مهدي السيدكشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أمس النقاب عن وثيقة تعود إلى عام 1999، تتحدث عن وساطة حصلت بين إسرائيل وسوريا، أعرب في خلالها رئيس حكومة الدولة العبرية، بنيامين نتنياهو، عن استعداده للانسحاب من الجولان السوري المحتل.
وتضمّنت الوثيقة المذكورة، التي نفى كل من صاحبها و«بيبي» صحتها، رسالة نقلها رجل الأعمال اليهودي ـــــ الأميركي، السفير الأميركي لدى دولة الاحتلال في حينها، رون لاودر، إلى الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، وتضمنت تعهداً إسرائيلياً بالانسحاب من هضبة الجولان إلى خطوط 4 حزيران 1967.
وكان لاودر، المقرب من «بيبي»، قد تولى بطلب من هذا الأخير، مهمة التفاوض مع الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، حول الانسحاب من الجولان. ويدحض مضمون «وثيقة لاودر»، في ما لو صحّ مضمونها، ما يكرره نتنياهو عن عدم موافقته في أي يوم من الأيام على الانسحاب من الهضبة السورية المحتلة. وأوضحت «يديعوت» أن هذه الوثيقة ستُنشَر في كتاب جديد سيصدر في الأسبوع الجاري تحت عنوان «شريك في السر ـــــ من سييرت همتكال إلى الموساد»، من تأليف رئيس جهاز «الموساد» في خلال الولاية الأولى لنتنياهو، داني ياتوم.
موراتينوس لبيريز:
الأسد أكثر تفاؤلاً تجاه فرص بدء المفاوضات
وتشير الصحيفة نفسها إلى أنه، طوال السنوات الماضية، لم يطّلع على هذه الوثيقة سوى أشخاص قليلين، لأنه تم الحفاظ عليها بعيدة عن المتناول في خزانة وزارة الدفاع. وتتضمن الوثيقة ثمانية بنود، ينص أولها على أن «تنسحب إسرائيل من الأراضي السورية التي احتلت عام 1967 ـــــ وفقاً لقرارات مجلس الأمن 242 و338 التي تضمن حق جميع الدول بحدود آمنة ومعروفة في إطار صيغة الأرض مقابل السلام». ويوضح البند الأول نفسه أنه «سيكون الانسحاب إلى حدود متفق عليها تستند إلى حدود 4 حزيران 1967، ويُقسَّم إلى 3 مراحل، تستكمل بعد سنة ونصف من توقيع الاتفاق، على أن يبدأ التطبيع بعد المرحلة الثالثة، بينما يتم الإعلان عن نهاية حالة الحرب بين الدولتين في المرحلة الأولى من الانسحاب».
وبحسب مضمون الوثيقة، فإنّ لاودر جزم بأنّه في مقابل الانسحاب من الجولان، وافق السوريون على نصب محطة إنذار مبكر أميركية ـــــ فرنسية في جبل الشيخ لمدة عشر سنوات.
بدوره، قال ياتوم، في مقابلة أجرتها معه «يديعوت» وتنشرها اليوم، إنه «بالنسبة للاودر، تحقق هذا التفاهم بين الأسد ونتنياهو بفضله، وذلك في لقاءاته مع الأسد».
وقد أثار نشر أجزاء من «وثيقة لاودر»، ردود فعل عديدة في الدولة العبرية؛ وكان الأبرز نفي مكتب نتنياهو صحة الوثيقة من ناحية موافقته على انسحاب كامل من هضبة الجولان. ونقلت «يديعوت» عن مكتبه أن «من المؤسف أن يكرر داني ياتوم مرة أخرى أحداثاً وادّعاءات لم تحصل أبداً». وجاء في الردّ أنّ «رئيس الحكومة لم يعطِ أبداً موافقته على انسحاب إلى خطوط 4 حزيران 1967، لا مباشرة ولا من خلال أي مبعوث كان». وتابع أنه «بعد تسلُّم نتنياهو منصب رئاسة الوزراء في عام 1996، عمل على الفور كي يوضح بأن حكومته غير ملزمة بالانسحاب من هضبة الجولان، وهذه ليست سياسته».
غير أنّ مكتب رئاسة الحكومة اعترف بأنّ «بيبي» أدار في الماضي «اتصالات سياسية مع دمشق»، مشيراً إلى أنه سيكون اليوم أيضاً «مستعداً للوصول إلى أي مكان في العالم كي يحثّ المفاوضات للسلام مع سوريا من دون شروط مسبقة».
إلا أنّ النفي الأوضح ورد من لاودر، صاحب الوثيقة، إذ نقلت «يديعوت» عن المتحدث باسمه قوله إن «الادعاء وكأن السيد لاودر تعهد بانسحاب كامل من هضبة الجولان هو كذب». وعن الرسالة التي تبادلها لاودر مع كلينتون، لفت المتحدث إلى أن لاودر «تبادل بالفعل مراسلات مع الرئيس الأميركي، بما فيها رسائل تضمنت الأفكار التي تم تباحثها مع السوريين»، قبل أن يوضح بأن الحديث «يدور عن مراسلات شخصية بينه وبين الرئيس، ولذلك لا ينوي التعليق على مضمونها».
وبعيداً عن الوثيقة التاريخية، فقد تلقى الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز «رسالة إيجابية» من الرئيس السوري بشار الأسد، نقلها إليه وزير الخارجية الإسباني ميغيل انخيل موراتينوس، الذي وصل مساء أول من أمس إلى تل أبيب قادماً من دمشق.
وبحسب موقع «واي نت»، فقد أبلغ موراتينوس بيريز مضمون الرسالة خلال اللقاء الذي جمعهما. ووفق موراتينوس، فإن الأسد «أكثر تفاؤلاً تجاه فرص بدء المفاوضات السياسية مع إسرائيل».
يُشار إلى أن موراتينوس قد ألغى لقاءه الذي كان مرتقباً اليوم مع وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، وذلك بهدف الاجتماع مع الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز الذي يزور مدريد يوم غد. ونُقل عن موراتينوس قوله إن رئيس حكومته خوسيه لويس ثاباتيرو طلب منه العودة إلى مدريد استعداداً لزيارة الرئيس الفنزويلي.