strong>تحافظ على «الأمر الواقع»... وتحاول استرضاء «حماس» و«فتح»
خرجت الرؤية المصريّة إلى العلن، لكنها لم تكن كما روّج لها المسؤولون في القاهرة، إذ لم تقدّم حلولاً ناجعة في الملفات المختلف عليها، بل سعت إلى توزيع «الحلول الوسطيّة» بين هذا الطرف أو ذاك، وبالتالي قد لا تضمن موافقة أي من الطرفين
حسام كنفاني
كشفت وثيقة المقترحات المصريّة، التي سلمت أول من أمس إلى الفصائل الفلسطينية وحصلت «الأخبار» على نسخة منها، عن عجز مصري وفلسطيني في التوصل إلى اختراقات مضمونة في ملف المصالحة الداخليّة وإنهاء الانقسام، ولا سيما أن الاقتراحات لم تخرج عن كونها أفكاراً جرى تداولها في جولات الحوار السابقة ولم يُتوصل إلى اتفاق في شأنها.
وتضمنت الوثيقة، المؤلفة من ثماني صفحات، سرداً طويلاً لمساعي القاهرة الحوارية. ورغم أن كل هذه الجلسات لم تنتج اتفاقاً نهائيّاً على أي من الملفات، إلا أن الوثيقة خصّصت عنواناً فرعيّاً لـ«القضايا التي تم التوافق عليها»، وأدرجت تحتها مجموعة من العناوين التي لا يزال الخلاف قائماً حولها. فأشارت إلى «الاتفاق على تطوير منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيلها وفق أسس يجري التراضي عليها»، أي إنها لم تصل إلى درجة الاتفاق ما لم يجرِ التراضي. كذلك ذكرت «انتخاب مجلس وطني وفق مبدأ التمثيل النسبي الكامل، بقانون يتفق عليه في موعد لا يتجاوز يوم 25/1/2010»، رغم أن هذا الموعد أطيح في ورقة المقترحات.
كذلك خصصت الورقة الانتخابات ضمن البنود المتفق عليها، رغم أنها أساسية في الخلافات، وربما كانت أساسية في نسف أي اتفاق في ضوء ما بدأ يتسرّب عن رفض «فتح» وباقي فصائل المنظمة للمقترح المصري المتضمن تأجيلاً للاقتراع. وعلى هذا المنوال أدرجت القاهرة كل القضايا الخلافية ضمن بند «المتفق عليه»، ولا سيما قصة لجنة الحكومة، قبل أن تقدّم مقترحات وسطية لحل المواقف المتناقضة في شأنها.

الانتخابات


اقترحت الورقة المصريّة أن «تجري الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني الفلسطيني في توقيتات يتفق عليها في النصف الأول من عام 2010 ويلتزم الجميع بذلك». وأوضحت أن «انتخابات المجلس الوطني تجري على أساس التمثيل النسبي الكامل في الوطن والخارج حيثما أمكن، بينما تجري الانتخابات التشريعية على أساس النظام المختلط على النحو الآتي: 75 في المئة (نسبي)، و25 في المئة دوائر، على أن تكون نسبة الحسم 2 في المئة. وقسّمت الورقة «الوطن الفلسطيني» إلى 16 دائرة انتخابية (11 في الضفة الغربية و5 في غزة).
وفي مثل هذا المقترح تكون المقترحات المصرية قد راعت مطالب حركة
المقترحات تراعي مطالب «فتح» لجهة إبقاء السيطرة لعبّاس على اللجنة الأمنية

«حماس». بداية لجهة التأجيل الذي تريده الحركة الإسلامية لسنتين، ثم بالدوائر التي كانت «فتح» تريدها 7، وصولاً إلى القانون المختلط بدلاً من النسبية الكاملة التي كانت قد اتُّفق عليها في الجولة الأولى الشاملة للحوار لمختلف الفصائل، وبينها الفصائل المقربة من «حماس».

الأمن


اقترحت الورقة تأليف لجنة أمنية عليا يصدر الرئيس الفلسطيني مرسوماً بها، تتكون من ضباط مهنيين بالتوافق، وتمارس عملها تحت إشراف مصري وعربي. وتتولى اللجنة مهمة إعادة بناء الأجهزة الأمنية الفلسطينية، شاملة موضوع الهكيلة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، على أن تبدأ العملية باستيعاب ثلاثة آلاف عنصر في الشرطة والأمن الوطني والدفاع المدني في قطاع غزة بعد توقيع اتفاق المصالحة مباشرة.
ومن الواضح أن هذه المقترحات تراعي مطالب «فتح» لجهة إبقاء السيطرة للرئيس الفلسطيني محمود عبّاس على اللجنة الأمنية، وحصر الإصلاح في المرحلة الأولى على قطاع غزّة، وهو ما من المرتقب أن تعلن «حماس» تحفظها عليه.

اللجنة المشتركة


وفي ما يتعلّق باللجنة المشتركة المخولة التنسيق بين حكومتي الضفة الغربية وقطاع غزة، تشير المقترحات إلى أن مهماتها تنسيق تنفيذ الاتفاق، وتهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات، والإشراف على معالجة قضايا المصالحة الداخلية الفلسطينية، ومتابعة عملية إعادة الإعمار في قطاع غزة.
لم يأت المقترح على ذكر لحكومة الوحدة الوطنية، أي إن اللجنة ستكون تكريساً للأمر الواقع الانقسامي، وهو ما تريده «حماس»، بحسب ما أوردت الورقة، التي أشارت إلى أن الحركة الإسلامية «وافقت على اللجنة المشتركة مع الأخذ في الاعتبار تعاملها مع الأمر الواقع الموجود حالياً في القطاع».

قضية المعتقلين


ولم تحسم المقترحات قضيّة المعتقلين حسماً كاملاً، بل اقترحت أن «تحدد فتح وحماس قوائم المتعقلين طبقاً لآخر موقف، وتُسَلَّم مصر ومؤسسة حقوق (يتفق عليها) نسخة منها بعد التحقق منها (تثبيت الأعداد والأسماء) وذلك حتى تاريخ (يُتّفَق عليه)». وتقترح الإفراج عن كل المعتقلين قبل تنفيذ اتفاق المصالحة. ومع إقرارها بأن هناك أسماء سيكون من التعذّر إطلاقها، تطالب الورقة بتسليم القاهرة قائمة بأسمائهم وأسباب عدم إطلاقهم، على أن تحلّ أزمتهم بعد توقيع الاتفاق.