلاف ليرة، لكن التمر الأميركي المستورد من الأردن يباع لدى «الرفاعي» بقيمة 23 ألف ليرة، وهناك بعض الأنواع التي تباع في السوق بأسعار تتجاوز 60 ألفاً.


117 طناً

هي كميات التمر المعاد تصديرها في 2008 بقيمة 474 مليون ليرة، وقد صُدّرت إلى الدول الآتية: 22% إلى أوستراليا، 1% إلى كل من البرازيل والدانمارك وغانا وفنزويلا وقطر وكندا وكولومبيا وهولندا، 6% إلى ساحل العاج، 13% إلى المملكة المتحدة


مواسم المبيع