القاهرة | يوماً بعد آخر ترتفع الأصوات التي تعادي السعودية في مصر، بعد هجوم وزير الثقافة حلمي النمنم على المملكة ووهابيتها في لقاءات تليفزيونية عديدة، وكذلك في ندوة سابقة عن النظام السكاني. الندوة نفسها كان مشاركاً فيها «بطل الواقعة الجديدة»، وهو رئيس مجلس إدارة صحيفة «الأهرام»، أحمد السيد النجار، الذي تشاجر مع سفير السعودية لدى القاهرة، أحمد القطان، حتى وصل الأمر بينهما إلى التراشق بأكواب المياه.
وبينما لم تهدأ تماماً واقعة وزير الثقافة، جرت المصادفة بأن دعي النجار، ككثيرين، إلى عشاء في منزل السفير الجزائري نذير العرباوي، الأربعاء الماضي، في أحد أحياء القاهرة، وقد جلس إلى مائدة واحدة مع السفير السعودي. النجار تناقش مع الأخضر الإبراهيمي (مبعوث الأمم المتحدة السابق إلى سوريا) الذي كان ضمن الضيوف حول الوضع في المنطقة وسوريا وموقف الدول العربية منها، وحول دعم السعودية وقطر للإرهابيين فيها، وكان يسأل تحديداً عما فعله الإبراهيمي في سوريا، وراح يدل له على إخفاقه في حل الأزمة هناك قبل ثلاثة أعوام.
وفيما ارتفع صوت الاثنين، صرخ الإبراهيمي بأن النجار «تحرش به سياسياً»، وهو التعبير الذي ذكره الإبراهيمي في شكوى رسمية أرسلها إلى الرئاسة المصرية. لكن، حينما انتقد رئيس «الأهرام» الموقف السعودي من سوريا ورغبة الرياض في إطاحة بشار الأسد «بغض النظر عن أي شيء أو أي خسائر»، احتد القطان واتهم النجار «بمعاداة الوهابية والمملكة»، مشيراً إلى مقالات نشرت في «الأهرام»، التي يرأسها الأخير.
رد النجار على السفير السعودي وأكد له أن المملكة «تدعم الإرهاب ويجب أن يتوقف عن ذلك من أجل الوطن العربي والشعب السوري»، فيما صرخ القطان قائلاً له إن «الوهابية أشرف منك»، وأتبع ذلك برشق النجار بكوب المياه، فما كان من الأخير إلا أن رد عليه بالمثل. وبينما همّ السفير السعودي بالاعتداء، تدخل الإعلامي حافظ الميرازي، الذي كان على المائدة نفسها، لينهي الشجار بين الاثنين، اللذين غادرا منزل السفير الجزائري.
تلا هذا الحادث أخبار تناقلتها الصحف عن مغادرة السفير السعودية القاهرة إلى بلاده غاضباً بسبب هذه الواقعة، لكن السفارة نفت أن يكون سبب المغادرة هذه الحادثة، مضيفة في بيان رسمي أن «العلاقات التاريخية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية تزداد رسوخاً يوماً بعد يوم، في كافة المجالات»، وهو ما أشارت إليه أيضاً وزارة الخارجية المصرية، بالقول إن «العلاقات بين القاهرة والرياض في أفضل صورها. لكل دولة في بعض الحالات، مواقف قد لا تتطابق بنسبة 100 في المئة، لكن التشاور والتنسيق قائمان والتوجّه واحد».
تقول مصادر إن القطان اشتكى إلى الملك سلمان شخصياً، وبعث له رسالة بذلك، وهو ما نتج منه مطالبة المملكة لمصر بإجراء تحقيق في الواقعة، وهنا جاء دور الرئاسة، التي طلبت من شخصية كبيرة معروف عنها علاقتها بالنجار تقصي الأمر. تضيف المصادر أنه وصل الرئاسة ما حدث في منزل السفير الجزائري مكتوباً، لكنها لم ترد بشأن الواقعة حتى الآن، فيما يبدو أن الرياض والقاهرة وفق بياناتهما تريدان التغطية على الخلاف وتسويته عند هذا الحد.
ومن المعروف عن أحمد السيد النجار أنه يساري التوجه، وهو في الوسط الصحافي ليس من بين من ترضى عنهم السفارة السعودية، التي يحج إليها إعلاميون وصحافيون، وتهتم في المقابل بدعوتهم وبناء علاقات قوية معهم. وأخيراً دعت السفارة السعودية عدداً من الإعلاميين ورؤساء التحرير في مصر إلى أداء مناسك الحج، وهو ما أثار موجة من الغضب ضدهم في الوسط الصحافي، خصوصاً في ظل ما حدث من تدافع في مشعر منى، ووفاة عدد كبير من الحجاج المصريين اقترب من المئتين، دون أن يكون هناك تعليق رسمي أو إعلامي مسؤول على الأمر.