حيفا ــ فراس خطيبيواجه حزب «التجمع الوطني الديموقراطي»، منذ نشأته منتصف تسعينيات القرن الماضي، ملاحقة سياسية من المؤسسة الإسرائيلية. اتخذت هذه الملاحقة أشكالاً عديدة، منها «الدستورية» و«الأمنية». ملاحقة بدأت بمحاكمة مؤسس الحزب ورئيسه عزمي بشارة على قضايا دستورية، وانتهت بمحاولة اتهامه بقضايا أمنية خطيرة تخرج المؤسسة الأمنية منها «رابحة» على الدوام.
لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد ازدادت وتيرة التضييق على الحزب والهجوم عليه في الآونة الأخيرة، إذ تعرض عدد كبير من شبيبة الحزب ونشطائه في العامين الأخيرين لتحقيقات استخبارية «كان هدفها ترهيبياً لثنيهم عن نشاطهم السياسي»، كما يشرح الحزب.
وترى النائبة حنين زعبي، في حديث لـ«الأخبار»، أنَّ استهداف «التجمع» يأتي لكونه «يطرح مشروعاً سياسياً يتصادم مع يهودية الدولة ويطرح مشروع دولة كل مواطنيها». وتشدّد زعبي، وهي المرأة العربية الأولى التي تدخل الكنيست ضمن حزب عربي، أنَّه جرت محاولات عديدة ومكثفة لإخراج «التجمع» عن القانون، ومحاولات لإسقاطه بوصفه خياراً جماهيرياً «والمحاولتان فشلتا».
ويؤكد رئيس الكتلة البرلمانية للتجمع، جمال زحالقة، أن التجمع وعزمي بشارة «يتعرضان لملاحقة سياسية منذ سنوات بسبب التحدي القومي الديموقراطي الذي فرضاه على المؤسسة الصهيونية، وتلفيق التهم الأمنية هو جزء من الملاحقة السياسية».
أمّا عنوان الأمس فكان حلقة أخرى، حيث عقدت لجنة «رقابة الدولة» في الكنيست الإسرائيلي جلسة لبحث نشاط الحزب وإمكان وقف حصوله على التمويل وفق قانون الأحزاب بادعاء تمويله «أنشطة ومؤتمرات معادية».
وجاءت المبادرة لهذه الجلسة في أعقاب تقديم لائحة اتهام ضد الشاب راوي سلطاني، بشبهة التعاون مع حزب الله اللبناني. وشنَّ أعضاء الكنيست من الأحزاب الصهيونية هجوماً عنيفاً على «التجمع»، متهمين إياه بإقامة «علاقات مع تنظيمات إرهابية».
وافتتح رئيس لجنة «رقابة الدولة» من حزب «كاديما»، يوئيل حسون، الجلسة بقوله إن «نشاط التجمع له صلة مع جهات إرهابية». تلاه رئيس لجنة الكنيست يريف ليفين (ليكود)، بقوله إن «التجمع هو موقع استخباري أمامي لحزب الله، ولا يمكن السماح لذلك بأن يستمر، فإنّ هدفهم هو تدمير دولة إسرائيل».
أمّا عضو الكنيست اليميني المتطرف، آريه إلداد، فقال: «لا مكان في دولة إسرائيل لقوميين عرب، ومن لا يرغب العيش في دولة يهودية فعليه مغادرتها»، مشيراً إلى أنَّ التجمع «هو الذراع السياسية للتنظيمات الأرهابية» في الخارج. وأعرب أعضاء اليمين عن عزمهم على إجراء تغييرات قانونية لوضع «التجمع» خارج القانون.
وفي تعقيبه، قال زحالقة «إنَّ التجمع حزب سياسي شرعي يعمل وفق القانون»، مضيفًا أنَّ «الحزب ملتزم برنامجه السياسي ويثقف شبيبته على العزة القومية والنضال السياسي الجماهيري الذي

«التجمع موقع استخباريّ أماميّ لحزب الله هدفه تدمير دولة إسرائيل»
ليس له أي بعد أمني». ورأى أنَّ الحملة على التجمع «محاولة معادية للديموقراطية بهدف ضربه لأسباب سياسية».
وقال زحالقة: «ليس سراً أننا لسنا صهاينة، وليس سراً أننا ضد الصهيونية، ولا يسدي لنا أحد معروفاً من خلال تمثيلنا في الكنيست، فمواطنتنا نابعة من كوننا أهل البلاد الأصليين»، مضيفاً: «نحن حزب له مواقف سياسية واضحة، وإذا كانت هذه المواقف تغضبكم، فلتغضبوا. فالعنصري يغضبه الحديث عن المساواة بين البشر، والمحتل يغضبه النضال ضد الاحتلال والشوفيني المتطرف يغضبه الحديث عن حقوق الشعوب».
ويرى الأمين العام للتجمع الوطني الديموقراطي، عوض عبد الفتاح، «أنَّ هناك أوساطاً إسرائيلية واسعة تتربص بالتجمع لاستغلال كل قضية لتضخيمها وربطها به. وخاصة أن هناك شغفاً وأُمنية لإزاحة التجمع عن الساحة السياسية في الداخل». وأوضح، لـ«الأخبار»، أن ما يجري اليوم هو «تتمة للحملة التي بدأت تُشن على التجمع منذ السنوات الأولى. بعدما تبين حجم التحدي الأيديولوجي الذي يطرحه هذا الحزب. وهو تحدٍّ لا تستطيع أن تصمد أمامه الصهيونية بسبب فكرها العنصري والكولونيالي».
ويضيف عبد الفتاح أن هذا يندرج ضمن «سياسة التصعيد تجاه فلسطينيي الـ 48 ككل، بسبب انتشار هذا الخطاب السياسي بين هذه الجماهير. فصار العرب بنظر المؤسسة خطراً أمنياً، لا خطراً ديموغرافياً فقط».
من ناحيته، قال النائب سعيد نفاع إن كل أنشطة التجمع شرعية وإن سجلاته المالية مكشوفة أمام مراقب الدولة. ونفى أن يكون التجمع قد موَّل مشاركة أعضاء شبيبة التجمع في مؤتمر الشباب القومي في المغرب، مضيفاً أنَّ الإدعاءات عن نشاطات التجمع بحثت في السابق أمام المحكمة العليا، وأن النقاش اليوم دوافعه سياسية تحريضية نابعة من كراهية وعداء للعرب. وأكد نفاع أن التحريض والملاحقة السياسة المستمرة ضد التجمع لن تغير من مواقفه السياسية.