علي حيدرلا يزال اختفاء رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، يوم الاثنين الماضي، يتفاعل داخل الدولة العبرية، وخصوصاً بعدما اتضح أن مكتبه تعمّد «الكذب» واختلق قضية زيارته إلى منشأة أمنية حسّاسة في إسرائيل ليبرر غيابه عن السمع لساعات.
وبنتيجة الضغوط الإعلامية التي مورسَت على مكتب رئيس الحكومة، أصدر الأخير بياناً اعترف فيه بأنه قدّم «معلومات غير دقيقة» تهدف للتغطية على «مهمة سرية ذات تصنيف أمني» قام بها رئيس الوزراء الذي «لم يكن على علم بالصخب الذي ساد في البلاد في أعقاب غيابه». وبرّر مكتب «بيبي» رواية زيارة المنشأة الأمنية التي روّجها مستشاره العسكري اللواء مئير كليفي، بالقول إن المستشار «لم يكن على اتصال بنتنياهو واتخذ خطوة بمبادرة شخصية لضمان سرية هذا النشاط».
ووجّهت وسائل الإعلام العبرية انتقادات شديدة اللهجة لمكتب نتنياهو إثر صدور البيانات المتناقضة بشأن اختفائه، مشيرة إلى أن هذا الأداء يعود إلى «الدسائس والأكاذيب» في مكتبه. ورأت «يديعوت أحرونوت» أن الرحلة السرية التي قام بها نتنياهو في طائرة خاصة إلى روسيا، كشفت عن «واقع خطير وبائس» لمكتبه حيث يسود «غياب التنسيق وصراع القوى».
وحمّلت مصادر في مكتب رئيس الوزراء، مسؤولية الوضع القائم لمستشاره السياسي، رئيس مجلس الأمن القومي عوزي أراد، الذي يسعى على الدوام «إلى إقصاء أي مسؤول في المكتب وإبعاده عن مركز صنع القرار» بمن فيهم المستشار الإعلامي نير حيفتس، والمبعوث الخاص إلى الولايات المتحدة يتسحاق مولخو.
وأوضحت «يديعوت» أن البيانات المتضاربة من مكتب نتنياهو هي «نتيجة صراع قوى» بين أراد، وكبار المسؤولين الآخرين، وفي مقدمتهم سكرتير الحكومة تسيفي هاوزر، ورئيس قسم الإعلام نير حيفتتس.
كذلك اتهمت صحيفة «هآرتس» أراد بأنه يسعى إلى التحكم بموظفي مكتب رئاسة الوزراء، مذكرة بأن الزيارة الأخيرة لـ«بيبي» إلى لندن شابتها صراعات سببها أراد الذي تلقّى رسالة احتجاج «شديدة اللهجة» وجهها رئيس تحرير صحيفة «هامة» عن تعامل الرجل «الفظّ» تجاه «صحافي مؤيد لإسرائيل».
وفي محاولة لشرح خطورة أبعاد هذه القضية، أشار مصدر أمني لصحيفة «معاريف» إلى أن المسألة تتعلق «بخلل أمني وقومي»، وإلى أن «شخصاً ما في المكتب لم يقفل فمه». ولفت المصدر نفسه إلى أن «كل رئيس حكومة يخرج لزيارات مصنّفة على أنها سرية، يكون عدد المشاركين فيها قليلين جداً». ورأى أن الخطورة في حالة نتنياهو تكمن في أن «هذه القضية لا تضع مكتب رئيس الحكومة في حالة إرباك مع دول العالم التي يقيم معها علاقات سرية فقط، بل أيضاً يعرّض هذه العلاقات للخطر».
وشرح المصدر الأمني رأيه بالقول إنه «عندما تعتقد هذه الدول أن رئيس الحكومة غير قادر على القيام بصفقات سرية، فإنها تمتنع عن ذلك، وبالتالي يكون الضرر كبيراً وهذا يمكن أن يؤدي إلى فقدان الثقة به من دول غربية وعربية».
وعاد المصدر بالذاكرة إلى حقبات حكم إيهود باراك وأرييل شارون وإيهود أولمرت، إذ حصلت «زيارات وعمليات سرية لم يُكشَف عنها حتى الآن».
ورغم نفي الكرملين لنبأ زيارة نتنياهو، أصرت «يديعوت» على أن الرجل زار موسكو بالفعل. وأجمعت وسائل الإعلام في دولة الاحتلال على إيراد تسلسل للإحداث يشير إلى أن نتنياهو توجه من مقر «الموساد» سراً إلى مطار «بن غوريون»، ومن هناك أقلته طائرة خاصة يملكها رجل الأعمال الإسرائيلي يوسي ميمان، صاحب شركة الطيران «ميرحاف»، إلى هدف غير معلوم لا يزال خاضعاً للتقديرات.