Strong>الكوتا تسمح بتصدير 50 ألف طن بطاطا والنتيجة صفرعلى الرغم من مرور 6 سنوات على بدء تنفيذ اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، لا تزال الصادرات إلى دول الاتحاد تمثل 1.2% فقط من مجمل صادرات الزراعة اللبنانية، علماً بأن هذه الاتفاقية منحت لبنان «كوتا» لتصدير منتجاته، والحجّة أن المزارع لم يتعلّم كيف ينتج سلعة بالمواصفات المطلوبة

محمد وهبة
لا يزال التصدير الزراعي إلى الدول الأوروبية هزيلاً، على الرغم من أن لبنان حصل بموجب اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي على بعض الإعفاءات والاستثناءات، إلا أنه لم يبذل أي جهد للاستفادة منها بعد مرور أكثر من 6 سنوات على دخول الاتفاقية حيّز التنفيذ.
هذا النوع من التصدير يعتبر حاجة للمزارع اللبناني نظراً إلى مستويات أسعار مبيع هذه المنتجات المرتفعة في أوروبا، إلا أن دعم التصدير الزراعي عموماً لم يتحوّل إلى أولوية لدى الحكومات المتعاقبة، فهي لم تهتم بالاستثمار في المنشآت التي يحتاجها والمختبرات ومراكز التوضيب والأبحاث الزراعية والإرشاد والتدريب ومراقبة موزّعي المبيدات... كما لم تهتم بخفض كلفة الإنتاج وكلفة التصدير.
وتتعزز هذه الصورة السلبية بالمؤشرات، إذ إن الصادرات إلى دول أوروبا لا تتجاوز 1.27% من مجمل صادرات الخضر والفاكهة اللبنانية في عام 2008، وتبلغ 1.57% من مجمل الصادرات الزراعية المدعومة عبر برنامج «إكسبورت بلاس». وتشير الإحصاءات إلى أن تصدير الفاكهة والخضر إلى أوروبا مثّل نسبة ضئيلة من مجمل الصادرات الزراعية اللبنانية على مدى السنوات الماضية، إذ بلغت 2.75% في عام 2005، و2% في عام 2006، و 3% في عام 2007، وتراجعت إلى 1.27% في عام 2008.

سوق متطلبة

يقول المدير العام لوزارة الزراعة سمير الشامي، إن السوق الأوروبية متطلبة في ما خص مواصفات المنتجات الزراعية، لكن المزارعين والتجار اللبنانيين ما زالوا غير ملمّين بها، ولا سيّما لجهة نسبة المبيدات المترسبة، إذ إن غالبية البضائع التي رُفضت على الحدود الأوروبية تم تعليل سبب منع دخولها إلى الأسواق بوجود نسبة مرتفعة من الترسّبات السامّة الناتجة من المبيدات الزراعية.
ينتج لبنان أنواعاً من الكرز لا تضاهى أوروبياً خلال تموز وآب
هذا الأمر بات مصدر قلق أساسياً، ولا سيما في ظل التراجع الدراماتيكي لمجمل الصادرات اللبنانية إلى كل المناطق، علماً بأنه يتخذ وقعاً أقسى في الحالة الأوروبية نظراً إلى أن دول الاتحاد الأوروبي تفرض مواصفات مرتفعة جداً للسلع المصدّرة وأن تكون نخب أول، وموضّبة ومغلّفة خصوصاً، عدا عن إجراء فحص لبقايا المبيدات يتناسب مع النسب المقبولة لدى هذه الدول.
ويقول المصدّرون إن لبنان كان يمكن أن يستفيد أكثر من «الكوتا» الممنوحة له لتصدير بعض المنتجات الزراعية، مثل البطاطا، البندورة، والليمون والمشمش... وكان يمكن أن يستفيد من ارتفاع أسعار هذه المنتجات في أوروبا لتحقيق نسبة ربحية تفوق النسب المحققة محلياً أو في أسواق الخليج، إلا أن ذلك يحتاج إلى بذل جهود من أجل دعم قدرات المزارع اللبناني ومساعدته على الالتزام بالمواصفات وخفض كلفة إنتاجه المرتفعة جداً بالمقارنة مع الدول المنافسة الأخرى.

الشحن أساسي أيضاً

وبحسب الشامي، يمكن لبنان أن يصدّر كميات كبيرة من المشمش والتفاح والبطاطا والحمضيات وكل أنواع الخضر... إلا أن العوائق كبيرة في ما خصّ كل صنف، فالفحوص تشير إلى نسبة مرتفعة من المبيدات في التفاح، ولا يزال تصدير البطاطا «مُحاصراً» بما يشاع عن مرض العفن البني، وبالنسبة إلى الحمضيات نحتاج إلى مراكز توضيب وتغليف بمستوى عالٍ يتلاءم مع المواصفات المطلوبة أوروبياً.
إلا أن هذه الأسباب ليست الوحيدة التي تحول دون استفادة لبنان من «الكوتا»، فخلال السنوات الخمس الأخيرة، ظهرت عوائق من نوع آخر، وهي تطال مجمل الصادرات الزراعية، لا فقط الموجّهة إلى الأسواق الأوروبية. فعلى سبيل المثال، يتطلب التصدير الزراعي إلى الدول الأوروبية وسائل شحن مناسبة. ويشير رئيس اللجنة الزراعية في غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان رفلة دبانة، إلى أن «هذه من المشاكل الرئيسية، فالبواخر المبرّدة المخصصة لنقل الإنتاج الزراعي ليست متوافرة بطريقة متواصلة من لبنان باتجاه أوروبا، وحتى تاريخ اليوم ليس هناك مستودعات مبرّدة في مطار بيروت لحفظ الإنتاج المعدّ للتصدير جواً، وبالتالي تستقرّ الكميات في الشمس لفترة طويلة قبل بلوغها مقصدها، ما يعرّضها للتلف».
ويعتقد دبانة أن «المزارع اللبناني غير مجهّز بعد ليطبّق كل المواصفات الأوروبية، لكننا نعمل على تدريبه لهذه الغاية وفقاً لبرنامج «غلوبال غاب»، فهذه المواصفات دقيقة جداً وصعبة، إلا أنها ليست مستحيلة».

الفرص المهدورة

المعروف أن الصنف الأكثر تصديراً إلى أوروبا هو الكرز، إذ ينتج لبنان «أنواعاً لا تضاهى أوروبياً ولا سيما في شهري تموز وآب»، إلا أن دبانة يلحظ أيضاً الفرص المهدورة من فروقات الفصول لبيع منتجات أخرى بأسعار خيالية، «مثل العنب المنتج قبل شهر نيسان الذي يمكن أن يباع في بعض دول أوروبا خارج الموسم، وقد خُصِّص لنا تصدير 50 ألف طن بطاطا عبر «الكوتا» لم نستفد بكيلوغرام واحد منها، فيما لا نزال ننافس في أسواق المنطقة بكلفة مرتفعة». وما عزز سياسة هدر الفرص، ثقافة العداء للزراعة، ففي عهد وزير الاقتصاد السابق سامي حداد، وافق رئيس الحكومة فؤاد السنيورة على الإلغاء التدريجي لبرنامج دعم الصادرات الزراعية «اكسبورت بلاس» ليتوقف كلياً في 2011، فوضعه على المقصلة وأُوقف العمل به لمدة 41 يوماً في 2008، علماً بأن الصادرات الزراعية إلى أوروبا عبر البرنامج المذكور لم تكن جيدة أصلاً، إذ صدّر لبنان عبر «إكسبورت بلاس» إلى دول أوروبا 7019 طناً في عام 2008، أي ما يوازي 1.57 في المئة من مجمل التصدير المدعوم في عام 2008 والبالغ 446778 طناً.
ولذلك يرى دبانة أننا «نحتاج إلى تطوير قدرات المزارع وإجراء خفوضات جمركية، لأن كلفة الإنتاج لدينا مرتفعة تاريخياً مقارنة مع دول المحيط، ولم تعد زراعتنا محمية بعد إنشاء منطقة التجارة العربية الحرة».


357.27 مليون يورو

هي قيمة مجمل صادرات لبنان باتجاه أوروبا في عام 2008 وفقاً للميزان التجاري بين لبنان والدول الأوروبية الـ27، في مقابل استيراد بقيمة 3.885 مليارات يورو، منها تصدير بقيمة 3.947 ملايين يورو لنحو 3.140 ملايين طن من الخُضَر والفاكهة


الكوتا الأوروبية للبنان