Strong>النفق لن يُنجَز قبل نهاية 2010... والخسائر ضخمة!يُسهم إنشاء نفق البربير الجديد في الحدّ من زحمة السير الشهيرة على كورنيش المزرعة، إلا أن الأشغال الجارية، التي ستستمر إلى نهاية عام 2010، تكبّد التجار والمؤسسات، ولا سيما البسطات القائمة قرب الجسر القديم، خسائر فادحة ناجمة عن قطع الطرقات والغبار وانتشار الحفر على أبواب المؤسسات

رشا أبو زكي
زحمة سير خانقة، حفر تأكل الطرقات، أما رائحة الوحل الممزوج بدخان الشاحنات فيقطع أنفاس كل من يحاول أن يمرّ قرب جسر البربير القديم... هنا المحالّ خالية إلا من آثار الغبار المتناثر من الورشة، وأصحاب هذه المحالّ، العتيقة بمعظمها، يجلسون من دون عمل، يتسامرون، يحاولون الاستعانة ببعضهم لحلّ الكلمات المتقاطعة، ويراقبون عمال الورشة... وهم يفعلون كل ما يمكن فعله لنسيان خسائرهم المتزايدة وتراجع مبيعاتهم بنسبة كبيرة جداً، بسبب الحصار الرملي الذي لن ينتهي قبل عام من الآن! فمنذ 7 أشهر أُغلق الطريق الواقع على يسار الجسر، وحُوِّل السير إلى الطرقات الفرعية في المنطقة. ومنذ شهر فُتحت هذه الجهة جزئياً لتُغلق الجهة اليمنى من الجسر (باتجاه المتحف)، ما أثّر سلباً على منطقة تضم عدداً كبيراً من الأسواق المعروفة، ومنها سوق البربير الشعبي وسوق المزرعة وسوق بربور وسوق البهارات، وسوق الذهب...

طبيعة المشروع

يشرف مجلس الإنماء والإعمار على مشروع تحسين البنى التحتية في منطقة البربير، وتتضمن الأشغال إزالة الجسر الحديدي القديم، الذي اتخذ صفة «المؤقّت» عشرات السنين ولم يعد صالحاً للصيانة، واستبداله بنفق. وتشمل الأشغال منطقة واسعة تحيط بالجسر تمتد غرباً من مدخل حيّ الطمليس وصولاً إلى جادة بشارة الخوري شرقاً، وسيوفّر النفق الجديد، وهو بطول 236 متراً، مسارب نحو حيّ البسطة من جهة، ونحو الطريق الجديدة ومستشفى المقاصد من جهة أخرى.
ويأتي هذا المشروع ضمن مشروع النقل الحضري في بيروت الكبرى، وقد تعاقد مجلس الإنماء والإعمار مع شركة الاتحاد للهندسة والتجارة لتنفيذه. ويشير مصدر متابع لأعمال الورشة إلى أن شركة الاتحاد تسلمت الموقع في شهر شباط الماضي، على أن تعيد تسليمه في نهاية عام 2011. ويؤكد المصدر أن الشركة تحاول إنهاء المشروع قبل سنة من المدة المحددة بالعقد، موضحاً أن مشروع البربير ينقسم إلى جزأين: الأول يتعلق بتحسين البنى التحتية عبر فصل مجاري مياه الأمطار عن قنوات الصرف الصحي، من خلال وضع «قساطل» عرضها يراوح بين 700 و1200 سنتيمتر، وتنتهي أشغال هذا الجزء في كانون الأول من عام 2009، وحينها تصبح الطريق سالكة للسيارات من الجهتين الموازيتين لجسر البربير. أما الجزء الثاني من المشروع فهو يتعلق بإجراء تغييرات على البنى الفوقية، بحيث توضَع جدران جاهزة تسهّل إنهاء المشروع فور تفكيك الجسر القائم، على أن ينتهي وضع الجدران خلال شهرين من الآن، فيما يُنجَز النفق في شهر أيلول من عام 2010، أي قبل المهلة المحددة في العقد في نهاية عام 2011.
إلا أن الإسراع في إنجاز المشروع لا يمحو معالم النكبة التي حلّت بالأسواق والمحالّ والبسطات المنتشرة في موقع المشروع، علماً بأن أبناء المنطقة وتجّارها ينظرون إلى المشروع باعتباره حاجة تخلق ماسي كثيرة... فصاحب «مطعم ربابة» تيسير ربابة كان مغترباً في الولايات المتحدة الأميركية، وقرر العودة إلى لبنان ليفتتح مطعمه في الأول من كانون الثاني من العام الحالي، وإذا بمشروع جسر البربير ينطلق بحفرياته في اليوم الخامس عشر من شباط، فأغلقت الطرقات المؤدية إلى المطعم نهائياً، لتصل خسائره إلى 120 مليون ليرة، ويلفت ربابة إلى أنه رفع كتاباً إلى كل من رئيس الجمهورية ميشال سليمان ووزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي يطالب بالتعويض، ووقّعه أصحاب جميع المحالّ والبسطات المتضررة من المشروع، إلا أن «العريضي جاء إلى المنطقة واطلع على سير العمل في المشروع من دون أن يبحث مطالب المتضررين».
وتقول المسؤولة عن محل المصري لأدوات المطبخ رانيا المصري إن بدء الحفريات تلى افتتاح هذه المحالّ مباشرة، فمُنيت المؤسسة بخسائر كبيرة ناتجة من عدم القدرة على اجتذاب الزبائن، «إذ لا تستطيع السيارات التوقف ولو للحظة أمام المحالّ».

أزمات متواصلة

والمشاكل هذه تلفّ جميع محالّ المنطقة المحيطة بجسر البربير. ويقول محمد أبو القطع مدير مطعم Pain D or ، إن محله موجود في المنطقة منذ أكثر من 20 عاماً، وكان فرع البربير من أفضل الفروع في لبنان، إلا أن تصنيفه تراجع خلال العام الماضي، والسبب يعود إلى تراجع مبيعاته إلى 50 في المئة بسبب الحفريات التي أكلت الطريق المواجه للمحل. وكذلك احتلت الحفريات واجهة محل الديماسي للحلويات، ما أثر على مبيعاته حوالى 30 في المئة بحسب صاحب المحل عماد الديماسي الذي يلفت إلى أن المحل يعتمد مناصفة على زبائن المنطقة وعلى «عابري الطريق»، إلا أن إغلاق الطريق أثر كثيراً على الفئة الثانية وقلص عددها، مشيراً إلى أن المشروع مفيد للمنطقة في المستقبل.
أما شركة الخطيب لبيع السجاد والبياضات المنزلية فتتعايش مع مآسي المنطقة منذ عام 1969، إلا أن المسؤول عن الشركة يوسف الخطيب يشير إلى أن هذا العام يضاف إلى أسوأ الأعوام التي مرت على الشركة. فالحفريات أدت إلى خفض المبيعات لتصل إلى 10 في المئة من قدرة المحل الإنتاجية، لافتاً إلى أن انتشار اللافتات التي تشير إلى أن طريق البربير مقطوع حتى بعد فتحه من جهة واحدة، لا تشجّع الزبائن على العودة إلى الشارع.
وأدّت الأشغال الحالية إلى إقفال المداخل إلى سوق البربير الشعبي نهائياً ومن كل الجهات، ويشير عبد عيسى، أحد أصحاب محالّ الألبسة، إلى أن العمل متوقف كلياً، وأصحاب المحالّ يفتحون محالّهم لكي لا يجلسوا في منازلهم. وشكوى محمد قاروط الموجود في السوق منذ عام 1989 مشابهة، إذ إن الحركة تراجعت 90 في المئة في محل العطورات الذي يملكه.
أما نعيم صبرا، صاحب مكتبة صبرا، فيشغل نفسه بحلّ «الكلمات المتقاطعة»، إذ يقول: «الآن لا يوجد قطة تمر من أمامنا، ومبيعاتنا تراجعت بين 80 و90 في المئة». أمّا أبو حسن، الذي يملك بسطة لبيع الساعات منذ 20 سنة، فيشير إلى أن الغبار يأكل البضائع، والزبائن لا يمرون من هنا. كنت أبيع بنحو 50 ألفاً إلى 100 ألف ليرة يومياً، الآن لا يتعدى المبيع 20 ألف ليرة في أحسن الأحوال».


236 متراً

هو الطول الإجمالي للنفق الذي سيُنَفَّذ في البربير، وهو عبارة عن جزء مسقوف في وسط النفق طوله 62 متراً وجزء مكشوف طوله 78 متراً من الغرب و95 متراً من الشرق

16 شهراً

هي المدة اللازمة لإنشاء النفق التي تتضمن تحويل خط الكهرباء (توتر عالٍ) لكونه يتعارض فنياً مع إنشاء النفق، وهذا الإجراء لا يزال محور خلاف مع مؤسسة الكهرباء.


محلّ محاصَر بالتراب!